اقرأ في هذا المقال
- انتشار الطاعون لم يؤدِّ دورًا في انهيار الإمبراطورية الرومانية
- الحروب مع الفرس والعرب أدت إلى تقويض الإمبراطورية الرومانية
- كانت الإمبراطورية الرومانية مستقرة خلال القرن الـ6
- تسببت الفتوحات الإسلامية في ضعف الإمبراطورية الرومانية
نفت دراسة بحثية حديثة أن يكون لتداعيات تغير المناخ أو حتى انتشار الطاعون دور في أفول نجم الإمبراطورية الرومانية بحلول القرن الـ6 الميلادي، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وطعنت الدراسة -أيضًا- في النظرية السائدة القائلة، إن الإمبراطورية الرومانية كانت آخذة في الانهيار في الأصل بحلول القرن الـ6، مؤكدة أنها بدلًا من ذلك كانت مزدهرة ومستقرة اقتصاديًا، بل وتشهد نموًا سكانيًا كبيرًا في نهاية تلك الحقبة.
ورجّحت الدراسة الأوروبية أن تكون الهزائم العسكرية وفقدان طرق التجارة، وليس تغير المناخ، هي العوامل الرئيسة في ضعف الإمبراطورية الرومانية.
فقد تسببت الحروب التي خاضتها الإمبراطورية الرومانية مع العرب والفرس لسنوات في تراجعها اقتصاديًا، إلى جانب خساراتها أراضٍ كثيرة تابعة لها؛ ما أدى في نهاية المطاف إلى ضعفها وانهيارها.
تحليلات ونتائج
حلّلت الدراسة المنشورة في دورية كليو (Klio) بوساطة الباحثين هاغاي أولشانيتسكي من جامعة وارسو وليف كوسيينز إمن جامعة أكسفورد، الأسباب الحقيقة وراء انهيار الإمبراطورية الرومانية، نافيةً أن أن يكون السبب في ذلك هو عوامل طبيعية مثل العصر الجليدي الصغير المتأخر (لاليا) وطاعون جستنيان.
وخلصت الدراسة إلى أن الإمبراطورية الرومانية ربما تكون قد شهدت طفرة سكانية خلال المدة الزمنية المذكورة.
وراجع أولشانيتسكي وكوسيينز أدلة أثرية متاحة، معتمدين على بيانات مستقاة من المستوطنات وحطام السفن وأنماط التجارة السائدة في منطقة البحر المتوسط.
واستنادًا إلى تلك التحليلات، استقر الباحثان على أن تغير المناخ أو الطاعون لم يكن لهما دور يُذكر بسقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الـ6، كما زعم بعض المؤرخين.
لكن الباحثَين قالا، إن أسباب تراجع الإمبراطورية الرومانية ربما تتعلق أكثر بعوامل بشرية وعسكرية، لا سيما في القرن السابع الميلادي، حينما واجهت الإمبراطورية غزوات الفرس وتوسُّع رقعة الدولة الإسلامية.
وأوضحت الدراسة أن التدخل البشري -لا سيما في شكل الحروب- غالبًا ما يُنسب إليه ضعف الإمبراطوريات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
مقترحات جديدة
حتى قرابة 40 سنة مضت، كانت البحوث التاريخية تتركز على الاعتقاد الخاص بالتدخل البشري المذكور، غير أنه في العقود الأخيرة ظهرت مقترحات جديدة تعزو صعود الإمبراطوريات وهبوطها إلى تغير المناخ وانتشار الأوبئة.
ويعتقد بعضهم أن الحرب بين الفرس والروم التي استمرت خلال المدة من 602 إلى 628 ميلاديًا، والفتح الإسلامي بعد موقعة اليرموك في عام 636 ميلاديًا، ليست الأسباب الوحيدة في ضعف الإمبراطورية الرومانية.
ويرى أنصار هذا الرأي أنّ تغيُّر المناخ، وتحديدًا مدة التبريد الطويلة خلال العصر الجليدي الصغير المتأخر (لاليا)، خلال المدة من عام 536 إلى 660 ميلاديًا، وتفشّي طاعون جستنيان، قد تسبّبا في تراجع أعداد السكان؛ ما أثّر بدوره في الزراعة والتجارة، وقوّض هيكل الإمبراطورية الرومانية.
لكن أولشانيتسكي وكوسيينز يشككان في هذا الاعتقاد، مشيريَن إلى أن الأدلة الأثرية المستعمَلة لدعم تلك النظريات محدودة، وغالبًا تكون جزئية.
وبحسب نتائجهما، يشير العديد من الدراسات حول المستوطنات وأنماط التجارة في البحر المتوسط إلى استمرار الإمبراطورية في القرن الـ6، بل وحتى إلى توسُّع محتمل.
ويعتمد هذا الرأي الجديد على البيانات الكلية والجزئية: فمن ناحية: يحلل التجارة في البحر الأبيض المتوسط من خلال حطام السفن، ومن ناحية أخرى: بفحص مواقع أثرية محددة، مثل مدينة بئر السبع في صحراء النقب جنوب فلسطين.
وأظهر البحث أنه لم يكن هناك تراجع في أعداد السكان أو حتى انهيار اقتصادي، ولكن ربما كان هناك إمكان للمحافظة على النشاط الزراعي، بل حتى زيادته في منطقة شرق البحر المتوسط خلال القرن الـ6.
تغير المناخ
بخصوص آثار تغير المناخ، أشارت الدراسة إلى أن برودة الطقس خلال أواخر العصر الجليدي الصغير المتأخر (لاليا) ربما كانت أقل قسوة بكثير في مناطق الإمبراطورية الرومانية.
وعلى الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن متوسط درجات الحرارة السنوية في خطوط العرض العليا في نصف الكرة الشمالي انخفض بنحو 1.6 درجة مئوية، فإن التأثيرات في المناطق الواقعة في نصف الكرة الجنوبي، مثل مصر وجنوب فلسطين، ينبغي أن تكون أكثر اعتدالًا، في ضوء انخفاض بنحو 0.25 درجة مئوية فقط.
ووفق مصادر تاريخية، أكد مؤلّفا الدراسة أن التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ والمرتبطة بالغبار البركاني في عام 536 ميلاديًا كانت محدودة وقصيرة الأجل خارج أوروبا.
رواية الطاعون
شكّكت الدراسة التي أجراها الباحثان هاغاي أولشانيتسكي وليف كوسيينز في التداعيات الناجمة عن تأثير طاعون جستنيان، الذي يُعدّ أحد أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ القديم.
ويرى أولشانيتسكي وكوسيينز أن الأدلة الأثرية لا تدعم انهيارًا كارثيًا للسكان في الإمبراطورية بسبب الطاعون، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال أولشانيتسكي وكوسيينز، إن بعض الباحثين قد بالغوا في التأثير المذكور، وأنه لا يوجد هناك دليل دامغ على أن الطاعون قد تسبَّب في تراجع حادّ بأعداد السكان، أو حتى بأزمة اقتصادية لا يمكن تجاوزها.
ويعتقد المؤلفان أن العديد من السجلات الخاصة بـ"تفشّي" طاعون جستنيان في أثناء القرنين التاليين ربما لا تكون سيناريوهات مكررة وحادّة للمرض، بل حالات تفشٍّ بسيطة، أو حتى أمراض أخرى.
إلى جانب ذلك، فإن دراسات حديثة حول الجينات الوراثية للطاعون تدل على أنه ربما يكون قد تفشَّى في أوروبا بوقت أبكر مما يُعتقد؛ مشيرة إلى أنه ربما يكون قد تعايش مع السكان دون أن يتسبب بأزمة سكانية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
1.تغير المناخ ليس له دور في ضعف الإمبراطورية الرومانية خلال القرن السادس الميلادي من مجلة لابروجولافيردي الإسبانية.
0 تعليق