تزداد المخاوف من مخاطر أمن الطاقة في ظل الحديث عن عملية التحول والانتقال، بما يتوافق مع الأهداف المناخية والبيئية العالمية، والتزامات وتعهدات الحكومات والدول وصناع السياسات.
وربما تكون المخاطر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر حدّة، في ظل معادلة صعبة تشمل توافر الإمكانات ونقص الاستثمارات في الوقت ذاته.
واستعرضت مديرة مركز أمن الطاقة والدبلوماسية ومعهد السياسة العالمية، رئيسة شركة "إس في بي إنرجي إنترناشيونال"، الدكتورة سارة فاخشوري، أبرز هذه المخاطر، خلال مشاركتها في المؤتمر الثالث للجمعية الدولية لاقتصادات الطاقة.
وشددت فاخشوري -في إحدى جلسات المؤتمر، الذي استضافه مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) في الرياض، على مدار الأيام القليلة الماضية- على دور المنطقة في معالجة مخاطر أمن الطاقة.
مخاطر أمن الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا
قالت الدكتورة سارة فاخشوري إن مخاطر أمن الطاقة في أسواق المنطقة تضم 5 محاور:
1) حالة عدم اليقين:
رغم حالة عدم اليقين بشأن تأمين خطوات الانتقال ومخاطر أمن الطاقة، فإن الدكتورة سارة فاخشوري أبدت تفاؤلها من إمكان إسهام المنطقة في معالجة المخاطر المحيطة بأمن الإمدادات.
وأوضحت أنه من منظور إستراتيجي فإن حالة عدم اليقين تظهر بوضوح في (بيانات السوق وتوقعاتها).
وفسّرت ذلك بأن كل دولة تتبنّى خريطة طريق لتحول الطاقة خاصة بها، غير أنه في ظل تباطؤ البيانات تسبقها السياسات دون فهم واضح لمتطلبات التحول.
واستشهدت بالتغير السريع في سلوك المستهلك تجاه "الكهربة"، ما يعزّز حالة عدم اليقين.
وأشارت إلى أن أسواق الطاقة تواجه ضغطًا في الطلب، بما في ذلك الطلب على الطاقة المتجددة والمعادن.
2) سردية السوق:
يرتبط اتجاه السوق في الآونة الحالية بـ"السرديات"، التي تحمل الكثير من التفسيرات في ظل وجود "فجوة" بين التوقعات والبيانات المتوفرة، ما يؤثر بدوره في السوق.
وضربت الدكتورة سارة فاخشوري مثالًا بفارق تقديرات نمو الطلب، ما بين توقعات منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية.
وقالت إن توقعات نمو الطلب لا بد أن تراعي متغيرات، مثل: "الحالة الاقتصادية ونمو السكان"، مشيرة إلى أن فجوة البيانات الواسعة تتيح تأويلات وتفسيرات عدة ما بين المأمول والواقع.
ولفتت إلى أن اجتماع تحالف أوبك+ الذي انعقد الأسبوع الماضي، تزامن مع تراجع المخزونات الأميركية -خاصة النفط أو الوقود- إلى أدنى مستوياتها منذ فصل الصيف.
وفي الوقت ذاته، أشارت فاخشوري إلى أنه بالتزامن مع ذلك، تراجعت أسعار النفط، ووُقّعت عقود مستقبلية عدة.
وأوضحت أن هذه المتغيرات دون بيانات موحدة تؤثر في اتجاهات المستثمرين.
3) التقنيات الجديدة:
حذّرت الدكتورة سارة فاخشوري من أن التقنيات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي، تواجه صعوبات في التنبؤ بحجم الطلب الخاص بها، وإدراجها بالتوقعات المؤثرة في السوق.
وأوضحت أن شركات الكهرباء الأميركية لا تملك بيانات ومعلومات حول كميات الكهرباء المطلوب توزيعها مستقبلًا، إذ إن حجم الطلب المحدد للتقنيات الجديدة ما زال مقتصرًا على مراكز البيانات، ولا يشمل أدوات الذكاء الاصطناعي بالكامل.
واستشهدت بولاية فيرجينيا التي تحتاج إلى نحو 24 غيغاواط إضافية لتلبية طلب مراكز البيانات -فقط- على الكهرباء، بحلول عام 2034.
وتعادل هذه الكميات إنتاج ما يتراوح بين 26 و30 محطة طاقة نووية، ما يعكس الانتقال السريع باتجاه عالم أكثر نظافة واستدامة مصحوبًا بحالة من "عدم اليقين".
4) عدالة الطاقة:
شددت الدكتورة سارة فاخشوري على أن عدالة توزيع الموارد أمر صعب في ظل "فقر الطاقة" وصعوبة الوصول، والعلاقة بين الطاقة والغذاء.
وقالت إنه يتعيّن التفكير جيدًا في العلاقة بينهما في ظل مطالبات إزالة الكربون التي تؤثر سلبًا في توافر الأسمدة.
واستشهدت بما عانته دولة "مدغشقر" في أفريقيا التي حاولت تعويض نقص الأسمدة بإزالة الغابات.
5) حساب الكربون:
أكدت الدكتورة سارة فاخشوري أن حساب الكربون يُعد أحد أبرز مخاطر أمن الطاقة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأوضحت أن الدول المنتجة أو التي تلجأ إلى تحلية المياه، أو غيرها من الأنشطة الأساسية الأخرى، تحتاج إلى طريقة واضحة لحساب الكربون مقارنة بالمناطق والصناعات الأخرى.
وأشارت إلى أن السعودية ودول المنطقة يتعيّن عليهم تأدية دور مهم في هذا الشأن، لضمان إنتاج كهرباء -خضراء أو نظيفة- بتكلفة أقل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق