نبه التقرير السنوي للمرصد المغربي للسجون إلى الارتفاع المتزايد في نسبة الاعتقال الاحتياطي في المغرب، إذ بلغت 45% من إجمالي السجناء البالغ عددهم 84393 حتى أكتوبر الماضي، وهي الأعلى منذ 2011.
وأوضح التقرير أن الاعتقال الاحتياطي، الذي يفترض أن يكون استثناء، تحول إلى قاعدة، مما يفاقم اكتظاظ السجون، رغم التحذيرات الحقوقية والتوصيات بتقليصه.
وشدد المرصد على ضرورة احترام قرينة البراءة وتعزيز حقوق الدفاع، مع وضع ضوابط لتقييد قرارات الاعتقال وضمان الطعن فيها. ودعا إلى تفعيل العقوبات البديلة، وتحسين تطبيق الإفراج المقيد بشروط كحل للحد من الاكتظاظ وتحسين أوضاع السجون.
في هذا الإطار، قال عبد الله مسداد، الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون، إنه “لا يمكن إنكار أن هناك جهودا بذلت لتحسين الوضع، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة وتعتبر واحدة من الأسباب الرئيسية للاكتظاظ في السجون”.
وأكد مسداد، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الأرقام عرفت تراجعا بشكل طفيف”، مشيرا إلى أنه “يجب التأكيد على أن إجراء الإيداع بالسجن لا ينبغي أن يكون الخيار الوحيد المتاح. من المهم النظر في بدائل أخرى، مثل ضمانات الحضور وإجراءات المراقبة القضائية”.
وتابع قائلا: “الإحصائيات تشير إلى أن نسبة كبيرة من المعتقلين احتياطيا تصدر في حقهم أحكام بالبراءة أو تكون أحكاما مخففة لا تستدعي اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية. والحل هنا يكمن في تبني العقوبات البديلة كخيار قانوني أساسي”.
وأوضح الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون أن “العقوبات البديلة قد تسهم بشكل فعّال في خفض معدلات الاعتقال الاحتياطي. هناك بالفعل حركة متنامية نحو تعزيز بدائل للاعتقال، خصوصا بالنسبة للجرائم البسيطة التي لا تتطلب عقوبات شديدة، مثل الأحكام التي تصل إلى 6 أشهر أو حتى 20 شهرا”.
وقال: “إضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى إعادة النظر في بعض الجرائم المرتبطة بالظروف الاجتماعية والاقتصادية، مثل الفقر أو تعاطي المخدرات، حيث ينبغي التعامل مع قضايا المخدرات بمنظور علاجي بدلا من جنائي. كما أن هناك قضايا متعلقة بالهجرة غير النظامية التي غالبا ما تتطلب حلولا مختلفة بدلا من العقوبات السالبة للحرية”.
وأردف مسداد: “على الصعيد العالمي، هناك توجه نحو رفع التجريم عن الجرائم البسيطة والجرائم الناتجة عن الفقر، وهو ما يعكس فلسفة العدالة الجنائية الحديثة. والهدف من هذا التوجه هو تقليل الاعتماد على السجن كحل أساسي وتعزيز البدائل التي تحقق العدالة دون الإضرار بحياة الأفراد أو المجتمع”.
من جانبه، قال عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إن “السجن ليس بالضرورة الإجراء الوحيد الذي يمكن اتخاذه. هناك إجراءات بديلة يمكن اللجوء إليها، مثل الصلح وتسوية النزاعات في بعض الملفات”.
وأوضح بنعبد السلام، ضمن تصريح لهسبريس، أن “تطبيق العقوبات البديلة لا يزال معطلا، نظرا لعدم المصادقة حتى الآن على القوانين المتعلقة بالقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية”.
وانتقد المتحدث لهسبريس كون “التأخير في المصادقة على القوانين يمتد لسنوات، مما يؤدي إلى بطء في تفعيل الإصلاحات الضرورية. ويتسبب هذا الوضع في تأثير كبير على حقوق المتقاضين والمتابعين”.
وأكد أنه “إلى جانب ذلك، هناك عناصر أخرى يجب معالجتها، من بينها مسألة طول مدد الأحكام وعدم وجود سياسة فعالة لتأهيل المفرج عنهم وإعادة إدماجهم في المجتمع. فغياب برامج التأهيل يؤدي إلى صعوبات كبيرة في إدماج هؤلاء الأشخاص بعد الإفراج عنهم، مما يزيد من حالات العود إلى الجريمة”.
وختم بنعبد السلام بأن “كل هذه الجوانب تعتبر أساسية لمعالجة مشكلة الاعتقال الاحتياطي والحد من تداعياته، سواء على مستوى اكتظاظ السجون أو تأثيره السلبي على الأفراد والمجتمع ككل”.
0 تعليق