نتائج الإحصاء تستفز فعاليات أمازيغية .. المنهجية والعنصرية والسياسة اللغوية - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة

خلفت الأرقام التي أعلن عنها شكيب بنموسى، المندوب السامي للتخطيط، بخصوص الوضعية اللغوية في المملكة، التي حصرت نسبة متحدثي اللغة الأمازيغية في 25 في المائة من المغاربة؛ ردود فعل قوية في صفوف الفاعلين المهتمين بالموضوع الذي يخص لغة حظيت بالدسترة قبل 13 سنة.

وبحسب بعض من هؤلاء ممن تحدثوا لهسبريس فإنه “بداية يجب النظر في الطريقة التي تم اعتمادها في هذا الإحصاء الخاص بالسكان والسكنى، خصوصا ما يتعلق منه بالمسألة اللغوية واعتماد منهجية العينة التي لا تتلاءم معه، ما دام الأمر يتعلق بورش وطني يستهدف توفير الإحصائيات التي من المنتظر أن تكون قاعدة أولية لبلورة سياسات قطاعية مستقبلية”.

ويقول هؤلاء إنه “حتى لو تم التسليم بدقة هذه المعطيات وكونها تمثل الواقع فإنها تبقى مؤشرات مقلقة بخصوص واقع وآفاق اللغة الأمازيغية بالمغرب، التي عرفت توالي سياسات تعريبية بامتياز أقصتها منذ الاستقلال، قبل أن تعرف السياسات القطاعية التي كشفت عنها الدولة في السنوات الأخيرة فشلها، على رأسها إدخال اللغة ذاتها إلى ميدان منظومة التربية الوطنية”.

أرقام وقراءات

محمد أمدجار، رئيس منظمة “تماينوت”، أوضح أن “مقاربة هذا الموضوع تتطلب في البداية النظر في المنهجية التي تم اعتمادها من أجل الوصول إلى الأرقام المعلنة في هذا الصدد، فيما التركيز على فشل سياسات موجهة لقطاع معين بخصوص الأمازيغية يعني الإقرار بصواب هذه النتائج”، موضحا أن “هناك مجموعة من الملاحظات الرئيسية، على رأسها نوعية الاستمارة المعتمدة التي لا تتناسب مع القيام بإحصاء رسمي بكل حمولاته”.

وقال أمدجار لهسبريس إن “هناك من المشاركين في الإحصاء من لا يتقنون التواصل بالأمازيغية، إلى جانب تصريح عدد من المتحدثين الأمازيغ بكونهم يتحدثون بالدارجة في حياتهم اليومية، ظنا منهم أن الإشكالية في لغتهم”، مذكرا في السياق نفسه بـ”سياسات تعريبية تم اعتمادها منذ فجر الاستقلال، كانت تروم خلق تحول هوياتي داخل المجتمع المغربي”.

وتطرق المتحدث لمسألة مشروع تدريس الأمازيغية بالمدارس المغربية، إذ أوضح أن “الأرقام المعلنة بخصوص سير عملية التدريس إلى حدود الساعة غير صحيحة، وحتى وإن كانت صحيحة فأين تأثيرها على مستوى المجتمع؟ وأين كذلك تأثير القناة الثامنة الأمازيغية الوحيدة؟”، مردفا: “إذا أقررنا بصحة هذه المعطيات الناتجة عن الإحصاء فإن على الدولة أن تخجل من نفسها وأن تعتذر عن كل ما فات وتقوم بتمييز الأمازيغية بشكل إيجابي مستقبلا”.

وزاد الفاعل الأمازيغي ذاته: “ولنفترض جدلا دقةَ جميع هذه المعطيات انطلاقا من صحة ودقة المنهجية التي قمنا من خلالها بتوفيرها، فهل الأمر يعني أن نقبل بتحول مجتمعي جديد ما دام أن هذه اللغة تراجعت على مستوى التداول؟”.

“نتيجة سياسات”

عبد الله بادو، عضو “أزطا أمازيغ” مفتش تربوي، أوضح من جهته أنه “في ظل غياب قاعدة بيانات سابقة وذات مصداقية فإنه يصعب الحكم على الرقم الحالي للمتحدثين بالأمازيغية، إذ يثير بشكل مباشر إشكالية نشاط انقراض اللغة مقارنة ببداية الاستقلال”، مضيفا: “بالمقارنة مع بعد الاستعمار يمكن القول إن الأمازيغية هي ضحية سياسات إقصائية وعنصرية استهدفت استئصالها ومكنت من رفع عدد الناطقين بغيرها في ستين سنة فقط، مع تراجع عدد الناطقين بها”.

وأوضح بادو، في تصريح لهسبريس، أن “فقدان تداولية الأمازيغية بالمجتمع جاء نتيجة سياسات تعليمية وثقافية إقصائية جعلت الكثيرين يتخلون عن لغتهم الأمازيغية لدواع اقتصادية ومجتمعية”، وتابع: “هذا التراجع هو حتمية رئيسية لهذه السياسات الاستئصالية على مدار ستين سنة؛ فالأمازيغيةُ صارت تفقد كل سنة نسبة من ناطقيها”، موضحا أن “وجود أرقام بهذا الشكل يعني ضرورة إطلاق صافرة إنذار من أجل تسريع وتيرة تنزيل القوانين وتحصين الأمازيغية”.

وزاد المتحدث ذاته: “إذا سلمنا جدلا بأن الأرقام صحيحة وتتحمل الدولة مسؤولية دقتها، رغم ملاحظاتنا بهذا الخصوص، فإن المعطى الإحصائي الحالي ينبه الدولة المغربية إلى ضرورة حماية الأمازيغية، من خلال جبر الضرر الذي لحقها منذ الاستقلال أولا، ثم احترام توصيات التمييز الإيجابي لها”، مؤكدا “أولوية مراجعة مختلف السياسات ذات الارتباط بالموضوع، مع رفع السقف الذي يحيل عليه القانون التنظيمي الخاص بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة الدستورية”.

وشدد الفاعل الأمازيغي نفسه، ضمن تصريحه للجريدة، على “ضرورة التركيز على مسألة المنظومة التربوية من أجل تعميم تدريس هذه اللغة التي تشير الإحصائيات إلى كونها تسير إذن في اتجاه الانقراض، فضلا عن العمل على مسائل أخرى تتعلق بالسياسات الثقافية بالبلاد ككل، التي يجب أن تميز إيجابا الأمازيغية”.

“خلل منهجي”

قال لحسن ادبلقاسم، المحامي والفاعل الأمازيغي، “كنا دائما نطرح فكرة كون الحقيقة العلمية تفيد في النتائج الإيجابية للسياسات العمومية، لكن الإدارة المغربية المكلفة بالتخطيط، وعلى رأسها المندوب السامي للتخطيط، تصر على الاشتغال وفق المنهجية التي تراها مناسبة على الرغم من كونها غير علمية”.

وذكر لحسن ادبلقاسم أن “الدولة سبق أن قامت بمجموعة من الإصلاحات بخصوص تعزيز وجود الأمازيغية بالمجتمع والمؤسسات، بما فيها إطلاق مشروع تعليم هذه اللغة على مستوى المدارس العمومية بالمملكة”، متمسكا بـ”إشكالية منهجية القيام بالإحصاء الأخير، خصوصا في ما يتعلق بالاستمارات التي لم تتضمن في غالبيتها السؤال الذي يخص اللغة، ما يجعل إذن الأرقام غير واقعية”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “هذا الإحصاء لا يمكن أن يكون إحصاء بمنطق العلم أو الشروط التي يجب أن تتوفر فيه، إذ في نهاية المطاف يبقى مجرد إحصاء أيديولوجي لا غير، ما دام أن المنهجية الموظفة غير دقيقة”.

حصيلة للتعليم

أشارت المعطيات التفصيلية للإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 إلى أن 25 في المائة فقط من المغاربة هم من يتحدثون الأمازيغية، في حين أن 1 في المائة منهم فقط متمكنون من الأمازيغية كذلك، مع استطاعة 91 في المائة من المغاربة التحدث الدارجة؛ كما بينت أن 99 في المائة من المغاربة متمكنون من العربية، مع ارتفاع المتمكنين منهم من الفرنسية ليصل إلى 60 في المائة.

وطرح عدد من المعلقين على الموضوع فكرة كون هذه الأرقام، في حالة تم الأخذ بواقعيتها جدلا، فإنها تسائل، لا الحصر، واقع الإجراءات التي قامت بها الدولة بخصوص مأسسة اللغة الأمازيغية منذ مطلع الألفية الجديدة، خصوصا ما يتعلق منها بحصيلة ما يصل إلى 21 سنة من دخول هذه اللغة للمدرسة العمومية، الذي كانت بدايته سنة 2003، ما يبرز بشكل مباشر “فشل” هذه السياسات في تحصين المتحدثين بهذه اللغة وإنتاج متمكنين منها عن طريق التعليم.

ووفق ما كشفت عنه الوزارة المكلفة بالشأن التعليمي “يرتقب أن تصل نسبة تدريس الأمازيغية بالمدارس العمومية الابتدائية إلى 50 في المائة بحلول سنة 2026، مع الوصول إلى نسبة التعميم الشاملة على المستوى الابتدائي سنة 2030″/ الأمر الذي عادة ما يعيب عليه المهتمون بملف الأمازيغية أنه “متأخر بشكل كبير مقارنة مع الزمن الذي استغرقه هذا الورش، بما يجعل عقدين من الزمن بدون مردودية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق