في اليوم العالمي للّغة العربية، تحتفي منصة الطاقة بطريقتها التي لا تُحَدَّد بهذا اليوم فحسب، بل تجعله احتفاءً يوميًا، وليس سنويًا، لأوّل منصّةٍ للطّاقة بتلك اللّغة السّامية.. نحتفي باللغة العربية بإعلاء شأنها والانتصار لها دائمًا.. نصنع لأنفسنا قاموسًا إعلاميًا يعتمد لغة منطقيّة وموزونة بطبعها.
هذه اللغة الموزونة تعبّر بدقّةٍ عن المُراد، وترفض الإخلال في نسيجها السّلِس المُتقَن، بزيادة، أو نقص، أو ركاكة، لأنّه محبوك ببلاغة لغويّة مستمدّة من كتاب الله الكريم وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- وإرث عظيم من الأدب والتّاريخ، وهي في هذا تتّفق مع منظور "الطّاقة".
إذ إنّ التّدقيق اللّغويّ في أوّل منصّة عربيّة للطّاقة يجعل المدقّق ناظرًا بعدسة علم الطّاقة، بما فيه من الاقتصاد والموازنة، عاكسًا تلك القيم الطاقيّة على لغة المنصّة الّتي يدقّقها، لإيمانه أنّ لغة "الطّاقة" طاقةٌ في الإعلام، تلك السُّلطة العالميّة التي ربّما تقدّمت في أيّامنا هذه عن كونها "رابعةً"، فغدت في الطّليعة.
فإذا نظرَ بمنظور الموازنة، واستدعى الميزان اللّغويّ، بكفّتيه المتعادلتين، صحّحَ الوزنَ اللّغويّ للجُمَل، ورفضَ ما يناقضه.
اختلال في ميزان اللّغة
عندما نحتفي باليوم العالمي للغة العربية، نذكّر بأخطاء تخلّ بالميزان اللّغويّ، ونحذّر من لغة ركيكة تشيع في بعض المنصّات الإعلاميّة، وإليكم أمثلة:
-تشترك بالمشروع شركتان، هما أدنوك، إلى جانب إكسون موبيل!
فكفّتا الميزان تقتضيان العدل بين الطّرفين، والاكتفاء بالواو بينهما، لذلك يكون التّعبير الدّقيق:
-تشترك بالمشروع شركتان، هما أدنوك وإكسون موبيل.
ولعلّ هذا المثال يبيِّن تحرّي الإيجاز، إذ إنّ "البلاغة الإيجاز" كما أُثِرَ عن علماء اللّغة.
وقياسًا على المثال السّابق، لا يصحّ القول:
- تعتمد الدّولة على مصدَرين، المصدر الأوّل: هو الزّراعة، بينما يتمثّل المصدر الثّاني في التّجارة.
- لخطّ الأنابيب تأثيره الحالي ومستقبلًا.
- تزداد الانبعاثات من ناحية، وتتضرّر الكائنات من جانب آخر.
- خلال المدّة بين شهرَي أبريل/نيسان، حتّى يوليو /تمّوز.
- اتّفاق بين وزارة التّخطيط مع البنك الدّولي.
- تتوزّع الصّادرات ما بين مليونَي طنّ لتركيا، ومليون طنّ حصلت عليها بولندا!
ممّا يُشعِرُ بالغَبن والتّطفيف وإفساد بهاء النّسج اللّغويّ في آن واحد، لا سيّما أنّ تصحيحها سلِسٌ موجز، لا يستدعي ما أُضيفَ عليها فأفسدَها!
وهذا ما أسبغَه ميزان الطّاقة اللّغويّ عليها:
- تعتمد الدّولة على مصدرين، المصدر الأوّل: هو الزّراعة، والمصدر الثّاني هو التّجارة.
- لخطّ الأنابيب تأثيره الحالي والمستقبليّ، أو: تأثيره حاليًّا ومستقبلًا.
- تزداد الانبعاثات من ناحية، وتتضرّر الكائنات من ناحية أخرى.
- خلال المدّة بين شهرَي أبريل/نيسان، ويوليو /تمّوز.
- اتّفاق بين وزارة التّخطيط والبنك الدّولي.
- تتوزّع الصّادرات ما بين مليونَي طنّ لتركيا، ومليون طنّ لبولندا!
فحينما تتوازن كفّتا الميزان اللّغويّ يظهر المنطق اللّغويّ والإيجاز البلاغيّ.
نَسج لغويّ مُتقَن
تحرّيًا للإيجاز المنشود، والنّسج اللّغويّ المُتقَن، تُصَحَّحُ في منصة الطاقة، مثل هذه الجُمَل:
-في السّعوديّة حقول نفط معروفة، مثل الغوار والسّفانيّة، بالإضافة إلى بقيق والخفجي، بجانب الخرسانية والمنيفة..!
فبعد كلمة (مثل) تأتي واو العطف خفيفةً لطيفةً لتجمعَ بين المتماثلات، دون حاجة إلى إقحام كلمات ربط أخرى.
-أعطال الكهرباء كثيرة، ما يدفع المشغّلين إلى الاضطرار لقطع التّيّار!
فـ(ما يدفع المشغّلين) معناه (ما يضطرّهم)، لذلك يُكتفى بأحدهما ويتمّ المعنى.
أخطاء التّرجمة
من هذا الباب نُعرّج على أخطاء التّرجمة الشّائعة، لنلحظ ثقلها، وخفّة تصحيحها، ما بين:
- (تمّ الانتهاء من تنفيذ المشروع) و(تمّ المشروع)، أو (نُفِّذَ المشروع).
- (قامت الحكومة بإعفاء المواطنين من الضّرائب) و(أعفت الحكومة المواطنين من الضّرائب).
- (جرى تحديث البيانات) و(حُدِّثَت البيانات).
- (كما أنّ هناك مشروعات أيضًا) و(كما أنّ هناك مشروعات)، أو (وهناك مشروعات أيضًا)، إذ إنّ (كما) تعني (أيضًا)، فيُكتَفى بإحداهما.
- (عمِلَ فلانٌ كمستشارٍ للشّركة) و(عملَ فلانٌ مستشارًا للشَركة)، فالكاف للتّشبيه، ولا مكان لها في هذا المثال.
- تسعى الشّركة إلى ترسيخ وجودها في الشّرق الأوسط بشكلٍ عامّ، وفي الكويت بشكلٍ خاصّ)، و(تسعى الشّركة إلى ترسيخ وجودها في الشّرق الأوسط عمومًا، وفي الكويت خصوصًا)، إذ إنّ كلمة (بشكلٍ) الشّائعة ليست من الفصحى في شيء.
وبعد:
فهذه أمثلة توضّح جهد المدقّق اللّغويّ، ولعلّ الرّابط بين اللّغة والطّاقة يتّضح فيها، موازنةً واقتصادًا!
مدير وحدة التّدقيق اللغويّ في منصّة الطّاقة، نُسيبة بنت فيصل الحجّي
نرشّح لكم..
0 تعليق