الاربعاء 18 ديسمبر 2024 | 12:08 مساءً
الحرب العالمية الثالثة: صراع عالمي على أرض أوكرانيا
الحرب العالمية الثالثة قد تكون قد بدأت بالفعل، وهذه المرة على الأراضي الأوكرانية, فبعد ثلاث سنوات من الغزو الروسي، أصبح النزاع في أوكرانيا حربًا لا تقتصر على روسيا وأوكرانيا فقط، بل تجذب إليها العديد من الدول الكبرى، ما يجعلها واحدة من أكثر الصراعات الدولية تعقيدًا منذ الحرب الباردة.
صراع متعدد الأطراف: اللغات الأجنبية على خطوط الجبهة
في الأسابيع الأولى من الحرب، كانت الأصوات التي تتنقل عبر الجبهة تشمل الأوكرانية والروسية، إلى جانب بعض اللغات الإقليمية مثل البوريات والتشيتشينية ,واليوم يمكن سماع لغات مثل الإسبانية، النيبالية، الهندية، الصومالية، الصربية والكورية على خطوط الجبهة.
إن التنوع اللغوي في الخنادق يعكس بشكل واضح التوسع الدولي الذي أخذته هذه الحرب.
دور الأسلحة والمساعدات الأجنبية
على الأرض، يمكن أن يتم اعتراض طائرات مسيرة إيرانية بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية، بينما تُطلق المدافع الألمانية بالقرب من قذائف كورية شمالية. هذا التداخل بين الأسلحة من مختلف الدول يبرز الطابع العالمي للصراع.
منذ بداية الحرب في فبراير 2022، ما كان يُعتبر "نزاعًا إقليميًا" بين روسيا وأوكرانيا أصبح حربًا عالمية، مع مشاركة دول من مختلف أنحاء العالم إما بشكل مباشر أو غير مباشر.
روسيا وأوكرانيا: دعم خارجي وتعزيزات مستمرة
كلا الجانبين يعتمد اليوم على الدعم الخارجي: أوكرانيا تتلقى المساعدات العسكرية والمالية من الغرب، بينما تتلقى روسيا الدعم من الصين وكوريا الشمالية. هذا الصراع بين الشرق والغرب يتجسد في إرسال الأسلحة، الطائرات، والصواريخ من دول مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية، مع توسع الدعم من دول جنوب الكرة الأرضية مثل الهند والبرازيل ضمن تكتلات مثل "بريكس".
وحصلت موسكو على دعم حيوي من الصين التي لعبت دورًا مهمًا في تقوية الاقتصاد الروسي رغم العقوبات الغربية، حيث تشتري النفط الروسي وتزوده بالتكنولوجيا الحيوية.
الغرب وموقفه المتردد: من دعم أوكرانيا إلى الحذر السياسي
من ناحية أخرى، قد يكون دعم الغرب لأوكرانيا متقلبًا. لم يكن الدعم الغربي مستمرًا بشكل ثابت، ففي البداية كان التدخل محدودًا، ثم توسع مع مرور الوقت ليشمل أسلحة ثقيلة مثل مقاتلات F-16 وصواريخ ATACMS. رغم ذلك، كانت هناك خطوط حمراء تتجنب الدول الغربية تجاوزها، مثل التدخل المباشر في ساحة المعركة أو الموافقة على ضرب أهداف روسية داخل الأراضي الروسية.
كما أن التأييد الغربي لأوكرانيا قد يتضاءل في المستقبل، خاصة مع بدء انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة والاتجاهات السياسية المتغيرة في بعض الدول الأوروبية.
حرب بالوكالة: تصعيد التوترات العالمية
تشهد الحرب في أوكرانيا نوعًا من "الحرب بالوكالة"، حيث تدعم الدول الكبرى كلا من روسيا وأوكرانيا لتحقيق مصالحها الجيوسياسية. وكما كان الحال في الحرب السوفيتية في أفغانستان، أصبح النزاع في أوكرانيا ساحة لتصفية الحسابات بين قوى عالمية.
روسيا لا تقتصر على مواجهة الغرب فقط، بل تقوم بتوسيع نطاق أعمالها الهجينة، من دعم الحركات المعادية للغرب إلى التدخل في الانتخابات والمساهمة في زعزعة الاستقرار في مناطق مختلفة من العالم.
المستقبل غير المؤكد: الصراع مستمر وآفاق الحلول
مع اقتراب الحرب من عامها الرابع، تبدو آفاق الحل غير مؤكدة. وبينما يعتمد كل طرف على الحلفاء الخارجيين للبقاء في ساحة المعركة، فإن الدعم المتقلب من هذه الأطراف قد يؤدي إلى تغيرات مفاجئة في مجريات النزاع.
ورغم أن الولايات المتحدة كانت حريصة على تجنب حرب نووية مع روسيا، فإن هدفها الثاني في دعم أوكرانيا لم يحقق نتائج حاسمة بعد. من جهة أخرى، تبدو الصين المستفيد الأكبر من هذا النزاع، حيث تمكنت من تعزيز علاقاتها مع روسيا في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بالحرب.
التكلفة البشرية: الجنود الأجانب في الحرب
ورغم تصاعد الدعم من الدول الكبرى، فإن كلا من أوكرانيا وروسيا تعانيان من نقص في الجنود، مما دفع كل منهما إلى تجنيد أعداد كبيرة من الجنود الأجانب من دول مثل كوريا الشمالية، كوبا، الهند، ونيبال. هذه القوات، التي تتلقى رواتب مغرية، تسهم في تعزيز القدرات العسكرية للطرفين.
بجانب هذه الحوافز المالية، يُشجع الجنود الأجانب على الانضمام إلى الصفوف الأوكرانية بتعهدات بالقتال من أجل "الحرية"، في حين يُقال لهم إنهم يقاتلون ضد "نظام قمعي" في صفوف الروس.
الختام: الحرب مستمرة والنهاية غامضة
مع استمرار الحرب، يبدو أن كلا من روسيا وأوكرانيا في مسار من النزاع المطول، مع تأكيد أن نهاية الصراع ستكون مرتبطة بشكل كبير بالقرارات التي ستتخذها القوى الداعمة لهما: الناتو والصين. إذا اختارت الناتو سحب دعمها لأوكرانيا، قد تنتهي الحرب لصالح روسيا، في حين أن انسحاب الدعم الصيني عن روسيا قد يؤدي إلى تقليص قدراتها ووقف طموحاتها في الحرب.
0 تعليق