الاثنين 16 ديسمبر 2024 | 07:30 مساءً
هيئة تحرير الشام
بعد سقوط نظام الأسد وهيمنة هيئة تحرير الشام على المشهد السوري، تتسارع الأحداث في بلد يعاني من انهيار شامل. فمن يقف وراء تسليح الهيئة؟ وما هي التداعيات الإقليمية لتحولات المشهد في سوريا؟
الدعم الخارجي والسلاح المتطور
أفادت صحيفة واشنطن بوست، وفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز، أن عملاء استخبارات أوكرانيين قدموا دعمًا كبيرًا لهيئة تحرير الشام في سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أُرسلت 150 طائرة مسيّرة ومجموعة من المشغلين المختصين لتدريب عناصر الهيئة. التحرك الأوكراني جاء في إطار دعم الهيئة التي تمكنت من تحقيق تقدم ميداني بارز والإطاحة بنظام الأسد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على الأنشطة العسكرية الأوكرانية أن الطائرات المسيّرة كانت جزءًا من استراتيجية مدروسة لدعم الهيئة، وذلك وسط نفي أوكراني رسمي للاتهامات الروسية التي أشارت إلى تورط كييف في تقديم هذا الدعم.
انهيار النظام السوري وهيمنة الميليشيات
في هذا السياق، وصف الدكتور حسام الدين محمود، رئيس مركز إفريقيا للتخطيط الاستراتيجي، الوضع السوري الحالي بأنه "كارثي وغير مسبوق". وأوضح أن سقوط النظام السوري وضع البلاد تحت سيطرة ميليشيات مسلحة غير منظمة. وأضاف: "سوريا اليوم دولة بلا قانون ولا نظام، وقد تحولت إلى ساحة صراعات داخلية بين فصائل تحمل أيديولوجيات متطرفة، مما ينذر بحروب أهلية طويلة الأمد".
وأشار محمود إلى أن هيئة تحرير الشام تمكنت من السيطرة على مدن استراتيجية كبرى، بينها حلب وحماة وحمص، وصولًا إلى دمشق، وهو ما لم يكن ليحدث لولا الدعم الخارجي الذي حصلت عليه. وأكد أن "جهات دولية وإقليمية ساهمت في تسليح هذه الجماعات، ما مكّنها من إحراز هذا التقدم السريع".
تداعيات إقليمية تهدد الأمن القومي
أكد الدكتور محمود أن سيطرة الهيئة على سوريا لا تعني تهديدًا داخليًا فقط، بل تشكل خطرًا إقليميًا على الأمن القومي العربي. وقال: "الحدود مع سوريا أصبحت غير آمنة، والدول المجاورة قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ تدابير دفاعية صارمة لحماية أراضيها".
وحذر من أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية، خاصة في ظل غياب رؤية سياسية واضحة لدى الميليشيات المسيطرة، مما ينذر بمزيد من الفوضى في المنطقة.
جهود عربية لإنقاذ الموقف
أشار الدكتور حسام إلى وجود تحركات عربية لاحتواء الأزمة. وأكد أن مصر تقود جهودًا دبلوماسية لدعم استقرار سوريا والحفاظ على وحدة أراضيها، مع التأكيد على رفض التدخل الخارجي في الشأن السوري.
روسيا في مواجهة المجهول
على الجانب الآخر، تواجه روسيا، الحليف التقليدي لنظام الأسد، تحديات كبرى بعد انهيار النظام. فإلى جانب خسارتها حليفًا استراتيجيًا في الشرق الأوسط، تتعرض منشآتها العسكرية في سوريا، مثل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس، لتهديد مباشر. ورغم تدخلها لدعم الأسد منذ 2015، يبدو أن موسكو باتت أمام واقع جديد يفرض عليها إعادة حساباتها في المنطقة.
تبقى الأنظار معلقة على التحركات الإقليمية والدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بينما تغرق سوريا في فوضى غير مسبوقة. وفي ظل غياب الاستقرار، تواجه المنطقة بأسرها تحديات أمنية وسياسية تهدد بإعادة رسم خريطتها الجيوسياسية، ما يجعل من إيجاد حل شامل ومستدام ضرورة ملحّة.
0 تعليق