احتفالات من نوع مغاير تنقل طقوس ذكرى ميلاد المسيح وكذا رأس السنة الميلادية من “التخفي والانعزال إلى العلن والمشاركة”، يتطلع مغاربة مسيحيون القيام بها، مشددين في ذلك على أن “شروطا كثيرة ساهمت في إنضاج هذه الفكرة التي كانت صعبة قبل سنوات، والآن صار التوجه إليها أمرا مدبرا بالكثير من العناية”.
آدم الرباطي، راعي “كنيسة المجد” بمدينة تمارة رئيس اتحاد المسيحيين المغاربة، قال إن “هذه السنة ستكون مختلفة بالنسبة لاحتفالات المغاربة الإنجيليين بعيد ميلاد المسيح”، موضحا أن “هناك تخطيطا وتنسيقا مع تنظيمات مسيحية أخرى حتى تكون علنية، وأن نبثها بشكل مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأن نواكبها بتغطية كبيرة حتى تأخذ زخما لم تنله خلال السنوات الفائتة”.
وأورد الرباطي، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “هذه السنة تتضمن انتصارات كثيرة على المستوى الحقوقي، إذ ترأسنا المجلس الأممي لحقوق الإنسان وإعلان بلدنا رسميا التصويت لفائدة وقف تنفيذ الإعدام داخل أروقة الأمم المتحدة”؛ وزاد أن “المكاسب الدبلوماسية الكثيرة التي حققناها في ملف الصحراء المغربية ولصالح وحدتنا الترابية تتطلب أيضا أن تكون احتفالات هذه السنة مختلفة على كافة الأصعدة”.
وكشف آدم أنه “يتواصل مع بقية التنظيمات المسيحية كي يمنح للاحتفال بعيد المسيح طعما مختلفا يتماشى مع قدرة الإنجيليين المغاربة الخروج بوجه مكشوف والتواصل مع الإعلام في السنوات الماضية”، معتبرا أنه “منذ بداية الظهور حتى الآن، أي في غضون عقد من الزمن، نضجت الكثير من الشروط بمساندة التوجه الليبرالي للحكومة الحالية وبفضل وزير عدل منفتح يؤازر جميع الأقليات، لاسيما الدينية كما يصطف لصالح حقوق النساء”.
كما أورد المتحدث عينه أنه “رغم منح الطابع العلني للاحتفالات هذا العام، فسيكون ذلك في إطار احترام خصوصيات جيراننا المسلمين”، مضيفا أن “تلاوة الترانيم وأداء الصلوات على الطريقة المسيحية سيكونُ حاضرا في ما سنبثه للمواطنين؛ غير أن الصوت لن يكون مرتفعا تفاديا لإزعاج الجيران، فالغاية هي أن نقدم معطيات جديدة عن قرب للمغاربة حول الإنجيليين الذين يتقاسمون معهم الانتماء نفسه إلى المملكة المغربية”.
وعند سؤاله حول إمكانيات إخراج هذا “الاحتفال” نحو الفضاء العمومي المغربي، قال رئيس اتحاد المسيحيين المغاربة إنه “في هذه الزاوية ما زالت هناك حساسية، ولكن حين نوفر بثا مباشرا وحيا لاحتفالاتنا داخل بيوتنا فنحن نتقدم للفضاء العمومي الافتراضي بوصفه قناة أخرى للنفاذ إلى المجتمع الذي ننتمي إلي”، وأضاف: “نختلف غالبية مجتمعنا فقط في خيار العقيدة”.
وتابع المتحدث شارحا: “المهم أننا متأكدون من أن السلطات لن تمنعنا من ممارسة هذه الاحتفالات في المنازل ولو بطريقة جديدة؛ وسندنا في هذا ما صرح به أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، منذ أيام بأن المغاربة علمانيون”، وأورد: “نحن نعضد هذا التصريح، لأنه طيلة سنوات ونحن نجتمع ونادرا جدا ما نصادف حساسيات من طرف السلطات، فما نعاني منه هو خطاب الكراهية الذي بات يخف نتيجة الفهم المغاير لحقيقة المجتمع المغربي”.
وقال: “هذا المجتمع غني ومتنوع وهذا يمنحه القوة أكثر من أي شيء آخر”، موضحا أن “الاحتفال بعيد المسيح بعد أيام قليلة في مختلف مناطق المملكة التي تشهدُ حضورا مسيحيا تكرس هذا التعايش وتظهره للعالم، حتى يكف المتكلمون بلا عُدة واقعية عن إعادة خطابات صارت تنحسر إلى الواجهة”، وأوضح أن “هذه الخطابات هي التي تنظر بعدمية مقيتة إلى المغرب كبلد يضطهدُ الأقليات، وهذا غير صحيح، وغرضنا من نقل احتفالات تثير حساسية للعلن هو كشف زيف هذه الادعاءات”، بتعبيره.
0 تعليق