الخميس 12 ديسمبر 2024 | 06:59 مساءً
في تصريحات لافتة أمس الأربعاء، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن توصل الصومال وإثيوبيا إلى اتفاق مشترك لحل نزاعهما، معتبرًا هذا الاتفاق "مصالحة تاريخية".
وفي وقت سابق، رحب الرئيسان بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشيو، وافتتاح السفارة المصرية في مقرها الجديد بالعاصمة الصومالية مقديشيو، إضافة إلى توقيع بروتوكول التعاون العسكري خلال زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر.
وفي 20 يوليو الماضي، وافق مجلس الوزراء الصومالي على اتفاقية دفاع مشترك مع مصر في ظل محاولات إثيوبية لإنشاء قاعدة بحرية في أرض الصومال.
وأعرب الرئيس الصومالي عن تقديره لدعم مصر المستمر لبلاده على مدار العقود الماضية، مؤكدًا حرص الصومال على تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر في المستقبل، ومثمنًا دور الهيئات المصرية في بناء قدرات الكوادر الصومالية في مختلف المجالات.
وأثارت هذه التصريحات العديد من الأسئلة حول تداعيات المصالحة على الأوضاع الإقليمية، خاصة على مصر والمصالح الاستراتيجية للدول الكبرى في المنطقة.
في تحليله لهذا التطور، أشار الدكتور هاني سليمان، الخبير الاستراتيجي لبلدنا اليوم، إلى أن إثيوبيا كانت تخشى من ضياع أو إلغاء مذكرة التفاهم التي وقعتها مع إقليم أرض الصومال (صومالي لاند) قبل ثلاثة أشهر، والتي تضمنت اعترافًا من قبل إثيوبيا باستقلال الإقليم، وهو ما يعتبر خطوة دبلوماسية مثيرة للجدل في الوقت الذي ترفض فيه الصومال هذا الانفصال.
وأوضح سليمان أن إثيوبيا كانت تأمل في الحصول على امتيازات اقتصادية، مثل السيطرة على قطعة من ساحل البحر الأحمر، وهو ما دفعها إلى إجراء هذه المصالحة.
وأضاف أن المصالحة قد تمثل مخرجًا مناسبًا لإثيوبيا من المأزق الذي أوقعها فيه اعترافها بصومالي لاند، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، المعروف بتوجهاته السياسية المندفعة، يسعى الآن لإصلاح ما أفسدته هذه القرارات من خلال توقيع اتفاقية سلام تركز على التعاون مع الصومال لتحقيق الاستقرار.
وتابع سليمان أن الصومال ستستفيد بشكل كبير من هذه المصالحة، ومن المتوقع أن تتراجع إثيوبيا عن اعترافها بصومالي لاند، وهو ما يُعد نصراً دبلوماسيًا للصومال في ظل التوترات التاريخية حول استقلال الإقليم.
وأكد أن هذا التحول سيحدث بشكل تدريجي مع تطور التفاهمات بين الطرفين في المستقبل القريب.
وفيما يتعلق بنجاح الدبلوماسية التركية في المنطقة، أكد الدكتور هاني سليمان أن الاتفاق يعكس نجاحًا مهمًا للدبلوماسية التركية في منطقة القرن الإفريقي؛ فقد حصلت تركيا على موافقة الصومال للتنقيب عن مصادر الغاز في البحر الأحمر، مما يعزز مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
وأوضح أن هذه الخطوة تمثل فوزًا دبلوماسيًا لتركيا في منطقة حساسة جغرافيًا.
وفيما يخص تأثير المصالحة على مصر، أكد سليمان أن المصالحة بين الصومال وإثيوبيا لن يكون لها تأثير يذكر على وجود القوات المصرية في بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصومال (أتميس).
وأوضح أن هذه البعثة تخضع لقرار الأمم المتحدة، وأن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يدرك تمامًا أهمية الدور المصري في حفظ السلام في بلاده ويقدّر سياسات إثيوبيا المتقلبة.
0 تعليق