تستمر “تجارة القرب” في هيمنتها على “النسيج التجاري الوطني” في المغرب، وهو ما لفتت إليه معطيات رسمية أفادت بأنها “تُحقق 58 في المائة من رقم المعاملات وتضم 80 في المائة من نقاط البيع، كما تُشغِّل ما يقارب 36 في المائة من العاملين بالقطاع”، ما دفع القطاع الوصي إلى “التفكير حاليا وفق مقاربة تشاركية مع جميع الشركاء لإطلاق برنامج جديد وطموح يؤهّل قطاع تجارة القرب، ويجعله عصريا مُنتجا وتنافسيا لمواكبة التطورات الاقتصادية الجديدة”.
ويهدف هذا البرنامج، حسب جواب كتابي للوزير رياض مزور، طالعته هسبريس، إلى “مواكبة تجار القرب وتحسين دخلهم وشروط مزاولة عملهم من خلال وضع عرض لعصرنة المُعدات المهنية وتوفير التمويل اللازم لاقتنائها وتزويدهم برأسمال متداول لضمان السيولة قصد التغلب على الصعوبات المتعلقة بأداء مستحقات المُمونين، والتمكن من توفير عروض الخدمات كالإشهار، وأداء الفواتير…”.
ويرتقب أن يوفّر البرنامج الجديد “الدعم لخلق شبكات وطنية لتجارة القرب، وتوفير مراكز رقمية للشراء لفائدة تجار القرب”، وفقا للمعطيات ذاتها التي أوضحت دور هذه “المنصات الافتراضية، التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، للمساهمة في تعزيز القدرة التنافسية للتجار من خلال توريد نقاط البيع بأفضل الأسعار”.
وأقرت وزارة الصناعة والتجارة بأن “صغار التجار” يحظوْن بـ”مكانة خاصة لدى المستهلك المغربي لمُميزاته وما يقدمه من خدمات القرب وتسهيلات في الأداء واعتماد أوقات عمل ملائمة؛ سواء تعلق الأمر بتموين الأسر المغربية بالمواد الضرورية أو التمويل غير المباشر (كُنّاش “الكريدي”)، خصوصًا للأسر ذات الدخل المحدود”.
جاء ذلك مضمَّناً في جواب كتابي للوزير رياض مزور حول “البرامج الموجَّهة لدعم صغار التجار”، معتبرا أن قطاعه ماضٍ في “وضع حزمة من الإجراءات تهدف إلى التنزيل التدريجي للتوصيات المنبثقة عن ‘المنتدى المغربي للتجارة’ المنظم سنة 2019 عبر المسلسل التشاوري مع جميع المتدخلين في القطاع، الذي مكّن من صياغة ودراسة أزيد من 1500 توصية؛ تم تنزيل حوالي 70% منها ويتم العمل مع باقي الشركاء على تنزيل المبتقي”.
300 ألف تاجر منخرط
وفق البيانات الرسمية ساهمت وزارة التجارة في “تسريع استفادة التجار من نظام التأمين الإجباري عن المرض، تطبيقا لتوجيهات ملكية، من خلال المراسيم المتعلقة باستفادة التجار الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة ونظام المحاسبة”، مفيدةً بانخراط أكثر من 300 ألف تاجر في نظام المساهمة المهنية الموحدة (المعروف تحت مختصر “CPU”).
ولأجل “تحسين النظام الضريبي” خلقت السلطة الحكومي للتجارة “نظاما ضريبيا جديدا، وهو المساهمة المهنية الموحدة الذي يحل محل النظام الجزافي، ويتضمن الضريبة على الدخل والضريبة المهنية، بالإضافة إلى مساهمة تكميلية تسمح للتجار بالاستفادة من نظام التغطية الصحية بطريقة تتكيف مع احتياجاتهم ودخلهم”.
مواكبة رقمنة القطاع التجاري
وأقرّت وثيقة الجواب، التي طالعتها هسبريس، بأثر “التطور الرقمي على القطاع التجاري”، معتبرة أنه “ساهم في خلق طفرة في عادات الشراء والاستهلاك لدى المغاربة”، وتابعت شارحة في هذا الإطار: “تعمل الوزارة على تشجيع التجار على تبني ورش كبير يتعلق بالرقمنة من أجل تحسين تنافسية نشاطهم والرفع من مردوديته”.
وعدّدت الوزارة في هذا الباب “إطلاق ‘MRTB’ المنصة الوطنية لرقمنة التجارة”، التي تعد “مركز احتضان وتسريع للشركات الناشئة الرقمية في مجال التجارة”، مستهدفةً “تحفيز تطوير وتبني الحلول الرقمية الملائمة لاحتياجات التجار والمستهلكين، من خلال تعزيز القدرات الابتكارية لرواد الأعمال المغاربة حاملي مشاريع رقمية ذات قيمة مضافة عالية في قطاع التجارة”.
وأفاد جواب مزور بأن “هذه المنصة واكبت ما يقارب 118 مقاولة ناشئة، في أفق الوصول إلى 150 متمّ 2024″، ذاكرا “عقد اتفاقيات شراكة مع قاطرات التجارة الإلكترونية بالمغرب من أجل مواكبة رقمنة التجارة ببلادنا، وخصوصا التجار الصغار (مول الحانوت)”؛ إذ “تقوم هذه المنصات، بشراكة مع غرف التجارة والصناعة والخدمات، بتكوين التجار في أساسيات التجارة الإلكترونية لاكتساب المهارات الرقمية اللازمة لممارسة البيع عبر الإنترنت واستعمال المنصات الرقمية”، ومسجلا “إلى حدود اليوم إدماج حوالي 4500 تاجر داخل هذه المنصات”.
“تعزيز الشمول المالي للتجار”
“تعمل الوزارة مع شركائها في مجال الشمول المالي على دعم التجار لمساعدتهم في تطوير أنشطتهم من خلال توفير حلول رقمية للدفع، فعالة وسهلة الولوج، تغطي احتياجاتهم”، يورد وزير التجارة في جوابه، قبل أن يفصّل في “توقيع اتفاقيات شراكة مع فاعلين في الشمول المالي تهدف إلى تطوير ورقمنة قطاع التجارة والإدماج المالي للتجار، وكذا تنويع الخدمات المدرة للدخل لهذه الفئة، واعتماد أدوات الدفع المبتكرة والمصممة خصّيصا لهم”.
وذكّر الوزير بتوقيع اتفاقية إطار (15 دجنبر 2021) بشراكة مع المؤسسة المغربية للثقافة المالية (FMEF) وفدرالية الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات، “من أجل تطوير برنامج للثقافة المالية لفائدة التجار وإدماجه في برامج الدعم المقدمة من طرف الوزارة، وذلك من خلال شركائها، ولاسيما غرف التجارة والصناعة والخدمات والجمعيات المهنية”.
ولتعزيز الشمول المالي للتجار المغاربة فإن “توعية وتحسيس التجار بأهمية اعتماد الأداء عبر الهاتف النقال بشراكة مع مختلف الأطراف المعنية (بنك المغرب الجمعيات المهنية..)، مع وضع تحفيزات عملية لفائدة التجار”، محور أساسي في هذا الصدد.
0 تعليق