“لا بديل عن الإدماج في الوظيفة العمومية”، “لا للوساطة والاستعباد”، “لا لأجور العبودية”؛ مطالب من بين أخرى احتوتها لافتات أشهرها عشرات المربين والمربيات أمام مقر وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في وقفة احتجاجية أبوا خلالها إلا أن يتوحدوا مع فئات أخرى بقطاع التعليم، أساسا المساعدين التربويين، في الصدح بشعارات من قبيل، “علاش جينا واحتجينا..المطالب لي بغينا”، و”سوا اليوم سوا غدا..المطالب ولا بد”.
هؤلاء المربون الذين لبوا نداء النقابة الوطنية لمربي ومربيات التعليم الأولي والرياضة، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أبدوا خلال خوضهم هذا الشكل الاحتجاجي تمسكا قويا “بالإدماج في الوظيفة العمومية، وتحديدا السلك الابتدائي، بما أنهم يزاولون بمدارس عمومية، وتحت إشراف مدرائها، فضلا عن أنهم يخضعون لزيارات التفتيش من قبل مفتشين يشتغلون في الآن نفسه بالمؤسسات التعليمية على اختلاف أسلاكها”، مشددين على أن “الإدماج سيشكل خلاصا من قيود الأجرة الهزيلة وظروف الاشتغال غير المواتية أو المتناسبة مع المعايير الواجب توفرها بالنسبة لمربي وحجرات التعليم الأولي”.
غير أن المحتجين، وإلى حين تحقيق الإدماج، يرون أنه “لا مناص من الرفع الفوري للأجور، وإنهاء التأخر عن صرف الأجور في موعدها أو صرفها على دفعات، مع إلزام المؤسسات والجمعيات المحلية المفوض إليها تدبير القطاع بالتصريح بالمربين والمربيات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي احتراما لمقتضيات عقودها مع المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة”.
“فورية الإدماج”
لمياء حمران، الكاتبة الوطنية للنقابة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي، أوضحت أن هذه “الوقفة الوطنية التي ينظمها المربون اليوم أمام مقر وزارة التربية الوطنية جاءت رفضا للإقصاء والتهميش الذي يعانونه، رغم أن هذه الوزارة تتضمن في اسمها [التعليم الأولي] وهي المشرفة على هذا القطاع”.
وأضافت حمران، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الوقفة، أن “المربين والمربيات يطالبون ويستعجلون الإدماج الفوري في السلك الابتدائي؛ لأنهم يدرسون أطفال المغاربة في مدرسة عمومية، وتحت ولاية وإشراف رئيس أو مدير المؤسسة التعليمية الابتدائية، ويفتشهم مفتش هذه المدرسة، إلا أنهم مع كامل الأسف لا يمتلكون الحقوق نفسها المخولة لأساتذة وأستاذات التعليم الابتدائي”.
وشددت المتحدثة على أن “مربي ومربيات التعليم الأولي في كافة ربوع الوطن وعلى اختلاف المؤسسات المتعاقدين معها، يطالبون بإدماجهم الفوري في الوظيفة العمومية. فكفى من الإقصاء وكفى من التهميش”.
“أجور هزيلة”
رضوان غاغا، الكاتب المحلي للنقابة الوطنية لمربي ومربيات التعليم الأولي بتالسينت، إقليم فجيج، بالإضافة إلى تشديده على أن “مطلب الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية شرعي ولا تنازل عنه”، قال إن “هذه الوقفة الاحتجاجية تأتي انتفاضا ضد الوضعية الهشة التي يعيشها مربو ومربيات التعليم الأولي، نظرا لهزالة الأجور التي يتوصلون بها، وغياب التصريح بنسبة مهمة منهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وأضاف غاغا، وهو يصرح لهسبريس على هامش الوقفة عينها، أن “بعض المربين المتعاقدين مع الجمعيات المحلية أساسا يتقاضون أجورا لا تكاد تقترب حتى من الحد الأدنى للأجور؛ إذ تتراوح ما بين 1400 و1700 درهم”، مردفا بأن “جزءا مهما من هذه الجمعيات لا تصرف المستحقات المالية للمربين والمربيات بشكل شهري، وفي الوقت المحدد؛ فبعض المربين تصرف لهم أجورهم بعد خمسة عشر يوما من أول الشهر، وبعض آخر يتوصلون بها متأخرة خمسة أشهر”.
بالنسبة للتصريح في الضمان الاجتماعي، سجل النقابي ذاته أن “جمعيات ومؤسسات عديدة لا تصرح بمربيها لدى الصندوق الوطني”، قبل أن يشير إلى أن هذا الأمر يحصل “بالرغم من أن الجمعيات المعنية تتلقى اعتمادات مالية من طرف المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، موجهة لصرف الأجور للمربين ولكن أيضا للتصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي”، وزاد: “من المستغرب أن هؤلاء المهنيين أحيانا لا يتوصلون لا بالأجور ولا يتم التصريح بهم في الضمان الاجتماعي”.
“تجويد البيئة”
بالنسبة لسعيد أومري الذي يشتغل مربيا بإحدى المؤسسات التعليمية الابتدائية في ورززات، فإن “الوقفة الاحتجاجية التي خاضها المربون والمربيات اليوم أمام مقر الوزارة تبتغي تعجيل الاستجابة لمطالبهم الواضحة واضحة الشمس، وعلى رأسها الإدماج في الوظيفة العمومية، هذا المطلب الذي لا بديل عنه، وكذا الزيادة في الأجور”.
وأبرز أومري، في تصريح لهسبريس، أن “الاستجابة لهذه المطالب ضرورية وملحة لاعتبارات عدة، من ضمنها أن التعليم الأولي حلقة محورية في سلسلة منظومة التربية والتكوين، ولبنة أساسية وعمود فقري لهذه المنظومة”.
وأوضح المربي ذاته أن “المربين والمربيات يستعجلون تحسين وتجويد بيئة وظروف العمل التي ما تزال دون المستوى المطلوب والمأمول؛ إذ نجد أن المربي يقوم مقام المدير ورجل النظافة بحيث يتولى مسؤولية كنس الحجرة الدراسية والسهر على نظافتها وترتيبها، فضلا عن أنه طبيب كذلك”.
وقال أومري، في ختام حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “إقامة مقارنة بين هذه المهام المتعددة والجسيمة والأجر الهزيل جدا الذي يتقاضاه المربون والمربيات، ستكون كافية للتأكد من أننا أمام قمع غير مبرر أو مفهوم للمنتسبين لقطاع التعليم الأولي”.
0 تعليق