السرطان هو ذلك المرض اللعين، والعدو الصامت الذي يثير في النفوس الخوف والقلق، والشعور بأن الحياة قد انتهت، وأن الموت يعلو صوته، لكنه في بعض الأحيان يصبح نقطة تحول في حياة العديد من الأشخاص الذين يواجهونه، هذا المرض اللعين الذي لا يفرق بين كبير وصغير ويغير حياة المرضى بشكل جذري، لكن من بين كل تلك التحديات والصعوبات التى تواجه المرضى يظهر دائما الأمل.
فقصتنا اليوم تتحدث عن إنجي يوسف، الأم والزوجة التي اختارت أن تواجه السرطان بكل قوتها، لتخرج من هذه التجربة ليست فقط سليمة ومتعافية، بل ملهمة أيضا للآخرين وتحاول مساندتهم.
إنجي يوسف هى امرأة في الأربعينات من عمرها، كانت حياتها تسير بشكل طبيعى وهادئ حتى خريف 2018 عندما بدأ الجسم أن يخبرها بشيء غريب لم تكن تتوقعه
تقول “إنجي”: " كان عندي تعب شديد فظننت أنني مصابة بنزلة برد بسيطة، ولكن مع مرور الوقت لاحظت وجود كتلة كبيرة في رقبتي فقررت زيارة الطبيب للاطمئنان وكانت المفاجأة أن هذه الكتلة هى بداية رحلة لم أتوقعها مع السرطان".
لم يكن التشخيص سهلا، حيث قررت “إنجي” استشارة أكثر من عشرة أطباء إلى أن اكتشفت أنها مصابة بسرطان الغدد الليمفاوية واللوزتين، وجزء من سقف الحلق لتبدأ رحلة العلاج من هذا المرض اللعين؛ حيث بدأت بالجراحة وتلتها جلسات كيميائية وإشعاعية شديدة الألم والمعاناة.
تتذكر “إنجى” تلك اللحظات قائلة: "كانت فترة العلاج أصعب من أن توصف بالكلمات وشعرت بحزن كبير عندما بدأ شعري يتساقط وظهرت علامات الاحتراق على بشرتي بسبب العلاج الإشعاعي، لكن زوجي كان دائمًا معي ويساندنى ويحاول أن يرفع معنوياتي، ويقول لي إن الجمال ليس في المظهر الخارجي بل في الروح والقوة الداخلية".
وأكدت أنها اتخذت قرارا حاسما بأن تكون قوية في مواجهة المرض والتحديات ونجحت في تخطي الظروف الصعبة واستطاعت أن تهزم المرض اللعين.
وعن الذين قاموا بدعمها قالت: "زوجى وأهلى كانوا أول الداعمين لى كما أنهم كانوا العامل الرئيسى فى شفائى، وحقيقى هما لم يتركونى لحظة؛ فقد كانت أختي ممرضتي الخاصة، وكانت تقدم لي الرعاية في كل لحظة، وأطفالي وزوجي كانوا دائما إلى جانبي، هذا الدعم كان يعطيني القوة للاستمرار".
أما عن أصعب اللحظات التى مرت عليها تقول “إنجى” : “كنت قد فقدت شعري وأرتدي باروكة وفي المستشفى طلبوا مني أن أخلع كل شيء معدني لكنهم رفضوا أن أضع غطاء رأس مما جعلني أبكي بحرقة، لكن الطبيب لاحظ حالتي بسرعة وأحضر لي غطاء رأس وكنت ممتنة له جدا”.
وأشارت خلال حديثها لـ "البوابة نيوز"، إلى أنها سعيدة جدا وممتنة لهذا المرض الذى ساهم فى تغير نظرتها للحياة وللناس، وجعلها تقرر أن تحول تجربتها الشخصية إلى مصدر إلهام للآخرين، وأن تساهم في نشر الأمل بين النساء اللاتي يعانين من تجارب مشابهة.
حيث بدأت مشروعا خاصا أسمته "تجربتي"، وكان هدفها الرئيسي هو مشاركة قصة رحلتها مع المرض ومساعدة النساء على تجاوز صعوباتهن وأنشأت مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع كل المرضى والمتعافيات أيضا لمساندة بعضهم، وفوجئت بردود الفعل الإيجابية من سيدات جاءت لتشاركن تجاربهن الخاصة.
وفي حديثها عن أسعد لحظات حياتها قالت: "كانت أسعد لحظاتى عندما علمت أننى تعافيت من السرطان وبدأت حياتى تصبح طبيعية بدون كيماوى وسقوط شعر وتعب وإرهاق، وأدركت أننى أستطيع مواصلة رسالتى كأم وزوجة بشكل طبيعى، ومن أسعد اللحظات أيضا عندما وجدت المجموعة التى أنشأتها على مواقع التواصل الاجتماعى بمساعدة أختى تلقى صدى وتنجح واستطعت أن أقدم المساعدة والدعم لكل مريضة سرطان".
واختتمت “إنجى” حديثها قائلة: “مرض السرطان ليس النهاية بل يمكن أن يكون بداية حياة جديدة حيث أن الحياة مليئة بالتحديات، ولكن بالإيمان والدعم العائلي يمكننا أن نتجاوز أي صعوبة ونبدأ حياة جديدة، ولن أنسى أن المرض علمنى الكثير فلقد تعلمت أنني يجب أن أحب نفسي وأعتني بها حتى في أصعب اللحظات”.
0 تعليق