مع فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة مرة أخرى، تستعد منطقة الشرق الأوسط لموجة جديدة من التغيرات الاستراتيجية والسياسية التي قد تعيد تشكيل المشهد الإقليمي بشكل غير مسبوق. فعودة ترامب إلى البيت الأبيض، المعروف بمواقفه الحادة وأسلوبه الصريح في التعامل، تثير تساؤلات حول مستقبل عدد من القضايا المركزية، وعلى رأسها النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وملف إيران، وترتيب التحالفات السياسية في المنطقة.
دعم قوي لإسرائيل وإضعاف للقضية الفلسطينية
يُتوقع أن يواصل ترامب دعمه القوي لإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الحساسة مثل القدس والاستيطان في الضفة الغربية. فترامب، المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل خلال ولايته السابقة، قد يتبنى نهجًا يعزز من موقف إسرائيل لتستمر في توسيع المستوطنات، ما يمكن أن يدفع إسرائيل إلى قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بدعوى الأمن القومي. هذه السياسات قد تؤدي إلى تقليص فرص حل الدولتين، حيث ستشعر السلطة الفلسطينية بمزيد من التهميش وتجد نفسها عاجزة عن إقناع المجتمع الدولي بإيجاد حل عادل. من جهة أخرى، قد تؤدي هذه التطورات إلى زيادة الإحباط لدى الشعب الفلسطيني، ما يرفع احتمالات اندلاع مواجهات جديدة.
تصعيد محتمل في الملف الإيراني
سيكون الملف الإيراني أحد أولويات ترامب، خاصة أنه خلال فترته الرئاسية الأولى انتهج سياسة "الضغوط القصوى" التي فرضت عقوبات اقتصادية شديدة أثرت على الاقتصاد الإيراني بشكل ملموس، خصوصًا في مجال النفط. فعودة ترامب قد تدفع إدارته نحو تعزيز العقوبات مجددًا، بهدف تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وتحديدًا في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث يتمتع الحرس الثوري الإيراني بنفوذ قوي من خلال دعم جماعات مسلحة محلية. قد تؤدي هذه السياسات إلى تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، وربما تحدث مواجهات غير مباشرة بين الطرفين في ساحات متعددة.
تقليص الوجود العسكري الأمريكي
لطالما اتخذ ترامب موقفًا واضحًا يميل إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الخارج، متذرعًا بتكاليف هذه العمليات وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي. وعلى الرغم من أن هذا النهج يلقى ترحيبًا لدى قاعدة ترامب السياسية في الداخل الأمريكي، إلا أن تنفيذه قد يترك فراغًا كبيرًا في المناطق الساخنة، مما قد يشكل تهديدًا لأمن المنطقة.. انسحاب القوات الأمريكية قد يفتح المجال أمام تمدد الجماعات المسلحة كتنظيم داعش أو الفصائل المتشددة الأخرى، كما قد يقوي النفوذ الروسي والإيراني في تلك المناطق، ما يعيد ترتيب موازين القوى بشكل كبير ويغير من التوازنات التي كانت الولايات المتحدة تشرف عليها.
انعكاسات استراتيجية على دول المنطقة
بعودة ترامب، تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة من الضغوط والتحولات، وقد تجد دول المنطقة نفسها مجبرة على إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية، لتصبح في حاجة لإعادة النظر في تحالفاتها وتعزيز دفاعاتها. فقد يؤدي انسحاب الولايات المتحدة جزئيًا من المنطقة إلى تشجيع دول أخرى على التحرك لتعزيز نفوذها.
في ضوء هذه التحديات، يبدو الشرق الأوسط مقبلًا على مرحلة جديدة من النزاعات المتصاعدة والضغوط المعقدة، حيث يتعين على الدول الموازنة بين مصالحها الوطنية والاستعداد لمواجهة تداعيات التقلبات السياسية التي ستؤثر بشكل كبير على استقرار المنطقة وأمنها.
0 تعليق