تحولت فعاليات المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وإفريقيا، المنعقد بمدينة سوتشي، إلى ساحة لإطلاق مسؤولين روس بارزين اتهامات للغرب بإطلاق حقبة جديدة من الاستعمار بالقارة السمراء.
الاتهامات، التي جاءت في سياق تفاعل المؤتمرين مع سبل تقوية الشراكة بين موسكو وإفريقيا في ظل العقوبات الغربية بسبب الحرب في أوكرانيا، شملت انتقادات لأدوار البنك الدولي وقوات حفظ السلام الأممية.
وفي خطاب بنبرات التحدي، اتهمت ماريا زاخاروفا، الممثلة الرسمية للخارجية الروسية، الدول الغربية بالتعامل مع القارة الإفريقية بـ”منطق الهيمنة”.
وقالت زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، إنه “على عكس منطق الاستعمار الجديد الغربي لإفريقيا، تسير روسيا إلى بناء علاقات محترمة، مبنية أساسا على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأعضاء الاتحاد الإفريقي”، حسب قولها.
وسجلت الدبلوماسية الروسية أن “الغرب يقتل، اليوم، إفريقيا عبر هيمنة عملتي الدولار واليورو، وقتل المنافسة الشريفة والمتساوية في المعاملات التجارية”، لافتة الانتباه إلى أن “البنك الدولي يتشدد في دعم العديد من الاقتصادات الإفريقية بسبب نفاد أمواله التي وجهها لدعم أوكرانيا”.
وفي هذا الصدد، اعتبرت المتحدثة عينها أن “هذه حقيقة النزاع في أوكرانيا، حيث تم استغلال هذه النقطة لرفع الأسعار الغذائية والطاقية الدولية، بهدف التأثير على الدول الأخرى، خاصة الإفريقية”، مشيرة إلى أن “البنك الدولي، الذي ساعد أوكرانيا بما يزيد عن 50 مليار دولار حتى يبقى الرئيس فلاديمير زيلنسكي سعيدا، كان بوسعه توجيه ذلك إلى إفريقيا التي هي بحاجة إلى التنمية”.
وعادت زاخاروفا لتنبش في الماضي الاستعمار لإفريقيا، مردفة أن “هذه الموارد الطبيعية وكل الأشياء، التي سرقها الغرب من إفريقيا تحت قبعة الاستعمار، تجعله اليوم ملزما لإعادة كل هذه الثروة إلى أصحابها”.
سياق هذا المؤتمر، الذي يأتي في ظل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا يزال غامضا على مستوى الردود الفعل الرسمية بروسيا؛ فقد رفض أنطون كوبايكوف، مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإجابة عن سؤال لهسبريس حول هذه العودة.
وهاجم أيضا مستشار الرئيس الروسي تعامل الغرب مع إفريقيا، قائلا في مؤتمر صحافي: “يطرح الغرب مواضيع بنية سيئة، مثل الشراكة في مجالات الطاقة الخضراء مع دول القارة الإفريقية؛ في حين أن روسيا تطرح التعاون بشكل أحادي لإيجاد حلول واقعية، وليس أوهام حول مسألة الطاقة”.
وأورد المسؤول الروسي ذاته أن المشاكل في القارة الإفريقية ليست تقنية، أو تتعلق بالموارد المادية؛ بل هي مسألة بشرية، موضحا أن “روسيا في هذا الشق تريد شراكة متعددة الأبعاد مع إفريقيا تبدأ بما هو إنساني”.
وكشف المتحدث عينه أن هذا المؤتمر الوزاري الأول من نوعه خلص، في يومه الأول، إلى توقيع موسكو اتفاقيات عديدة؛ أهمها في المجالين العسكري والتجاري مع أكثر من 30 دولة إفريقية.
وتابع: “نريد أن نستغل تحالف (البريكس) ليكون انطلاقة تعاون حقيقي مبني على الاحترام، والتبادل التجاري الشريف، وليس مثل الغرب الذي ينتظر استمرار بؤر التوتر في مناطق إفريقية حتى يجد مصالحه الاستعمارية الجديدة”.
واعتبر كوبايكوف أن “قوات حفظ السلام الأممية وقروض البنك الدولي وغيرها من المؤسسات والأجهزة التي تستحوذ عليها الدول الغربية أثبتت أنها لم تحل الأزمات في القارة الإفريقية، بقدر ما فشلت في اقتلاع جذور التوترات”، حسب قوله.
ألكسندر باباكوف، نائب رئيس مجلس الدوما (البرلمان الروسي)، واصل هو الآخر شحذ سيف الاتهامات ضد الغرب، قائلا: “العالم اليوم الذي يعيش الفوضى، تحاول روسيا بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، مقابل بروباغندا غربية، جعلتها في الأخير تحصد الفشل”.
وأضاف باباكوف، ضمن اللقاء الصحافي ذاته، أن روسيا “هدفها البناء في العالم والقارة الإفريقية، وليس العكس، عبر استخدام أساليب مثل هيمنة الدولار، التي تلقي بالسوء على الشعوب”.
0 تعليق