دافعت فرق الأغلبية بمجلس المستشارين عن حصيلة منجزات الحكومة في القطاع الصناعي الوطني خلال السنوات التي مضت من عمر ولايتها، مُعتبرةً أن منظومة الصناعة الوطنية “تقوّت واكتسبت مناعة كبيرة، إذ حافظت على دورها في جلب الاستثمارات رغم الأزمات التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، من قبيل زلزال الحوز وفيضانات الجنوب الشرقي، فضلا عن جائحة كورونا وما تبعها من تداعيات على الاقتصاد الوطني”.
وعدّ مستشارو فرق الأغلبية الذين كانوا يتحدثون خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، التي التأمت اليوم بمجلس المستشارين لمساءلة رئيس الحكومة حول موضوع “منظومة الصناعة الوطنية كرافعة للاقتصاد الوطني”، أن القطاع الصناعي يعوّل عليه لتحقيق التوزان عند اختلال باقي القطاعات الأخرى، كالفلاحة والسياحة، خاصةً مع دوره في الحماية من التقلبات المناخية، مُستحضرين تضاعف أرقام الوظائف والاستثمارات في القطاع خلال العقدين الماضيين.
“مناعة المنظومة الصناعية”
مولاي مصطفى العلوي الإسماعيلي، المستشار البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، قال إن “الحكومة تمكنت من إرساء منظمومة صناعية جديدة تراعي الخصوصيات المجالية، وتسعى إلى تحقيق التوازن بين الجهات، تنضاف إلى النجاحات التي عرفها قطاع السيارات والطيران الذي يسير بخطى حثيثة لتحقيق الريادة الإقليمية والدولية”.
وأشار العلوي الإسماعيلي في مداخلته إلى “نجاح الخكومة في إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتشكيل لجان جهوية موحدة للاستثمار، إضافة إلى تحفيز رواد الأعمال على دخول غمار الاستثمار الصناعي، وتبني خارطة طريق تروم تحسين مناخ الأعمال في أفق 2026؛ فضلا عن تنزيل مقتضيات الإطار للإصلاح الجبائي، خاصة في ما يرتبط بإصلاح الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل”.
وعدّ المستشار ذاته أن “هذه المنظومة الصناعية التي أرستها البلاد قوية ومستدامة ساهمت في جلب الاستثمارات الصناعية الضخمة رغم توالي سنوات الجفاف وزلزال الحوز وفيضانات الجنوب الشرقي، ما يعني أنها اكتسبت مناعة كبيرة”، مبرزاً أنه “الحكومة بصدد إعطاء عناية خاصة للصناعة الغذائية بخصوصية جهوية، التي تعد مشغلا رئيسيا، خصوصا في العالم القروي”.
واسحتضر العلوي، بلغة الأرقام، إنجازات هذه المنظومة، مشيرا إلى “حلول المغرب ضمن أكبر المنتجين والمصدرين للسيارات في القارة اللإفريقية، بل أصبحت السيارات المنتج التصديري الأول للمملكة، وتمكنت صناعة الطيران من جذب شركات كبرى تقدم منتجات ذات جودة عالية موجهة للتصدير؛ كما أن الرباط اليوم من أكبر الدول المصدرة للأسمدة الفوسفاطية في العالم وفق برنامج استثماري ضخم يصل إلى 13 مليار دولار، حيث تساهم بشكل كبير في دعم الناتج الداخلي الوطني”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “التجمع الوطني للأحرار ساهم في تحقيق تراكم إيجابي في هذا القطاع، وساهم بشكل كبير في تحقيق هذه النجاحات التي تعرفها المنظومات الصناعية الوطنية على مدى عشريتين متميزتين من عهد الملك محمد السادس”، موردا أن “هذه المنظومة ما كانت لتنجح لولا الرعاية الملكية للقطاع الصناعي عبر الإشراف عى بلورة سياسات وإستراتيجيات صناعية مترابطة، والترسانة القانوينة القائمة على تحديث وتجويد النصوص القانونية لتحفيز الاستثمارات الصناعية ودعم المقاولات الصناعية المغربية”.
ولتطوير هذه المنظومة اقترح المستشار البرلماني عينه “مواصلة تجويد النصوص القانونية لإرساء حكامة فعالة داخل القطاع الصناعي، مع الإسراع في إخراج ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جداً الذي تأخر فيه المغرب كثيراً، وتأهيل الرأسمال البشري بالتكوين المستمر، وتشجيع البحث العلمي والابتكار في قطاع الصناعة، وتعميم الأحياء الصناعية في كافة الجهات”.
ودعا فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين كذلك إلى “إحداث مناطق صناعية خاصة بالمقاولات الصغرى، ودعم الاقتصاد غير المهيكل ومحاصرته من أجل إدخاله في المنظومة الاقتصادية الوطنية، وتوفير العقار للصناعة عبر إشراك الأراضي السلالية، وتكثيف برامج التكوين المهني قصد تمكين الشباب من تملك المهارات الضرورية”.
الصناعة تُحقق التوازن
من جهته أكد عبد الكريم الهمس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، أن “المغرب يعول كثيراً على قطاع الصناعة لحماية الاقتصاد الوطني من التقلبات المناخية التي تعصف بالفلاحة الوطنية، ومن الاضطرابات التي تؤثر على السياحة”، مٌبرزاً أن “بلادنا تراهن كثيرا على هذا القطاع للعب دور التوازن عند اختلال باقي القطاعات الإنتاجية”.
وثمّن الهمس في هذا الإطار “بصم الحكومة على إصلاحات مهمة داخل هذا القطاع، سواء على المستوى التشريعي أو التنظيمي، ما جعله يحقق إنجازات تحتسب للحكومة الحالية، التي حققتها في سياق اقتصادي دولي مضطرب يرخي بظلاله على واقع البلاد التي اخترات الانفتاح على السوق العالمية بما في ذلك من تكلفة”، مُشيراً إلى أنها “عملت على تحسين المنتج الصناعي المغربي والتوسع المهم على مستوى الأسواق الأجنية من خلال الانفتاح على أسواق جديدة، مع مواكبة هذا الانفتاح بينة تحتية متطورة”.
وتابع المتحدث ذاته: “هذا الأمر جعل معظم الصادرات الصناعية للبلاد تعرف استمراراً في الارتفاع هذه السنة، لاسيما صناعة الطيران وصناعة السيارات والصناعة الكهربائية، وصناعة الطاقات المتجددة، كأحد الصناعات الواعدة للبلاد”.
وفي المقابل، ونتيجة “تسجيل بعض الإشكالات التي مازالت تعيق القطاع”، دعا الهمس إلى “بذل مجهود أكبر لتيسير صعوبات وعقبات توفير العقار الموجه للصناعة، وخلق مناطق صناعية جديدة، إذ إن 80 في المائة من الصناعة مركزة ما بين مدينتي الجديدة وطنجة، مع جعل الصناعة رافعة أساسية لتشغيل الشباب العاطل عن العمل، لاسيما الذي لا يحمل شهادات تكوين مهني أو حرفي”.
وطالب المستشاري البرلماني ذاته بـ”سن شراكات دولية عبر اتفاقات بأقل تكلفة، لاسيما عبر الصناعات الغذاء والدواء، وتبسيط مساطر ولوج المقاولات الصناعية الصغرى والمتوسطة للتمويل، سواء العمومي أو الخاص، كالبنوك؛ إذ إن الأخيرة مازالت تصعب مساطرها أمام المقاولات رغم التوجيهات الملكية الواضحة في هذا الباب”، مُسجّلاً كذلك “ضرورة مواجهة جرائم تزوير العلامات الصناعية التي تتم بعدد من المقاولات العشوائية، التي توزع داخل الأسواق الوطنية في ظروف غير آمنة وتتسبب في مآس اجتماعية وصحية”.
“حصيلة متميزة”
من جهته أشاد محمد زيدوح، المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، بالحصيلة المتميزة للقطاع الصناعي الوطني المشفوعة بالأرقام والمؤشرات، على رأسها مؤثر الثقة، لافتاً إلى أن “المغاربة المستثمرين يثقون في القطاع الصناعي ببلادنا ويثقون في الآفاق السياسية والاقتصادية المطمئنة”.
ومن هذه الأرقام ذكر زيدوح في مداخلته “تضاعف الوظائف في القطاع الصناعي ثلاث مرات، وارتفاع عدد الشركات الصناعية بثلاثة أضعاف، وارتفاع الصادرات الصناعية بست مرات؛ إذ انتقلت من 61 مليار درهم سنة 1999 إلى 377 مليار درهم سنة 2023”.
وأضاف المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن “المغرب أصبح أول منتج للسيارات السياحية على صعيد القارة الإفريقية، والمصدر الأول للسيارات الحضرية إلى الاتحاد الأوروبية، وتموقع في خريطة الدول الكبرى الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية وصناعة البطاريات، وعزز ريادته في باقي المجالات على غرار الصناعة الغذائية والصناعة الدوائية وصناعة النسيج والجلد”.
وعدّ المتحدث أن “هذه الإستراتيجيات تمت مواكبتها بشبكة قوية من البينات التحتية واللوجستيكية، على غرار ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة والناظور وشبكة طرق وقطار فائق السرعة، وتعبئة أزيد من 13 ألف هكتار من العقار الصناعية وخلق حوالي 150 منطقة صناعية”.
وفي المقابل دعا زيدوح إلى “زيادة قدرة الدولة على إنتاج الأجزاء المكونة في صنع السيارات على سبيل المثال داخل المغرب لتقليص التبعية”، و”تبسيط المساطر الإدارية والولوج المسهل للعقار، ومتابعة كل من يعرقل خروج المشاريع الاستثمارية من أجل منفعة ما، وتحسين مستوى الخدمات وتقوية التنافسية، وتعميم المنطقة الصناعية المميزة”.
0 تعليق