قال محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، إن “التزام المملكة المغربية بحماية حقوق الإنسان ليس مجرد شعار يُرفع أو خطاب يُلقى، بل هو نبض متجذر في أعماق الوطن، ورؤية حكيمة تستشرف المستقبل بثبات”، مضيفا أنه “اختيار أزلي، وثيق العرى، ترسخه إرادة سامية عبّر عنها الملك محمد السادس”.
وأورد المسؤول ذاته، الذي كان يتحدث في الورشة الإقليمية حول “تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية لمناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة”، التي تجسد نداءً سامياً لتعزيز الضمانات التشريعية الوطنية في وجه التعذيب وسوء المعاملة، أنه “تأكيداً لهذا النهج الثابت تتجلى رؤى جلالته مرة أخرى في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية من المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش بتاريخ 27 نونبر 2014”.
وأكد مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني أن “المملكة المغربية في إطار سعيها الدؤوب إلى مناهضة التعذيب تظهر وجهها الإنساني، فلا تكتفي بالانضمام إلى هذه الصكوك، بل تجعل منها منارة تُضيء بها مساراتها القانونية، وتجعل من أروقتها منبراً ينادي بالحق، ويرفع لواء الكرامة في وجه الظلم”.
وقال الدخيسي إن “المديرية العامة للأمن الوطني بلورت رؤية متكاملة ومندمجة تهم حقوق الإنسان واحترام الحريات، انسجاما منها مع أحكام دستور فاتح يوليوز 2011، من خلال وضع مخطط عمل رام إلى الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية بصفة خاصة، ويرتكز على تمتين ودعم وسائل النزاهة والتخليق، وعصرنة هياكل ومناهج عمل الأمن الوطني ودعم قدرات موظفيه، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجويد التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي وملاءمته مع المعايير الدولية والمقتضيات القانونية الوطنية ذات الصلة، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في المجال الأمني، وتطوير مناهج وطرق البحث الجنائي ووسائل الشرطة التقنية والعلمية، والاستناد إلى القانون والتقنيات الحديثة في جمع الأدلة المادية في الميدان الجنائي، وكذا التواصل والانفتاح والتعاون مع المؤسسات والمنظمات المعنية”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “المديرية العامة للأمن الوطني تعمل باستمرار على تأطير وتوجيه كافة موظفيها في مجال الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص الذين يخضعون لإجراءات تدابير الحراسة النظرية، تحت طائلة العقوبات التأديبية والإحالة على العدالة عند الاقتضاء؛ بالإضافة إلى أن فضاءات الوضع تحت الحراسة النظرية تخضع لتأطير مسطري دقيق للحيلولة دون جعلها مجالات مغلقة”.
وعرض المسؤول نفسه بعض الإجراءات الاحترازية التي قامت بها المديرية العامة، سواء على مستوى البنيات التحتية أو تحسيس الموظفين المكلفين بمهام التدخل والتوقيف والبحث والحراسة النظرية والنقل، وكذا على مستوى منهجية العمل، علاوة على النظافة والوقاية المستمرة من الأمراض المعدية؛ إلى جانب التدابير الوقائية من مخاطر الحريق والهلع.
وذكر الدخيسي أن المديرية العامة للأمن الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان أبرما اتفاقية شراكة انطلقت في شهر شتنبر 2022، “تهدف إلى تطوير العمل المشترك بين المؤسستين بغرض تعزيز مناهج التدريب والتكوين الشرطي في مجال حقوق الإنسان، ودعم الممارسات المهنية والتدخلات الميدانية وفق المعايير الوطنية والدولية في هذا المجال”.
كما أشار المتحدث إلى جملة من الأنشطة التي تم تنظيمها، من قبيل ندوة دولية حول “المعايير والممارسات المتعلقة بالوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء التوقيف والاستماع والحراسة النظرية”، ومؤتمر إقليمي رفيع المستوى حول “دور المؤسسات الأمنية في الوقاية من التعذيب”.
وأكد مدير الشرطة القضائية أن “المملكة المغربية أصبحت اليوم تمتلك رصيدًا ماديًا وغير مادي متميزًا في مجال حقوق الإنسان، وهو ما يشكل مصدر فخر واعتزاز، بالنظر إلى التجربة الرائدة التي راكمتها، خصوصًا في مجال الوقاية من التعذيب، إذ شهدت بلادنا إحداث ‘الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب’ المنصوص عليها في الجزء الرابع من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، ما يمثل خطوة أساسية نحو تعزيز الالتزامات الدولية والدستورية للمغرب في هذا المجال”، مبرزا أن “مبادرة تنظيم هذا الملتقى العلمي حول هذا الموضوع بالذات تصب في الرغبة الأكيدة لدينا جميعا، كل من موقعه الخاص، في تعبئة وتنسيق الجهود في إطار الشراكة الفاعلة للوقاية من التعذيب بكافة أشكاله”.
وعبر الدخيسي عن أمله أن تتوج أشغال هذا اللقاء رفيع المستوى بتوصيات بناءة، مستنيرة برؤية الخبراء والمشاركين، بما يسهم في إرساء أسس التغيير الفعلي وتعزيز مسار الوقاية من التعذيب، في إطارٍ يضمن احترام الكرامة الإنسانية وتعزيز سيادة القانون.
0 تعليق