رفض حقوقيون مغاربة أعمال الشغب التي تزعمها مهاجرون ينحدرون من دول جنوب الصحراء بمنطقة القليعة، نواحي مدينة إنزكان، مطالبين السلطات المعنية بـ”التفكير بجدية في ملف وضعية هذه الفئة بالتراب الوطني”.
وعاشت القليعة، يوم أمس السبت، على وقع مواجهات بين القوات الأمنية وبين 150 فردا من مهاجري جنوب الصحراء؛ وهو ما دفع النيابة العامة لدى محكمة إنزكان إلى فتح تحقيق حول قضية تعرض أحد الأشخاص من أصول إفريقية للسرقة والضرب والجرح.
إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، قال إن “هذه الأحداث مأساوية ومدانة وغير مقبولة، ولا تخدم قضايا المهاجرين بشكل عام، خاصة سيرورة إدماجهم وأيضا تقبلهم من لدن المجتمع المغربي”.
وأضاف السدراوي، متحدثا لهسبريس، أن مثل هذه الأحداث تكون عادة “معزولة”، ويمكن أن تضر المغاربة؛ لكن أن تكون ردة الفعل بهذا المستوى فهذا “أمر غير مقبول بتاتا”.
وشددت رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان على أن “الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني مطالبة بالاشتغال أكثر على مثل هذه القضايا، خاصة التعريف بالجانب القانوني وآليات الدفاع عن الحقوق والتبليغ في حالة تعرض مهاجر غير نظامي بالمغرب للاعتداء”.
وتابع المتحدث ذاته: “على الجهات الأمنية والقضائية أن تتعامل مع حادث القليعة بصرامة وبما يلزم في حدود القانون، حيث يعتبر شل الطرق العمومية خرقا للقوانين وإساءة إلى البلد المضيف”، لافتا إلى أن “هذه التصرفات ستزيد من غضب المواطنين، وستضرب جهود الإدماج داخل المجتمع”.
وشدد الفاعل المدني سالف الذكر على أن “الحكومة مطالبة أيضا بإجراءات ملموسة بعد تسوية الملك وضعية العديد من المهاجرين؛ وهي خطوة لم تُفعل بالشكل المطلوب ولا تواكب نجاحات المغرب دوليا في هذا المجال”، حسب قوله.
وأشار السدراوي إلى أن “المغرب قطع، في السنوات الأخيرة، أشواطا كبيرة في ملف المهاجرين غير النظاميين، خاصة على مستوى شمال إفريقيا”.
من جانبه، تأسف محمد الغفري، فاعل حقوقي، لأحداث القليعة، قائلا: “كان الرد عنيفا؛ مما جعل المنطقة كلها في حالة من الفوضى، ودفع السلطات إلى التدخل، خاصة بعد شل طرق عمومية”.
وأضاف الغفري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “كل هذا سببه أحداث يمكن أن تقع ليس فقط لمهاجر؛ بل أيضا لأي مواطن مغربي في الشارع العام.. ومن جهة أخرى شعور هؤلاء بالاحتقار، وهو الأمر الأساسي الذي جعلهم يقومون بهذا التصرف غير المقبول من أي كان”.
وشدد الفاعل الحقوقي ذاته على أن “المشكل الأبرز هو المجموعات التي يتشكل فيها المهاجرون من جنوب الصحراء، والتي تعتبر قنبلة موقوتة”.
وزاد: “نطالب بأن يكون الأمن والسلام في الشارع العام للجميع، وليس لفئة على حدة. مثل هذه الأحداث تتطلب مقاربة تواصل وحوار مع هذه المجموعات المغلقة، وأن يوضح الأمن أن الأمر ليس استهدافا لهم”، مؤكدا أن “المقاربة الأمنية وحدها لن تعالج الأمر، ولن يحصل سوى مزيد من التوتر”.
وأردف المتحدث عينه أن “هذا التصرف غير مقبول، سواء من مهاجر أو من مواطن مغربي؛ لأن الشغب ليس في صالح أحد، حيث يتضرر أبرياء من الأمر”، لافتا إلى أنه “يجب أن نفهم أننا لسنا ضد وجود المهاجرين من جنوب الصحراء؛ بل نريد تسوية وضعيتهم، وأن يفكر المغرب جديا في هذا الأمر”.
0 تعليق