أحدثك اليوم عن رواية الغواص والتى تتناول مسيرة حياة الإمام الغزالي للروائية الدكتورة ريم بسيوني وهى رواية تاريخية تحكى عن مسيرته بدءًا من طفولته وصباه وارتحاله لطلب العلم هو وأخوه ليلتحقا بالمدرسة النظامية وتستمر الرواية فى سرد التغيرات الفكرية التى لازمت الإمام الغزالي طوال حياته وزهده فى السلطة بعد أن كانت تسعده وتشبع رغباته النفسية ونوازعه الشخصية وقد حاولت الروائية أن تقدم الإمام الغزالي كإنسان بعيدا عن صورته كفقيه ومتصوف وفيلسوف، ومفكر.
لكنني استأذنك قبل القراءة فى الرواية أن انقل لك آخر صفحة فى الرواية منفصلة عن أحداثها حيث أنها أوضحت في هذه الصفحة خلفيات كثيرة عن حياة الإمام الغزالي وذلك تحت عنوان "على هامش التاريخ".
لقد أكملت ما أنتهت إليه فى روايتها بقولها:
مات أبو حامد الغزالي في زاويته وهو يعطي درسه.. وكان في حوالي الرابعة والخمسين من عمره.. أما آخر جملة قالها فكانت كما نقلها شقيق الإمام الأصغر أحمد الغزالي: "سمعًا وطاعة للدخول على الملك"
وقد استمر شقيقه في تدريس كتب أخيه وشرح كتاب إحياء علوم الدين للطلاب بقية عمره، وعاش بعد أبي حامد أكثر من خمسة عشر عامًا.. وكان من طلابه المشهورين شيخ الإسلام وعالم الصوفية "السهروردي".
وأشارت إلى أن الإمام الغزالي مازال يعد من أهم مفكري العالم ومن أكثر العلماء المسلمين تأثيرًا على الإطلاق، سواء في الغرب أو الشرق، بل قالت:
وأكاد أجزم أنه أكثر مفكر تمت الكتابة عنه في كل العالم حتى بعد موته بأكثر من ألف عام.. وتُرجمت الكثير من أعماله لكل لغات العالم.. وأن كُتبه في الفقه الشافعي وعلم الكلام تُدرس كمرجع أساسي في مدارس الشافعية، وكُتبه عن الصوفية أسست لفكر صوفي مُنظم وشامل وأثرت في كل علماء الصوفية من بعده.
وذكرت الروائية تنبيها لقارئ الرواية بأن بعض الفلاسفة اتهموا الإمام الغزالي بأنه يناقض نفسه في كتاباته؛ ومنهم مثلا الفيلسوف اَلْأَنْدَلُسِيَّ "ابن رشد"، ولكن من جانب آخر أدرك الفيلسوف والعالم اَلْأَنْدَلُسِيَّ ابن طفيل أن للغزالي كُتبًا لم تصل إلى الأندلس قد ذكرها الغزالي نفسه، وقال إنها مُحرمة على من لم يَرسخ في العلم، وأطلق عليها «المضنون بها على غير أهلها».
وقالت بأنه قد وصلت إلينا بعض كتب الغزالي المضنون بها على العامة التي كتبها فقط للعلماء الراسخين في العلم، وأصبحت في متناول الناس؛ منها: مشكاة الأنوار، وجواهر القرآن، وكتاب الأربعين في أصول الدين، ومعارج القدس.
وأشارت إلى أن من يقرأ للإمام للغزالي يعرف أنه يكتب لأكثر من قارئ؛ لقارئ عام وقارئ خاص، وما يكتبه للقارئ العام غير ما يكتبه للخاص، والسبب في هذا هو أنه كان دومًا يحاول الحفاظ على عقيدة العامة، وعدم تشتيت فكرهم أو تلبيس اعتقادهم.
ونبهت الروائية بأن معظم الدراسات عن الإمام الغزالي باللغة العربية تغفل رسائله المُجمعة التي كتبها بالفارسية؛ لذا نجد أن العلماء العرب لم يذكروا رسالة الغزالي لملك الشرق سنجر، ولم يذكروا رسالة الغزالي للوزير التي رفض فيها منصب إمام بغداد مع أهمية الرسالتين، وقد تم ترجمة رسائل الغزالي إلى اللغة العربية في منتصف القرن العشرين فملأت الكثير من الفراغات عن فترة عودته إلى طوس وتدريسه هناك وعلاقته بالعلماء والحكام والأصدقاء بعد محنته وترك منصبه...
وذكرت بأنه فى آخر أيامه طلب طلابه منه وصية في جملة واحدة فقال: عليكم بالإخلاص.
الأسبوع القادم بإذن الله أكمل القراءة فى رواية الغواص للروائية الدكتورة ريم بسيوني
0 تعليق