أثارت العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في جبل الشيخ والمناطق العازلة بسوريا انتقادات من الدول العربية والمجتمع الدولي، ووصفت بأنها احتلال جديد للأراضي السورية. ومع ذلك، تظل الأهداف الإسرائيلية غير المُعلنة من هذه الخطوة موضع تساؤل كبير. ويرى مراقبون أن الخطوة تأتي في سياق سعي إسرائيل لتعزيز أمنها القومي وإنشاء حزام أمني على حدودها الشمالية.
أهداف إسرائيل: حزام أمني واستراتيجية طويلة المدى
كشف ميخائيل هراري، السفير الإسرائيلي السابق في قبرص، أن التحرك الإسرائيلي السريع جاء نتيجة القلق من غياب نظام مركزي قوي في سوريا، خاصة مع سيطرة فصائل متشددة. وأوضح أن هدف إسرائيل هو إنشاء حزام أمني يمنع أي تهديدات مباشرة من الأراضي السورية، مشيرًا إلى أن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة حول انهيار اتفاقية فصل القوات لعام 1974 تعكس رغبة إسرائيل في الاحتفاظ بالمناطق التي سيطرت عليها.
مصير اتفاقية فصل القوات لعام 1974
تشكل اتفاقية فصل القوات بين سوريا وإسرائيل، التي توسط فيها وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، محوراً رئيسياً في التحركات الحالية. وبين هراري أن إسرائيل تعتمد على وعود شفوية من كيسنجر بأن الولايات المتحدة لن تطالبها بالانسحاب من الجولان. ومع ذلك، فإن هذا الاتفاق يواجه تحديات كبيرة في ظل الظروف الحالية، حيث لم يعد الوضع كما كان عليه منذ توقيع الاتفاقية.
أشارت المحللة السياسية الإسرائيلية آنا بارسكي، في تقرير لها بصحيفة "معاريف"، إلى أن الجيش الإسرائيلي وسّع عملياته جنوب سوريا للسيطرة على مصادر المياه الحيوية، بما في ذلك قناة نهر اليرموك وسد الوحدة المشترك بين سوريا والأردن. ولفتت إلى أن السد، الذي افتتح عام 2004، يشكل نقطة استراتيجية هامة لتوفير المياه والطاقة، مما يجعل السيطرة عليه جزءًا من الأهداف الإسرائيلية بعيدة المدى.
التقدم نحو الطريق الدولي دمشق-بيروت
ذكرت بارسكي أن الجيش الإسرائيلي تقدّم نحو عمق 12 كيلومترًا في منطقة القنيطرة وضواحيها الشرقية، ليصبح على بعد أقل من 20 كيلومترًا من الطريق الدولي بين دمشق وبيروت. هذه الخطوة قد تكون ذات أبعاد استراتيجية لتضييق الخناق على التحركات العسكرية والسياسية في المنطقة.
ردود الفعل السورية: بين القبول والمقاومة
أوضح الخبير الإسرائيلي آفي أشكنازي أن المعارضة السورية قد تتعايش مع التحركات الإسرائيلية إذا لم تتجاوز الأخيرة الخط العازل أو تتدخل في الشؤون الداخلية. ومع ذلك، هناك تقارير تشير إلى مقاومة محلية في بعض المناطق مثل بلدة بيت جن، التي استعصت على السيطرة الإسرائيلية.
دور إيران وحزب الله في المشهد الحدودي
أكد السياسي السوري عمر الحبال أن حماية الحدود السورية-الإسرائيلية كانت تحت إدارة مباشرة من حزب الله وإيران، وليس الجيش السوري. وأوضح أن هذه القوات كانت تعمل بضمانات من النظام السوري بعدم تهديد إسرائيل. هذه العلاقة غير المعلنة قد تُفسر غياب المواجهات المباشرة بين إسرائيل وهذه القوات طوال سنوات النزاع.
نتنياهو وطموحات التوسع الإسرائيلي
زيارة نتنياهو لجبل الشيخ وتصريحاته حول البقاء الطويل تعزز من الشكوك بأن إسرائيل تسعى لتوسيع حدودها بما يتجاوز الحاجات الأمنية. ويرى مراقبون أن التوسع الإسرائيلي يعكس طموحات جغرافية وسياسية تمتد لأبعاد إقليمية.
0 تعليق