مقترح إجراء امتحانات الثانوية العامة داخل الجامعات.. خبراء يكشفون العقبات والمزايا

0 تعليق ارسل طباعة

أثار مقترح محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم، بعقد امتحانات الثانوية العامة داخل الجامعات بهدف مكافحة الغش، جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وانتقادات من خبراء التعليم الذين أكدوا أن العقبات التنظيمية واللوجستية تفوق أي مزايا محتملة.

معوقات تطبيق القرار

الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، يقول إن توقيت امتحانات الثانوية العامة قد يتزامن مع امتحانات بعض الكليات، مما يجعل من الصعب توفير القاعات أو المدرجات الجامعية لعقد الامتحانات، خاصةً في الجامعات التي تعاني من كثافة طلابية.

وأضاف شوقي في تصريح خاص لـ"الرئيس نيوز" أن بعض المناطق الريفية والقرى لا تحتوي على جامعات قريبة، مما يعرض الطلاب لصعوبات في الوصول إلى مقار الامتحانات، خاصة مع محدودية وسائل النقل وتباعد المسافات.

وأكد أن الجامعات غير مجهزة لتخزين وتأمين أوراق امتحانات الثانوية العامة، مع ضرورة مراعاة وجود الكنترولات الجامعية في الوقت نفسه، مما يضيف عبئًا تنظيميًا كبيرًا، لافتا إلى أنه مدرجات الجامعات تتسم بأنها تستوعب أعدادًا كبيرة من الطلاب مقارنة بالفصول الدراسية الصغيرة، مما يجعل السيطرة على سير الامتحانات أكثر صعوبة، خصوصًا في ظل محاولات الغش الإلكتروني.

فيما أوضح الدكتور عاصم حجازي، الخبير التربوي، أن امتحانات الثانوية العامة يجب أن تكون تحت الإشراف الكامل لوزارة التربية والتعليم، حيث إنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن ضمان سلامة الامتحانات وإدخال الجامعات في المنظومة يتعارض مع هذا المبدأ.

وقال حجازي في تصريح خاص لـ"الرئيس نيوز" إن تنظيم الامتحانات في الجامعات يتطلب الحصول على موافقات رسمية من إدارات الجامعات المختلفة، فضلًا عن توفير استراحات للملاحظين، وتنظيم عملية دخول وخروج الطلاب، مما يضيف أعباء تنظيمية ضخمة.

وأضاف: قد يؤدي استخدام الجامعات لعقد امتحانات الثانوية العامة إلى تعطيل أنشطة جامعية هامة، مثل المؤتمرات وورش العمل والدورات التدريبية، بالإضافة إلى تضاربها مع جداول امتحانات الطلاب الجامعيين.

الغش مشكلة إلكترونية وليست مكانية

وأكد حجازي أن الغش الإلكتروني، الذي يمثل التحدي الأكبر في امتحانات الثانوية العامة، لن يتأثر بنقل الامتحانات من المدارس إلى الجامعات، مشيرًا إلى أن السبب وراء انضباط الامتحانات الجامعية هو العقوبات الصارمة وليس تغيير المكان.

وفي المقابل، قال الدكتور محمد كمال الأستاذ بجامعة القاهرة، إن مقترح فكرة نقل لجان امتحانات الثانوية العامة إلى الجامعات الحكومية يعد خطوة مهمة نحو مواجهة ظاهرة الغش المنتشرة داخل لجان الثانوية العامة، خاصة في المدارس الواقعة بالمناطق الشعبية، حيث يتدخل بعض أولياء الأمور لمساعدة أبنائهم على الغش، مما يشكل ضغطًا على المراقبين ويُهدد نزاهة الامتحانات.

مميزات امتحانات الثانوية العامة 2025 بالجامعات
وأوضح الأستاذ بجامعة القاهرة أن مميزات نقل الامتحانات إلى الجامعات تأتي على النحو التالي:

- رقابة صارمة: وجود اللجان داخل الجامعات يقلل من احتمالات تدخل أولياء الأمور نظرًا لصعوبة دخولهم إلى حرم الجامعة.

- إشراف أساتذة الجامعات: التعاون بين المجلس الأعلى للجامعات ووزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم سيضمن إشرافًا أكاديميًا محكمًا على اللجان.

- تخفيف الضغط على المراقبين: إبعاد اللجان عن المدارس التقليدية يُخفف الضغط على المعلمين المراقبين، ويوفر بيئة أكثر انضباطًا.

عقبات لوجستية وإدارية

وأشار الأستاذ بجامعة القاهرة، إلى أنه برغم المميزات الواضحة، إلا أن تنفيذ هذا المقترح يواجه تحديات وعقبات قد تكون صعبة التجاوز، ومن أبرزها:

- بعد المسافات وصعوبة التنقل، حيث يبلغ عدد الجامعات الحكومية في مصر 27 جامعة فقط، وهو ما يُعد عقبة كبيرة أمام تنفيذ المقترح، وانتقال الطلاب من القرى إلى الجامعات بالمحافظات يوميًا سيكون أمرًا مرهقًا وصعب التطبيق، خاصة أن هناك أكثر من 800 ألف طالب يمتحنون حاليًا في نحو 2000 لجنة موزعة على المدارس.

- تزامن مواعيد الامتحانات مع الجامعات، حيث امتحانات الثانوية العامة تعقد في شهر يونيو، وهو الموعد نفسه لامتحانات نهاية العام الدراسي بالجامعات، وهذا التداخل قد يؤدي إلى خلل إداري كبير، سواء في تنسيق مواعيد الامتحانات أو تسليم واستلام أوراق الأسئلة والإجابة.

- التكلفة المالية، حيث تتحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية تنظيم الامتحانات، ولكن في حالة نقلها إلى الجامعات، من سيتحمل التكاليف الإضافية؟، الجامعات الحكومية تعاني بالفعل من عجز في ميزانيتها، فكيف ستُغطى نفقات الامتحانات، وما مصير تكلفة أي تلفيات أو شغب قد يحدث داخل الجامعات؟.

- ضيق الأماكن داخل الجامعات، حيث أن الجامعات الحكومية ليست مؤهلة لاستيعاب الأعداد الكبيرة لطلاب الثانوية العامة، خاصة في المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية، كما أن الجامعات الخاصة لا يمكن الاعتماد عليها نظرًا لمحدودية سعتها، والجامعات الأهلية الجديدة المنبثقة من الجامعات الحكومية لم تستكمل مراحلها النهائية بعد.

حل وسط: مقترح لتنفيذ تدريجي
وتابع، أنه في ظل التحديات الكبيرة، أرى أن الحل قد يكمن في تطبيق المقترح بشكل جزئي ومخطط له بعناية، من خلال:

- توزيع طلاب المدن الكبرى على الجامعات، حيث يتم تخصيص جزء من لجان الثانوية العامة للجامعات في المدن التي تضم جامعات حكومية كمرحلة أولى.

- تنسيق مواعيد امتحانات الثانوية العامة بما يتوافق مع جداول امتحانات الجامعات، لتجنب أي خلل إداري.

- تحمل وزارة التربية والتعليم التكلفة الكاملة المتعلقة بإجراء الامتحانات داخل الجامعات لضمان عدم تأثر ميزانيات الجامعات.

- تفعيل أجهزة التشويش الإلكتروني: لضبط الامتحانات في القرى والمناطق التي تشهد حالات غش متكررة، يمكن الاستعانة بأجهزة تشويش لمنع الغش الإلكتروني وإغلاق لجان "الأكابر" التي تُعرف بمخالفة القوانين.

ولفت إلى أن مقترح نقل امتحانات الثانوية العامة إلى الجامعات يبقى فكرة طموحة تستهدف ضبط العملية الامتحانية والحد من ظاهرة الغش التي تؤرق المجتمع التعليمي، لكن تطبيقه يتطلب دراسة دقيقة وتخطيطًا مُحكمًا لمعالجة التحديات اللوجستية والمالية، متسائلًا "هل تنجح وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في الوصول إلى صيغة توافقية تحقق الهدف دون الإضرار بالعملية التعليمية؟".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق