المغرب والجزائر.. ورقة بحثية تشير إلى احتمال وقوع مواجهة مسلحة بين البلدين وبشكل “محدود” في التفاصيل،
نشرت ورقة بحثية على موقع المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات دراسة تحليلية تسلط الضوء على سباق التسلح في المنطقة المغاربية، مع التركيز على التنافس بين المغرب والجزائر.
وأشارت الدراسة إلى أن التسلح في هذين البلدين شهد تصاعدًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، ليجعل المنطقة من أكثر المناطق تسلحًا في العالم.
وفي عام 2021، استحوذت الدول المغاربية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) على نحو 50% من الإنفاق العسكري في القارة الإفريقية.
الدراسة، التي أعدها عبد النور بن عنتر، أستاذ مشارك في أكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية في قطر، اعتبرت أن ديناميكيات التسلح في المغرب والجزائر ليست مرتبطة فقط بالتوترات السياسية بين البلدين، بل لها أبعاد أخرى تجعل المواجهة العسكرية المحتملة بينهما أمرًا ممكنًا، حتى لو اقتصرت على اشتباكات حدودية. وأكدت أن السباق المحموم للتسلح يهدد الاستقرار في المنطقة ويستوجب مراجعة أنماط الأمن السائدة لتجنب حرب غير مرغوب فيها.
التسلح الجزائري: تحديات وتوجهات جديدة
أوضحت الورقة أن الإنفاق الدفاعي الجزائري كان محدودًا في العقود الأولى بعد الاستقلال، لكنه شهد قفزة كبيرة منذ مطلع الألفية الثالثة بفضل عائدات النفط والغاز. وتوقعت استمرار الجزائر في برامج التسلح المكثف، خاصة بعد تصريح الرئيس الجزائري بهذا الخصوص.
لكن الحرب في أوكرانيا تطرح معضلة للجزائر، التي تعتمد بشكل كبير على روسيا كمورد أساسي للأسلحة.
وأشارت الورقة إلى أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى انخفاض تدفق الأسلحة الروسية إلى الجزائر، مما يضع برامجها الدفاعية في موقف صعب، إذ من المستبعد أن تحصل الجزائر على بدائل غربية بنفس الكفاءة. كما تواجه الجزائر معضلة سياسية بين تعزيز تعاونها مع روسيا وتجنب العقوبات الغربية، ما يعكس تحديات استراتيجية معقدة.
المغرب: استراتيجية تنويع التحالفات وتطوير الصناعة الدفاعية
على الجانب الآخر، يركز المغرب على تحديث قواته المسلحة منذ الستينيات بالتعاون مع الولايات المتحدة. وأشارت الدراسة إلى أن المملكة طورت شراكات استراتيجية مع واشنطن، بما في ذلك اتفاقية أمنية تمتد حتى عام 2030.
كما وسّع المغرب من مصادر تسليحه، معززًا قدراته العسكرية في مجالات الحرب الإلكترونية، البرية، البحرية، والجوية.
وذكرت الدراسة أن المغرب حقق تطورًا ملحوظًا في مجال التسلح منذ تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث وقع اتفاقيتين عسكريتين تهدفان إلى تطوير صناعة محلية للأسلحة، مما يعزز استقلاليته في هذا المجال.
توازنات القوى وتحديات الأمن الإقليمي
أكدت الورقة أن سباق التسلح بين المغرب والجزائر يعكس استراتيجيات مختلفة لتحقيق التوازن الإقليمي. يعمل المغرب على “موازنة خارجية” من خلال تعزيز تحالفاته مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما تركز الجزائر على “الموازنة الداخلية” مع الحفاظ على استقلالية أمنية بعيدة عن التحالفات الخارجية.
ورغم هذه التوجهات المختلفة، حذرت الدراسة من أن الكوابح التي تحول دون اندلاع مواجهة بين البلدين بدأت تضعف، ما يزيد من احتمالية التصعيد العسكري. وأوصت بضرورة إعادة التفكير في السياسات الأمنية بالمنطقة لتجنب تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي.
0 تعليق