لم يتأخر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ولم يضع الوقت، وبدأ سريعا عقب الإعلان المبدئي عن فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، باختيار فريق إدارته الجديدة، حيث أعلن خلال الأيام القليلة الماضية، عن مجموعة من الأسماء لتولي حقائب وزارية ومهام بحكومته المقبلة في بداية العام الجديد ما يكشف صورة عمل الولايات المتحدة وتأثيراتها خلال الأربع سنوات المقبل علي أمريكا والعالم وحاصة بملفات السياسة والدبلوماسية والأمن والدفاع والإقتصاد، اضافة طبعا الي قراءة سياساته في فترته الرئاسية الأولى.
وفي رأيي، ما يجمع جميع وزراء ومساعدي وموظفي ترامب في المناصب العليا، هو التأييد المطلق لإسرائيل والعداء الواضح لإيران، والتوافق الكامل مع أفكار الرئيس المنتظر،
ونتذكر أنه عقب تولي ترامب الرئاسة قبل ذلك، وفور دخوله البيت الأبيض أغضب الأسواق، بقرارات تتعلق بالهجرة وراجع اتفاقية التجارة مع المكسيك، وإنسحب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ،
وعلي سبيل المثال فإن اختياره للملياردير الأمريكى إيلون ماسك لتولى حقيبة وزارة الكفاءة الحكومية مع رجل الأعمال فيفيك راماسوامى، يمهدان الطريق لتفكيك البيروقراطية الحكومية وتقليص الإجراءات التنظيمية المفرطة، وخفض الهدر فى النفقات، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية، حسب تصريح الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب ما يعني تقليص العمالة والتكاليف فى الحكومة الأمريكية، وخفض البيروقراطية وهنا طبعا تأثيرات عالمية تتعلق بالتجارة والعلاقات الدولية حيث تعهد بفرض سوم بنسبة 60% أو أعلى على السلع المستوردة من الصين، إضافة إلى رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 10% و20% على كل شريك تجاري آخر للولايات المتحدة، ومعدلات تعريفة تصل إلى 100% أو 200% أو 1000% في ظروف أخرى ما يضر بالشراكات التجارية الدولية ويرفع تكاليف الاستيراد والتصدير، وبالتالي تتأثر الأسواق المالية، ما يؤثر علي النمو الاقتصادي الأمريكي، ومن خلفه العالمي.. كما كشف ترامب عن خطط تقضي بفرض رسوم جمركية جديدة تتراوح بين 10 و20 % على الواردات من أوروبا، ما أثار مخاوف اقتصادية من خطر اندلاع حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي.
ويوما بعد يوم، ومع هذه الاختيارات في فريقه الرئاسي، تتكشف ملامح السياسته الخارجية لترامب وهي قائمة على مواجهة الصين ودعم إسرائيل والضغط على إيران، فها هو ترامب يرشح عدو الصين لمنصب وزير الخارجية وهو السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو والذي ولد روبيو لأبوين مهاجرين كوبيين في ميامي ودرس العلوم السياسية في جامعة فلوريدا التي تخرج فيها عام 1993 ثم انتخب عام 2010 عضوا في مجلس الشيوخ بدعم من حزب الشاي الذي يضم جمهوريين متشددين عادوا واندمجوا مع الحزب الجمهوري في أعقاب انتخاب باراك أوباما رئيسا ويوصف بالمتشدد تجاه بعض الملفات الخارجية كإيران والصين ويتوافق مع سياسة ترامب ومواقف تجاه الحرب الروسية الأوكرانية وضرورة إنهائها فورا كما ان ترشيح مايك والتز في منصب مستشار الأمن القومي وإليز ستيفانيك سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة يكشف أيضا سياسة ترامب الخارجية فالمرشحون الثلاثة إلى جانب نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس يهاجمون الصين وقد فرضت بكين عقوباتٍ على روبيو مرتين ووصفها والتز بأنّها التهديد الأكبر للولايات المتحدة.
ولهذا تأثيرات على أسواق النفط والطاقة حيث تعهد ترامب بخفض أسعار الطاقة إلى النصف، وهذا أمر صعب، لأن الأسواق تخضع لقوى العرض والطلب، إلا أنها قد تتأثر بخطته لدعم إنتاج النفط الصخريببلاده.
وهنا توقعات بأن يتدخل ترامب في عمل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حيث وعد ترامب بخفض أسعار الفائدة، وهو مؤيد بقوة لزيادة الإنفاق ما قد يؤدي لإرتفاع معدلات التضخم من جديد بعد سعي الفيدرالي لتخفيضها، ما ينعكس بالسلب على الأسواق الناشئة ويدفع المستثمرين من جديد للاتجاه إلى الملاذات الآمنة كالدولار والذهب.
وقد حذر رئيس البنك المركزي الألماني من أن أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي سوف يتكبد خسائر كبيرة بسبب خطط ترامب الجمركية وإذا تم تنفيذ هذه الخطط الجمركية، فقد يكلفنا ذلك في حوالي 1 % من الناتج الاقتصادي الألماني، وأكدت وزارة الاقتصاد الألمانية على أن التعافي الاقتصادي في ألمانيا قد يتأخر بسبب انتخاب ترامب.
زحسب بعض التقديرات فإنه إذا فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 20 % على الواردات من الإتحاد الأوروبي و60 % على الواردات من الصين، فقد تنخفض الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة بنسبة 15% في وقت تتوقع فيه الحكومة الألمانية أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 للعام الثاني على التوالي بشكل طفيف.
ورغم ترحيب أسواق المال والعملات المشفرة بانتخاب ترامب لكن هذا قد يتغير حال تطبيق ترامب لسياساته التجارية المتشددة.
ورغم عزم ترامب وتصريحه بإنهاء الحروب، إلا أن خلفيات مستشار الأمن القومي مايك والتس، والمرشحين للخارجية ماركو روبيو والدفاع بيتر هيكس، وكذلك المرشحين للمناصب الأمنية والسيادية، لا توحي بسياسات صديقة لروسيا، كما أنهم سبق أن أعلنوا مواقف مؤيدة للأنشطة الاستيطانية والخطاب المتطرف الذي يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وصرح بعضهم سابقا بأنه لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية ولا مستوطنات ولا احتلال، كما أن رجل الأعمال وقطب العقارات ستيف وتكوف سبق وأن أعلن إعجابه بالواجهة البحرية لغزة واستعداده للاستثمار فيها، قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم، إنه اختار المستثمر العقاري والمتبرع لحملته الانتخابية ستيف ويتكوف، ليكون مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، والنائب السابق جون راتكليف، لرئاسة وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، ورشح الرئيس الأميركي المنتخب، حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية كريستي نوم، لتولي وزارة الأمن الداخلي، وهو منصب محوري يرتبط مباشرة بسياسات الهجرة المتشددة للجمهوريين.
لكن هناك اشارات أخري في هذه الاختيارات الترامبية، حيث اختار الرئيس الأمريكي المنتخب تولسي جابارد، عضو مجلس النواب المنتمية للحزب الديمقراطي سابقا، لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، وهي أول هندوسية يتم انتخابها لعضوية مجلس النواب في عام 2012، وانتقدت استجابة بايدن للصراعات المستمرة حول العالم، قائلة إن هذه الإدارة جعلتنا نواجه حروبا متعددة على جبهات متعددة في مناطق حول العالم وأقرب إلى شفا حرب نووية أكثر من أي وقت مضى، وفي عام 2017 زارت الرئيس السوري بشار الأسد، وانتقدت دخل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما في الحرب في سوريا.
وفوجئ الكثير باختيار ترامب لـ "بيت هيجسيث" وهو مذيع قناة فوكس نيوز ومحارب قديم في الجيش الأميركي، لمنصب وزير الدفاع في إدارته المقبلة، وقد أعرب هيجسيث في أحد كتبه عن معارضته لتجنيد النساء في الأدوار القتالية لأن ذلك يجعل "الجيش أقل فعالية.
وتشير الأنباء الي أن الرئيس المنتخب دونالد ترمب اختار عضو مجلس النواب الجمهوري مايك والتز مستشارا له للأمن القومي، وحاكمة ولاية ساوث داكوتا كريستي نويم لتولي حقيبة الأمن الداخلي.
وسبق وأن انتقد مايك والتز النشاط الصيني في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وأشار إلى حاجة أمريكا للاستعداد لصراع محتمل في المنطقة، كما انتقد إدارة الرئيس جو بايدن بسبب الانسحاب الكارثي من أفغانستان في عام 2021، حسب رؤيته، وسيكون والتز مسؤولا عن إطلاع ترمب على القضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن القومي.
واستعدادا لأكبر عملية ترحيل.. يدرس فريق ترامب توسيع مراكز احتجاز المهاجرين وإنشاء مواقع جديدة، والاتفاق مع شركات سجون خاصة، كجزء من خطة الترحيل الجماعي التي وعد بها ترامب.
وأعلن دونالد ترامب، أنه سيعين المتشدد توم هومان، الملقب بقيصر الحدود، مسؤولا عن الوكالة المكلفة الإشراف على حدود الولايات المتحدة "آي سي إي"، وتعهد بإطلاق أكبر عملية لترحيل المهاجرين غير النظاميين في تاريخ الولايات المتحدة منذ اليوم الأول لولايته التي تبدأ رسميًا في يناير 2025، مشيرا إلى أنه سيكون مسؤولا عن كل عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين وإعادتهم إلى بلادهم.
كما اختار ترامب النائب الجمهوري المثير للجدل مات جيتز لمنصب النائب العام، في إطار خطوات سريعة لاختيار عناصر الإدارة الجديدة واختار، سوزي وايلز، لتولي منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض وستصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ البيت الأبيض.
وبالعودة لإيلون ماسك قد يستخدم خبرته في عالم المال والسياسة، ويلبع دور كيسنجر، في التقريب بين أمريكا والصين، مستخدما علاقاته الكبيرة مع المسؤولين في الصين، حيث أسس في عام 2018 شركة "تيسلا" كأول شركة تصنيع سيارات مملوكة بالكامل لأجنبي في الصين.. وكان الدبلوماسي الأمريكي هنري كيسنجر، قد نجح في تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، خلال زيارته الأولى لبكين في يوليو 1971.
ورشح الرئيس المنتخب دونالد ترمب النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك لتكون مندوبة للولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، وهي حليفة قوية لحركة "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" التي يقودها دونالد ترمب، وقادت حملة العام الماضي لإقالة قادة الكليات الذين لم ينددوا بشكل كاف بمعاداة السامية خلال جلسة استماع في مجلس النواب بشأن هذه المسألة، وأدت استجواباتها لثلاثة من رؤساء الجامعات بشأن معاداة السامية في الحرم الجامعي، إلى استقالة اثنين منهم، وهو الأداء الذي أشاد به ترمب مرارًا وتكرارًا.
ويتعين على ترمب ترشيح قادة 15 وكالة حكومية، إضافة إلى مناصب إدارية عليا أخرى تتطلب موافقة مجلس الشيوخ، إلى جانب تعيين كبار الموظفين.
0 تعليق