انهيار عقار الوايلي.. استفاق سكان حي الوايلي في العباسية صباح أمس الثلاثاء على صوت انهيار هائل كأنما زلزال يضرب الأرض، حيث انهار عقار مكون من خمسة طوابق بُني في الستينيات، ليصبح كومة من الأنقاض في لحظة.
الحادث أسفر عن مصرع 8 أشخاص، وإصابة آخرين، بالإضافة إلى مشهد مؤلم من الذكريات والأحلام التي تحطمت تحت الركام.
القصة الكاملة لانهيار عقار الوايلي.. جيران العقار يروون تفاصيل الحادث
بدأت فصول المأساة عندما سمع الجيران صرخات استغاثة في الفجر، حيث سمعوا أصواتًا من تحت الأنقاض تطلب المساعدة، وبمجرد أن وصلوا إلى موقع الحادث، كانوا عاجزين عن فعل أي شيء سوى الانتظار، وبعد دقائق قليلة، وصلت سيارات الإسعاف وقوات الحماية المدنية، بينما وصل الصحفيون والإعلاميون لتغطية الحادث. بدأت عمليات البحث لإنقاذ الناجين بين الركام.
تفاصيل انهيار عقار الوايلي
في البداية، كان هناك أمل في العثور على أحياء، إذ كانت هناك محاولات لإنقاذ الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض. كان الجميع يأمل أن يكون هناك طفل صغير محميًا تحت طاولة، أو شخص مسن يمكن إنقاذه. لكن مع مرور الوقت، تحول الأمل إلى حزن ثقيل، حيث تم انتشال جثث الضحايا واحدة تلو الأخرى.
من بين الضحايا الذين تم التعرف على هوياتهم، كان هناك عمر محمود أحمد دكروري، ومحمد بهاء الدين محمد (الشاب الذي كان يخطط للزواج قريبًا)، بالإضافة إلى وليد سليمان عصر وأحمد سليمان عصر، إلى جانب 3 آخرين لم تُعرف هوياتهم بعد. أما المصابون، فرغم جراحهم، كانوا شهودًا على الحادث المأساوي. قال طارق حسام محمد، الذي أصيب بكدمات وسحجات، "كنت نائمًا وسمعت صوتًا مرعبًا. فجأة، انهار كل شيء فوقنا. لا أعرف كيف نجوت." فيما عانى محمد عثمان محمد من جرح في رأسه، بينما أصيب محمد المغربي بكسور في فخذه وذراعه.
على جانب الطريق، كانت والدة إحدى الضحايا تجلس في حالة من الحزن الشديد، وقالت بكلمات مؤثرة: "كنت أتحدث معه قبل ساعات، قال لي إنه سيزورني غدًا، والآن سأراه للمرة الأخيرة في الكفن"، وفي زاوية أخرى، وقف رجل مسن يبكي بحرقة قائلاً: "هذا بيتي الذي عشت فيه كل حياتي، والآن أصبح رمادًا، ومعه رحل كل شيء".
أسباب انهيار عقار الوايلي
بعد وقوع الحادث مباشرة، فتحت النيابة العامة تحقيقًا موسعًا لمعرفة أسباب انهيار العقار. كما طلبت النيابة تحريات المباحث حول الحادث، في حين أمر محافظ القاهرة بتشكيل لجنة هندسية لفحص المباني المجاورة لضمان سلامتها. قامت الشرطة بإخلاء السكان من العقارات المجاورة كإجراء احترازي، وتم قطع التيار الكهربائي عن المنطقة وفرض كردون أمني لمنع الاقتراب من مكان الحادث.
من جانبها، تواصلت وزيرة التضامن الاجتماعي، الدكتورة مايا مرسي، مع فرق الإغاثة والهلال الأحمر المصري لضمان تقديم الدعم الفوري لأسر الضحايا والمصابين. وقد تم التنسيق مع إدارة التضامن الاجتماعي بالقاهرة لضمان تحرك سريع لتقديم المساعدة.
عقار الوايلي بالعباسية
أظهرت المعاينة الأولية للعقار المنهار أن المبنى يعود إلى عام 1961 وكان يتكون من طابق أرضي وأربعة طوابق علوية وروف. وقد تبين أن العقار كان يعاني من تشققات وتصدعات كبيرة في جدرانه، ما أدى إلى انهياره على السكان.
العقار كان يواجه مشاكل إنشائية كبيرة طوال الفترة الماضية، وتلقى السكان شكاوى عدة عن تصدعات متزايدة في الجدران، وهو ما دفع فريق من حي الوايلي إلى المعاينة والتحذير من خطر انهياره، قبل وقوع الحادث بأيام قليلة.
معاينة عقار الوايلى تكشف الأسباب الخفية وراء انهياره
بعد انهيار العقار، هرع السكان المجاورون إلى المكان في محاولة لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض، لكن قلة الإمكانيات ونقص الإمدادات كانت عائقًا أمام الجهود الأولية لإنقاذ الضحايا.
وفقًا لشهادات الأهالي، تم إنقاذ اثنين فقط من سكان الطابق الأخير، بينما فشل الجميع في الوصول إلى باقي الأشخاص المحاصرين. وقال عم "محمد" الذي يقترب من عامه الـ60، وهو في حالة انهيار، إن شقيق زوجته، "أنور"، كان أحد ضحايا العقار المنهار، وكان قد تحدث معه قبل يومين عن المشاكل الإنشائية في العقار.
وأضاف “كنت معه يوم الجمعة، ولا زلت أتذكر حديثه عن اللجنة التي كان من المقرر أن تأتي لتقييم حال المنزل”.
فرق الإنقاذ والمحصلة النهائية
استمرت عمليات البحث والإنقاذ التي قادتها فرق الحماية المدنية وقوات الإنقاذ البري طوال عدة ساعات. وحتى الساعة الرابعة عصرًا، تم انتشال 8 جثامين من بين الركام، وكان من بينهم أحمد عصر ووليد عصر، بالإضافة إلى "عيد بركات" وصبي يدعى "عمر" كان يعمل في مقهى مجاور. بينما تم العثور على 3 ناجين آخرين من العقار المنهار.
مع حلول المساء، انتهت فرق الإنقاذ من رفع الأنقاض، بعد أن تم العثور على جميع الضحايا. وأحاطت قوات الشرطة بموقع الحادث وأقامت كردونًا أمنيًا، في حين كانت النيابة العامة تواصل التحقيقات للوقوف على ملابسات الحادث، كما تم تشكيل لجنة هندسية لفحص العقارات المجاورة لضمان سلامتها.
الترتيبات المستقبلية
توجهت الأنظار إلى المباني المجاورة للعقار المنهار، حيث تم إخلاء 3 عقارات مجاورة بعد التأكد من تعرض جدرانها للتصدع بسبب الحادث. ووسط حالة من الحزن والأسى، كان السكان يترقبون قرار اللجنة الهندسية بشأن مصير المباني المجاورة. بعضهم أُجبر على مغادرة منازلهم بسبب المخاوف من تكرار الكارثة.
السلطات المحلية تواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المواطنين، والبحث في أسباب انهيار العقار، في محاولة للحد من تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة مستقبلاً.
0 تعليق