لكل منا رد فعل مختلف تجاه الألم، سواء بالقدرة على تجاهله بسهولة أو أن تجد نفسك طريح الفراش بسبب إصابة بسيطة، لكن تحمل الألم وفقا للعلماء، قد يكون دليلا على وجود اعتلال نفسي.
ويقول العلماء إن هناك رابطا مفاجئا بين تحمل الألم وسمات الاعتلال النفسي. موضحين أن القدرة على الابتسام وتحمل الألم قد تكون علامة مقلقة على الشخصية المظلمة.
ووفقا للفريق من جامعة رادبود، فإن الأشخاص الذين يستطيعون تحمل مستويات عالية من الألم هم أكثر عرضة لأن يكون لديهم اضطرابات نفسية.
ووجدت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص ليسوا فقط أكثر مقاومة للألم، بل أيضا أقل قدرة على التعلم من التجارب المؤلمة.
ويعتقد العلماء أن السبب وراء هذه الظاهرة قد يكون متعلقا بالعجز عن تعلم الدروس من العواقب السلبية، وهو أمر قد يساهم في سلوكياتهم غير الاجتماعية.
وخلال التجارب، فشل المشاركون الذين لديهم سمات اعتلال نفسي في تغيير سلوكهم حتى عندما تعرضوا لصدمات كهربائية مؤلمة.
وقد تتحد هذه اللامبالاة بالعقاب مع دافعهم بالحصول على مكافأة، ما يجعلهم أكثر اندفاعا وإصرارا على تحقيق أهدافهم.
وتقول الدكتورة ديمانا أتاناسوفا، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "ما نعرفه من الأبحاث هو أن الأشخاص الذين لديهم سمات اعتلال نفسي يفشلون باستمرار في تغيير سلوكهم حتى بعد تلقي العقوبة، ما يشير إلى أنهم يكافحون للتعلم من العواقب السلبية لأفعالهم".
والاعتلال النفسي هو أحد سمات الشخصية التي يطلق عليها "الثالوث المظلم" والتي تتميز بالكذب المرضي، والتلاعب، والافتقار إلى الشعور بالذنب، والميل إلى ضعف التحكم في السلوك.
ولا يُعتبر كل من لديه هذه السمات مريضا نفسيا، حيث قد يكون لدى الكثيرين قدر معين من هذه الميول النفسية المختلة.
ولاحظ علماء النفس منذ فترة طويلة أن الأشخاص الذين لديهم هذه السمات غالبا ما يفشلون في التعلم من العقوبة أو العواقب السلبية لأفعالهم. ومع ذلك، لم يتمكنوا من تفسير الآلية المحددة وراء ذلك.
وفي هذه الورقة البحثية، يقترح الفريق أن عدم قدرة المرضى النفسيين على التعلم من النتائج المؤلمة قد يكون بسبب عدم الحساسية للألم الجسدي.
ولاختبار هذه النظرية، قام 106 من المشاركين بملء استبيانات مصممة للكشف عن مستويات الاعتلال النفسي مثل الافتقار إلى التعاطف أو الاندفاع.
وبعد إجراء الاختبار، تم تعريض كل مشارك إلى سلسلة من الصدمات الكهربائية الصغيرة عبر أقطاب كهربائية موضوعة على أذرعهم.
وسجل العلماء النقطة التي أصبح الألم ملحوظا فيها لأول مرة والمستوى الأقصى الذي كان المشارك على استعداد لتحمله.
وكما توقع العلماء، كان المشاركون الذين سجلوا أعلى الدرجات في سمات الاعتلال النفسي قادرين على تحمل المزيد من الألم مقارنة بالشخص العادي.
وفي بعض الحالات، تمكن عدد قليل من المشاركين من الوصول إلى الحد الأقصى لمستوى الصدمة الكهربائية، عند 9.99 ملي أمبير، قبل أن يصلوا إلى الحد الأقصى لتحملهم للألم.
وبينما ليس من الواضح تماما لماذا قد ترتبط الشخصية المعتلة نفسيا بعدم حساسية الألم، فقد وجد العلماء رابطا واضحا بين هذه السمات وسلوك التعلم.
وأجرى العلماء تجربة ثانية حيث كان على المشاركين اتخاذ قرارات في لعبة تحتوي على مكافآت أو عقوبات. ووجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من سمات اعتلال نفسي كانوا أقل قدرة على تغيير سلوكهم بعد تلقي نتيجة مؤلمة، وظهر لديهم نمط يُسمى "إعادة تعيين المعتقدات"، حيث يتجاهلون العواقب المؤلمة ويستمرون في نفس المسار رغم فشله.
ومن المثير للاهتمام، أن هذا النمط لم يظهر إلا في مجموعة الخيارات التي كانت العواقب فيها مؤلمة كنتيجة للاختيارات الخاطئة.
ويقول العلماء إن هذا يمكن أن يشير إلى عدم الحساسية للألم باعتباره السبب الجذري لعدم القدرة على التعلم من التجربة.
وتشرح الدكتورة أتاناسوفا لموقع PsyPost أن فشل المعتلين نفسيا في التعلم من العقاب قد يكون ناتجا عن خلل في آلية معرفية ترتبط بعدم الإحساس بالألم. وهذا قد يساعد في تفسير لماذا يواصل هؤلاء الأشخاص سلوكهم العدواني والمعادي للمجتمع حتى عندما يؤدي ذلك إلى عواقب سلبية.
توفر هذه الدراسة رؤى جديدة حول كيف أن الاعتلال النفسي قد ينطوي على فشل في معالجة التجارب المؤلمة، مما يساهم في أنماط سلوك خطيرة ومعادية للمجتمع.
إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق