اكتسبت القوى المعارضة لقانون حظر سيارات البنزين والديزل الجديدة بحلول عام 2035 زخمًا إضافيًا مع انضمام حزب الشعب الأوروبي، وهو أكبر قوة سياسية في القارة العجوز.
وبعدما نجح في تأجيل قانون مكافحة إزالة الغابات لمدة عام، يطالب الحزب -يميني الهوى- بتخفيف قيود الانبعاثات التي قد تغرّم الشركات مليارات اليوروهات، فضلًا عن إلغاء حظر سيارات الوقود الأحفوري في 2035.
ورغم معارضة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للفكرة سابقًا، فإنها وعدت بفتح حوار إستراتيجي حول الجدل الدائر.
وترزح صناعة السيارات المحلية تحت طائلة أزمة مزمنة دفعتها إلى إغلاق مصانع وتسريح العمال، وسط منافسة شرسة مع الصين، وتراجع المبيعات وارتفاع التكاليف، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتفاصيل القضية.
وكان البرلمان الأوروبي قد أقرّ في فبراير/شباط (2023) على القانون بإجمالي أصوات 340 مقابل معارضة من 279 نائبًا، وسط مساعي تحقيق هدف خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 55% في 2030، مقارنة بمستويات عام 2021، وصولًا إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
حظر سيارات البنزين والديزل في 2035
يعتزم حزب الشعب الأوروبي نشر وثيقة لبيان موقفه من سياسات الاتحاد الأوروبي المرتبطة بسيارات البنزين والديزل غدًا الأربعاء (11 ديسمبر/كانون الأول 2024).
ويرى الحزب المنتمى إلى تيار يمين الوسط أنه ينبغي التراجع عن قانون حظر سيارات البنزين والديزل بحلول عام 2035، من أجل ضمان استمرار بيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالوقود الحيوي، أو البدائل الأخرى بعد موعد الحظر المقرر.
واتباعًا لما يُسمى "نهج تقني محايد لا يقتصر على السيارات الكهربائية"، تقول المسودة إنه ينبغي تعديل القانون دعمًا للسيارات الكهربائية القابلة، وللتوصيل بمصدر كهربائي (تضم بطارية ومحرك احتراق داخليًا).
وطلب الحزب -ذو النفوذ السياسي الكبير وتنحدر منه رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين- من الاتحاد الأوروبي إجراء مراجعة مبكرة للقانون في أول 100 يوم من عمل المفوضية الأوروبية الجديدة (بحلول مارس/آذار) لإدخال التغييرات الجديدة.
كما اقترح الحزب تأجيل تشديد حساب الانبعاثات في عام 2025 المقبل إلى عام 2027، أو تغيير طريقة حسابها؛ تجنبًا لتغريم شركات تصنيع السيارات بمليارات اليوروهات، وهو ما حذرت منه بعض الشركات التي لن تستطيع الامتثال للقواعد الصارمة.
وفي السياق نفسه، قال المستشار الألماني أولاف سكولز ووزير الاقتصاد روبرت هابيك، في نهاية الشهر الماضي، إنهما يريدان منع الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات مناخية على صناع السيارات الذين يُعَدّون مصدرًا رئيسًا للدخل محليًا، وأنهما مهتمان بإرساء "تحول عملي".
مستقبل سيارات البنزين والديزل في أوروبا
يُعد حزب الشعب الجمهوري أكبر جماعة سياسية داخل كلٍّ من البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، ونجح مؤخرًا في تغيير بعض السياسات الخضراء فيما عدّه "نصرًا".
وأجّل الاتحاد خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (2024) قانون مكافحة إزالة الغابات لمدة عام، بعدما نال معارضة شديدة من الحزب والصناعة وحكومات بلدان منها البرازيل والولايات المتحدة.
لكن رئيسة المفوضية عارضت سابقًا إدخال تغييرات على قانون حظر سيارات البنزين والديزل الجديدة بحلول 2035، مؤكدة أنه ينبغي استمرار الحظر في صيغته الحالية؛ لأن القواعد الموضوعة وفرت بيئة استثمارية قابلة للتوقعات، كما أن العديد من الشركات أبلغت الاتحاد الذي يضم 27 دولة أنها في طريقها لتحقيق الأهداف.
وإذا حصلت وثيقة حزب الشعب الأوروبي على دعم واسع، فستحدث مواجهة لا محالة مع المفوضية، خاصة أن مفوَضَيّ النقل والعمل المناخي الجديدين (كلاهما ينتمي إلى الحزب) أعلنا دعمهما لـ"التخلص التدريجي" من سيارات البنزين والديزل في 2035.
وعند إعادة انتخابها في نوفمبر/تشرين الثاني رئيسة للمفوضية الأوروبية، أعلنت فون ديرلاين اعتزامها بدء حوار إستراتيجي حول مستقبل صناعة السيارات في أوروبا.
أزمة صناعة السيارات في أوروبا
يعاني صناع السيارات في أوروبا من تراجع الطلب والمنافسة الصينية ومبيعات السيارات الكهربائية الأقل من التوقعات.
في المقابل، ارتفعت واردات الاتحاد الأوروبي من السيارات الصينية (المصدر الرئيس) خلال عام 2023 المنصرم بنسبة 40% على أساس سنوي، كما تهيمن البلد الآسيوية على إنتاج كل المكونات تقريبًا المستعملة في تصنيع السيارات الكهربائية مثل البطاريات والرقائق.
وفي مواجهة ذلك، أقرّت المفوضية الأوروبية مطلع أكتوبر/تشرين الأول زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية من 10% إلى 45% لمدة 5 سنوات، لحماية الصناعة المحلية من المنافسة غير العادلة.
ومؤخرًا، أعلنت شركة فولكسفاغن الألمانية (Volkswagen) خططًا لإغلاق مصنعها في ألمانيا، كما يستعد القطاع لفرض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب رسومًا جمركية على واردات بلاده من السيارات.
وعلى مدار القرن الماضي، كانت صناعة السيارات الأوروبية مرادفًا للتميز الهندسي والجودة وحسن التصميم والابتكار، لكن القطاع الآن "في مفترق طرق" بسبب التحول الأخضر والرقمنة والمنافسة العالمية.
ويتعيّن على القطاع التكيف سريعًا لتخفيف المخاطر المصاحبة للاتجاهات المعطّلة، بحسب تقرير للاتحاد الأوروبي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
1- تفاصيل وثيقة حزب الشعب من وكالة رويترز.
2- معلومات إضافية عن الوثيقة من منصة إلكتريف.
3- تقرير الاتحاد الأوروبي عن أزمة صناعة السيارات.
0 تعليق