ذكرت تقارير إعلامية موريتانية، نقلا عن مصادر دبلوماسية، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سيحل، مطلع الأسبوع الجاري، بالعاصمة نواكشوط في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس جزائري إلى موريتانيا منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وأشارت التقارير إلى أن رئيس الجزائر سيحضر بهذه المناسبة أشغال مؤتمر حول الشباب، ينظمه الاتحاد الإفريقي في العاصمة الموريتانية خلال الفترة ما بين 9 و11 من دجنبر الجاري.
وتثير هذه الزيارة تساؤلات كبيرة حول أهدافها ودوافعها الحقيقية، خاصة أنها تأتي في ظل واقع دبلوماسي مضطرب تعيشه الجزائر التي تحاول الخروج من عزلتها الإقليمية والدولية عبر تعزيز نفوذها السياسي والدبلوماسي؛ من خلال استثمار الروابط الجغرافية والثقافية التي تجمعها مع موريتانيا التي تسعى إلى استمالة مواقفها حول القضايا الحساسة في المنطقة، على رأسها قضية الصحراء.
في المقابل، أكد مهتمون بالشأن المغاربي أن هذه المحاولات الجزائرية تصطدم بتحديات تتعلق بتوازن القوى في المنطقة والتزام موريتانيا بسياسة الحياد الإيجابي تجاه القضايا الخلافية، إذ يحرص صناع القرار في نواكشوط على الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من المغرب والجزائر؛ مع السعي إلى ضمان مصالح بلادهم الاستراتيجية واستقرارها الداخلي والنأي بها عن أية تحالفات قد تُفقدها هذا التوازن.
وحول سياق وأهداف هذه الزيارة المتوقعة، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “زيارة تبون المرتقبة إلى موريتانيا تأتي في سياق محاولة النظام استمالة الموقف الموريتاني بشأن قضية الصحراء، خاصة في ظل المتغيرات والتطورات التي شهدها هذا الملف في الآونة الأخيرة والتي أضعفت الموقف الجزائري على الساحة الدبلوماسية الدولية”.
وأضاف بن زهرة، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الزيارة تأتي أيضا في سياق محاولة الجزائر إقناع الحكومة الموريتانية بالانضمام إلى التكتل المغاربي الثلاثي الذي يضم تونس وليبيا، والذي رفضت نواكشوط الانضمام إليه”.
وأشار الناشط السياسي الجزائري المعارض إلى أن “الجزائر ستسعى إلى طمأنة موريتانيا بأن الانضمام إلى هذا التكتل، الذي أثبت فشله، لن يؤثر على حيادها في القضايا الإقليمية الحساسة، بما في ذلك ملف الصحراء؛ غير أن الجانب الموريتاني لن يتجه نحو اتخاذ خطوة الانضمام، وسيعمل على المحافظة على علاقاته المتوازنة مع بقية دول المنطقة المغاربية”.
وشدّد المتحدث ذاته على أن “كل التحركات الدبلوماسية الجزائرية، سواء في اتجاه موريتانيا أو غيرها من الدول، تهدف إلى حشد الدعم للمشروع الانفصالي في الصحراء، وليست مرتبطة، كما يُروج لها، بأية قضايا اقتصادية أو تعاونية؛ بل يستغلها النظام للتأثير على مواقف الدول بشأن ملف الصحراء الذي دخل في الآونة الأخيرة مسارا لا يرتضيه النظام الجزائري”.
من جهته، قال محمد عطيف، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، إن “الزيارة التي يُتوقع أن يجريها الرئيس الجزائري إلى موريتانيا تأتي في سياق محاولة الخروج من العزلة الدبلوماسية الإقليمية التي تعاني منها الجزائر إثر توالي أزماتها مع العديد من الدول الإفريقية والأوروبية، بما في ذلك دول الجوار التي أصبحت متوجسة من السياسة الخارجية الجزائرية”.
وأوضح الباحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، في تصريح لهسبريس، أن “النظام الجزائري يحاول البحث عن داعمين جدد للطرح الانفصالي الذي يدعمه في الأقاليم الجنوبية للمغرب، من خلال حث موريتانيا على اتخاذ موقف أكثر تأييدا لرؤيته المتجاوزة لحل النزاع، باستغلال الروابط الجغرافية والثقافية بين البلدين وإطلاق مشاريع مشتركة في بعض المجالات؛ غير أن نواكشوط تحاول دائما الحفاظ على حيادها التقليدي في هذا الملف، حيث توازن بين علاقاتها مع الجزائر والمغرب، مع التركيز على حماية مصالحها الاستراتيجية والحفاظ على استقرار المنطقة”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “المغرب وموريتانيا تربطهما علاقات تاريخية متعددة الأبعاد تقوم على رصيد غني من التفاعل المشترك، إذ يسعى المغرب إلى تعزيز التعاون الثنائي مع الطرف الموريتاني ضمن إطار الاحترام المتبادل وحسن الجوار، في وقت تواصل فيه نواكشوط تبني سياسة الحياد الإيجابي بشأن ملف النزاع في الصحراء، مع التأكيد على دعمها لحل سلمي ودائم للقضية في إطار الأمم المتحدة”.
0 تعليق