انهيار متّفق عليه.. - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة

يبدو للبعض أن ما يحدث في سوريا ما هو إلا انهيار واسع للنظام السوري متمثلا بقواته التي يسميها الجيش العربي السوري، وبنظرة سريعة نجد أن الفصائل المعارضة للنظام وعلى رأسها هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا” المصنفة على لوائح الإرهاب بموجب نص قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة 2254، قد تقدمت بشكلٍ لافت في مدينة حلب لتلحق بها باقي المدن والقرى المحيطة بها كأحجار الدومينو.

حلب ثاني أكبر مدن البلاد والعاصمة الاقتصادية لها لم تُطلق فيها طلقةً واحدة من قبل القوات الموالية للأسد دفاعا عن المدينة أو حتى لحفظ ماء الوجه، لتستمر مسيرة الفصائل نحو مدينة حماة وبعدها حمص، بالتوازي نجد أنّ الفصائل المساحة المعارضة للأسد في الجنوب قد قامت بدورها بالسيطرة على المحافظات الجنوبية درعا، السويداء والقنيطرة، ناهيك عن انسحاب القوات الموالية للأسد من مدن الرقة ودير الزور شرق سوريا مسلمةً إياها للقوات الكردية “قوات سوريا الديمقراطية” المصنفة على لائحة الإرهاب التركية، حتى وصلت الفصائل المعارضة إلى محيط مدينة دمشق ليُعلن بعدها عن تشكيل إدارة العمليات العسكرية في المعارض، والذي بدوره أيضا لم يكمل اليومين لتدخل الفصائل وبشكل سلس العاصمة السورية دمشق بتنسيق مع ضباط الجيش السوري وقادة الأفرع الأمنية فيها؛ وتسيطر على مبنى الإذاعة والتلفزيون وتصدر البيان رقم واحد الذي أعلن فيه إسقاط نظام الأسد.

والسؤال الأبرز هو كيف استطاعت هذه الفصائل أن تتقدم بهذه السرعة وتحقق الانتصار وراء الآخر دون أي مقاومة تذكر من قوات الأسد أو حتى حليفه الروسي الذي قام بقصفٍ خجول في عدة مناطق لم يذهب ضحيتها إلا المدنيون كما العادة.

السيناريو الذي نواجهه ليس متعلقا بقوة الفصائل أو ضعف قوات الأسد، وإنّما تسارع التطورات يعود كما نعتقد إلى اتفاقٍ بين تركيا وروسيا تحت المظلة الأمريكية الإسرائيلية لإنهاء الصراع على سوريا ومعاناة المدنيين العزل وحتى العسكر فيها، وكما يقال فإنّ الأسد دُفع ثمنه وقبضه الرئيس بوتين في أوكرانيا مع ضمانات بقائه في سوريا المتمثل في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية وبمشاركة ضباط في الجيش العربي السوري الذين “لم تتلطخ أيديهم بالدماء السورية” بضمان مشاركة عناصر من النظام بالحل السياسي المنظم في سوريا تحت بنود قرار مجلس الأمن المذكور آنفا، وأخيرا هندسة وزير الخارجية التركي السيد هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية الأسبق، الأمر الذي يجعلنا نفهم لماذا كان هذا الصراع قائما أكثر من عقد.

لا بد أنّ اجتماع أطراف أستانا الذي أقيم يوم السبت في الدوحة لم يُبح بكل أسراره بعد، لكنّ المؤكد أنّ الأسد لم يعد له مكانٌ أو دور في الخارطة السياسية السورية، وبالفعل فإنّ سوريا ما قبل 2011 ليست بعدها، ناهيك عن اقتراب تنصيب الرئيس المنتخب ترامب في أمريكا، فإنّ الوضع يتطلب المزيد من السرعة لحلحلة هذه الأزمة التي أصبحت عبئا هائلا على دول المنطقة والعالم أجمع، لا سيما تركيا وأوروبا التي يُثقل كاهلها أكثر من سبعة ملايين سوري موجودين على أراضيها.

أكثر من ستة عقود حكم البعث فيها سوريا، حكم استبدادي قمعي، دكتاتور وحيد محتكر، الملايين من السوريين عانوا من نظام الأسد والكثير ممن ولد وعاش ومات تحت حكم هذه العائلة.

الأمر المبشّر هو أنّ المؤسسات العامة والممتلكات الخاصة لم تُمس بالأذى وأن رئيس الحكومة السورية الأسبق السيد محمد غازي الجلالي يقوم بتصريف الأعمال الآن حتى تقوم انتخابات حرة أو تسليم السلطة لمجلس أو هيئة حكم انتقالية، علاوة على تأكيد الدول العربية وأطراف أستانا بوحدة سوريا وعدم تقسيمها وسلامة سيادتها ليبتعد شبح التقسيم الذي كان يخيف الكثيرين، والأهم فرحة السوريين ووحدتهم وحسرتهم على تلك المشاهد التي أدمت القلوب أثناء تحرير إخوانهم من معتقلات الأسد وأزلامه.

الوضع كان يتغير في سوريا كل دقيقة، إلا أنّ اللاعب الأهم في هذه العملية وهو الرئيس أردوغان الذي لم يُبعد أوراق اللعب عن صدره بعد لنعرف ماذا ستكون خطته لاحقا في ما يتعلق بسوريا وحلب تحديدا التي مازالت تحتل في قلب تركيا التاريخية المكانة الأبرز بعد إسطنبول.

لم يعد هناك سوريا الأسد بعد الآن.. هناك سوريا واحدة ولكل السوريين الذين لن يتوانى أي منهم في بناء مستقبلها الذي لطالما حلموا به.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق