بعد قرار الحكومة فتح الباب أمام “تسهيل استيراد زيت الزيتون” في محاولة لضبط أسعاره في الأسواق المحلية وتجنب حدة الغلاء الذي جعل هذه المادة الغذائية الحيوية بعيدة عن موائد عدد من المستهلكين ذوي الدخل المنخفض، طرحت جمعيات حماية المستهلك بالمغرب إشكالية التسويق، محذرة من مضاربات الجشعين وشبكات المحتكرين الذين يستغلون قلة المنتوج وغـلة هذه السنة لمزيد من التدليس والغش.
في هذا الإطار، نبهت الإطارات المدنية المدافعة عن “حقوق المستهلك” في المغرب إلى ضرورة “مراقبة دقيقة لمسارات زيت الزيتون”، سواء المحلية المنتجة بمناطق مغربية أو المستوردة، معتبرة أن “تبيان معطيات بلد أو منطقة المنشأ أو الإنتاج مع خصائص المنتج بوضوح، يساعد المستهلك على عقلنة اختياراته الاستهلاكية”، ويبعده عن السقوط في فخ شبكات الغش والتدليس التي تستغل ظرفية شح الإنتاج.
ولمواجهة ارتفاع أسعار زيت الزيتون، التي تجاوزت في المعدل المتوسط 100 درهم خلال هذا الخريف، وفق ما أفاد به مهنيون جريدة هسبريس الإلكترونية، كانت الحكومة المغربية قد أقرت، أكتوبر الماضي، المرسوم رقم 2.24.960 الذي سيتم بموجبه “وقف رسم الاستيراد المفروض على زيت الزيتون البكر وزيت الزيتون الممتاز”، إلى غاية 31 دجنبر 2024، على أن “يطبق توقيف رسم الاستيراد في حدود 10 آلاف طن”.
عقلنة الاختيارات
شدد عبد الرزاق بوقنطار، الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب، على أهمية “تأكد المستهلك المغربي من مصدر زيت الزيتون قبل أن يعمد إلى اقتنائها”، لافتا إلى ضرورة “إشراك الجمعيات المهنية وتلك المعنية بحماية المستهلك في مسار وصول الزيوت المستوردة إلى أسواق المغرب”.
وبينما أكد رئيس جمعية حماية المستهلك بالمحمدية، في حديث لهسبريس، ضرورة “ضبط مسار زيت الزيتون من إنتاجها وصولا إلى المستهلك مرورا بعمليات استخلاصها في المعاصر التقليدية أو العصرية في احترام لضوابط السلامة الغذائية”، شد على أن “المغاربة يجب أن يتمتعوا بثقافة استهلاكية عالية تدفعهم إلى عقلنة الاختيارات الاستهلاكية، وهو ما يجنبهم، حين معرفتهم بالمعلومات الدقيقة عن المنتج ومساره، مغبة اكتنازه أو اللهفة على شرائه بما قد يزيد من رفع الأسعار”.
وأجمل بوقنطار بأن “مصدر زيت الزيتون ومسار إنتاجها في غاية الأهمية، سواء تلك التي ننتجها محليا أو المستوردة، وأغلب عمليات التمويه أو التدليس أو محاولات الغش والمتاجرة غير الشريفة بها تكون بغرض تمويه المستهلك والتلاعب به، وهنا تكمن بداية الجشع. لذلك، وجب الحذر. وضبط مسارات التتبع والتعقب (traçabilité) عنصر لازم لتجنب ممارسات تضر بالمنافسة كما تمس بالمستهلك”.
علامة السلامة
يرى وديع مديح، خبير في قانون حماية المستهلك رئيس مؤسس “جمعية حماية المستهلك UNICONSO” بالدار البيضاء، أن “التزوير والتدليس والمضاربة ممارسات غير قانونية قديمة، ولا تعد وليدة اليوم، كما أنها ليست نتاج موسم فلاحي ضعيف الغلة أو قليل الإنتاجية”.
وقال مديح في تصريح لهسبريس: بالنسبة إلينا كمستهلكين مغاربة، فإن زيت الزيتون كمادة غذائية حيوية في معظم الموائد دائما ما ارتبطت في المخيال الجماعي بشراء الزيت مباشرة من المعصرة أو من المنتج”، مبرزا أن ذلك يطرح “إمكانية/احتمالية أن تكون المعاصر لا تحترم حقوق المستهلك أو تسهم في ممارسة تجارية غير قانونية ببيعها لزيت زيتون مجهولة المسار والمنشأ”.
تبعا لذلك، أكد الخبير في قانون حماية المستهلكين أن “الإشارة إلى منشأ الزيت ومصدرها أثناء عملية بيع/اقتناء المنتوج طيلة سلسلة مسار التوزيع والتسويق، أمر يجعل المستهلك واعيا أكثر بحقوقه ومسؤولياته”، ناصحا أن يتم “اقتناء منتوج له ضمانات مكتوبة في بطاقة تكون ملصقة عليه أو مرفقة به”.
كما أبرز مديح أن “المواد الغذائية الاستهلاكية بطبيعتها تستلزم الاطمئنان لعلامة السلامة الصحية للمنتجات ومسارات المراقبة التي يضمنها المكتب الوطني المختص، كما أنها مسؤولية المورد وتضمن حماية للمستهلك وترفع من مزايا المنتج في السوق”، حاثا على ضرورة ضبط مسارات سلسلة التوريد حتى في عملية الترخيص لاستيراد زيت الزيتون البكر والممتاز”.
0 تعليق