أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الرسمية إلى السعودية، الثلاثاء، أن بلاده والمملكة العربية السعودية تسعيان لتحقيق تقدم ملموس بشأن صفقة بيع مقاتلات رافال الفرنسية. وأوضح ماكرون أن الزيارة، التي قادها وفد فرنسي رفيع المستوى، تضمنت مباحثات معمقة حول الشراكة الدفاعية بين البلدين، بما في ذلك الصفقة المرتقبة التي ستعزز القدرات الجوية السعودية.
وبحسب مصادر مطلعة نقلتها وكالة فرانس برس، فإن الزيارة قد تمهد لاتخاذ قرار بشأن الصفقة، لكنها لم تصل بعد إلى إعلان رسمي. وتأتي هذه الخطوة في وقت تعمل فيه المملكة على تنويع مصادر تسليحها وتحديث قواتها المسلحة بما يتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
رافال: لماذا تثير اهتمام السعودية؟
تُعد مقاتلات رافال، التي تنتجها شركة داسو أفياسيون الفرنسية، من بين المقاتلات متعددة المهام الأكثر تطورًا في العالم. وتتميز بقدرتها على تنفيذ مهام قتالية متعددة، بما في ذلك الاستطلاع، الاعتراض، والقصف الدقيق، مما يجعلها خيارًا جذابًا للدول التي تتطلع إلى تعزيز مرونتها العسكرية.
السعودية، التي لم تشغل طائرات رافال أو سابقاتها من طراز ميراج، تسعى لتنويع ترسانتها العسكرية التي تعتمد بشكل رئيسي على طائرات أمريكية وبريطانية الصنع. يأتي هذا التوجه كجزء من استراتيجية المملكة لتحقيق الاستقلال العسكري وتقليل الاعتماد على موردين محددين.
رافال ليست مجرد طائرة عسكرية، بل هي رمز للتكنولوجيا الفرنسية المتقدمة. فهي قادرة على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الموجهة بدقة، مما يمنحها القدرة على التكيف مع مختلف سيناريوهات القتال، سواء الجوية أو الأرضية.
شراكة استراتيجية تتجاوز الدفاع
توجت زيارة ماكرون بتوقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجي بين السعودية وفرنسا. ووفقًا لبيان رسمي صادر عن الإليزيه، تهدف هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك الدفاع، الطاقة، الثقافة، وتنظيم الأحداث الكبرى.
الاتفاقية تعكس رؤية مشتركة بين البلدين لتوسيع آفاق التعاون بما يتجاوز الصفقات العسكرية، لتشمل قضايا الأمن الإقليمي، التحول في قطاع الطاقة، ودعم الابتكار.
رؤية المملكة 2030: تعزيز الصناعات الدفاعية
تأتي صفقة مقاتلات رافال ضمن إطار رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تعزيز التصنيع العسكري المحلي وتطوير تقنيات متقدمة. المملكة تهدف إلى رفع نسبة المحتوى المحلي في الصناعات الدفاعية إلى 50% بحلول عام 2030، مما يجعل هذه الصفقة فرصة لتحقيق هذا الهدف من خلال نقل التكنولوجيا والتدريب.
ومن المتوقع أن تعزز الشراكة مع فرنسا التعاون في مجالات التصنيع المشترك، التدريب، وصيانة الطائرات، مما يفتح آفاقًا جديدة لصناعات الدفاع في المملكة.
ماكرون: التعاون الدفاعي ركيزة للأمن الإقليمي
أكد ماكرون أن التعاون الدفاعي مع السعودية يعكس التزام فرنسا بدعم أمن واستقرار المنطقة. وأشار إلى أن العلاقات الثنائية لا تقتصر على الصفقات العسكرية، بل تمتد إلى مجالات استراتيجية أخرى تعزز من قوة الشراكة.
وأضاف:
"نحن نسعى إلى تحقيق إنجازات ملموسة تخدم مصالح الشعبين وتساهم في تعزيز الأمن الإقليمي."
هذه الخطوة قد تعزز أيضًا دور المملكة كقوة إقليمية ذات تأثير كبير، معززةً علاقتها مع فرنسا التي تسعى إلى تعزيز حضورها في المنطقة من خلال الشراكات الاستراتيجية.
0 تعليق