قدّم أعضاء من اللجنة الوطنية لطلبة الطّب، حضروا جولات المفاوضات مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار السابق، عبد اللطيف ميراوي، وخلفه عز الدين الميداوي، “توضيحات” كشفوا فيها الكواليس المرتبطة بالحوار الذي دام شهوراً قبل طرحه لدى مؤسسة وسيط المملكة، وكيف كانت نوعية خطاب الوزارة في الحلقتين معاً، وما الذي أدى إلى توقيع محضر التسوية الأسبوع الماضي بهذه “السرعة”.
خطاب جديد
حمزة أكنزي، عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، قال إن “الطلبة لم يقبلوا بسهولة العرض الحكومي الجديد”، مبرزا أن “تحديثاً شاملاً طرأ على خطاب ممثل الحكومة، الذي انتقل من كون تقليص سنوات الطب شامل لجميع الدفعات وقرار سيادي ولا رجعة فيه إلى أن “جميع النقط قابلة للنقاش والتفاوض، والثوابت واضحة، هي: الله – الوطن – الملك””. هذا النوع من الخطاب “خلق جوّا من الثقة المتبادلة”، يضيف المتحدث.
وأوضح أكنزي، في حديثه لهسبريس، أن “هذا التغيير الجذري في طريقة التعامل مع اللجنة الوطنية لطلبة الطب فتح، في وقت مبكر، بعد التعديل الحكومي مساراً جديداً للحوار”، مضيفا أن “المسؤول الجديد، الذي تولى الوصاية على التعليم العالي، اجتهد ووجد صيغة أخرى لينصف أربع دفعات، وطرح معنا مقترح الحفاظ على التكوين في سبع سنوات للدفعات التي سبقت المصادقة على القانون الجديد، مراعاة للفصل السادس من الدستور الذي يتحدث عن عدم رجعية القوانين”.
ولفت المتحدث إلى ما اعتبره “بوادر لإحداث قطيعة مع الطريقة السابقة في التخاطب مع الطلبة”، مشيرا إلى نموذج الطلبة الموقوفين، وقال: “كان الوزير ميراوي يشدّد على أن العقوبات تصبح ملغاة تلقائيا بعد توقيع محضر التسوية، في حين أن الوزير ميداوي قبل مقترح إعادتهم في مرحلة أولى لكسب ثقة اللجنة، وهو ما تمّ فعلاً”، مبرزا أنً “هذا النهج كان مرنا وجديا ومختلفا عن محاولات المرحلة السابقة اتخاذ الموقوفين رهائن من أجل الضغط على الطلبة للعودة إلى الأقسام”.
كما لفت إلى أن “الاستجابة أيضاً للحوار كانت مختلفة”، مبيناً أن “الوزير السابق انتظر شهوراً قبل عقد جولة الحوار، في حين أن الوزير الجديد قام بذلك مباشرةً بعد تعيينه، وهو ما وطّن الشعور لدى الطلبة بأن هناك إرادة سياسية للخروج من أطول إضراب جامعي في العالم في تخصصات الطب”، وهي النقطة التي نبهت فيها هسبريس المتدخل إلى اختلاف سياقات بداية جولات الحوار بين وزيرين أحدهما “عاش الأزمة في بدايتها والآخر التحق بها في أوجها”.
ما أثارته الجريدة تفاعل معه المتحدث بأن “المنطلقات مختلفة، إذ قدم الوزير السابق في أول لقاء عرضاً يعني فرض الأمر الواقع: الدولة اختارت تقليص التكوين وهي ماضية فيه بلا رجعة وبلا أيّ مكان للتفاوض”، مبرزا أن “مرحلة طرح الملف لدى مؤسسة وسيط المملكة كانت حاسمة في الوصول إلى حل. هذه الوساطة منحت ضمانات بضرورة التعاطي مع النقط العالقة كأولوية في أفق مناقشة النقطة المصيرية المتصلة بالتكوين في تخصصات الطب”.
سقف مرتفع
مروان بكار، عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب، قال إن “الخطاب الحكومي تغير بشكل لافت في الاجتماعات التي رعتها مؤسسة الوسيط في إطار التسوية”، مسجلاً أن “سقف الحلول ارتفع حين توفّرت الثقة، ومختلف الاجتماعات التي بدأت منذ أواخر 2023 كان الخطاب فيها متصلبا ومتمسكاً بتقليص التكوين من خلال مخاطبتنا مباشرةً بأن هذه النقطة غير قابلة للنقاش”.
وتابع قائلا: “المُخاطب الحكومي الجديد، بعد التعديل الذي طرأ على حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وحقيبة الصحة والحماية الاجتماعية، أظهر مرونة كبرى، مع أن الوساطة كانت مشتغلة والتسوية كانت كذلك، غير أنها كانت تواجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى حل بحكم إصرار الوزارة على خفض مدة التكوين وتشبث لجنة الطلبة بالعكس، فضلاً عن النقط المتعلقة بمكاتب الطلبة والموقوفين”.
ولدى سؤاله عن اتهامات بالتخلي عن طلبة السنة الأولى (موسم 2023-2024) في أول فرصة، أبرز المتحدث أن “التفاوض مع الحكومة بهذا الشأن ما زال مستمراً”، مشيرا إلى أن “الطلبة المعنيين سيدرسون ما يقارب 6000 ساعة في ست سنوات، في حين يدرس الطلبة في سبع سنوات نحو 4700 ساعة”، قبل أن يضيف “هذا تمييز إيجابي. ومع ذلك لم يحسم بعد النقاش. نبحث عن حلول إضافية. الثقة عموماً حاضرة بين الطرفين. إنّها نقطة قوة الجولة الثانية من المفاوضات”.
واستدرك المتحدث، الذي شارك في جميع محطات الحوار، بالقول إن “العرض الجديد الذي أنهى الأزمة لم يكن مناسباً بنسبة 100 في المائة، بيد أنه أنصف مجموعة من الدفعات، وقد تم وضعه في الجموع العامة والتصويت عليه بكلّ ديمقراطية”، لافتا إلى أن “القبول به عمليّا تمّ بعد الوصول إلى نتيجة أن الحكومة لم تعد تراهن على عودتنا إلى الفصول الدراسية بدون تقديم حلول ملموسة. سابقاً كان كل شيء مجرد وعد، يفتقر إلى الثقة”.
0 تعليق