في خطوة أثارت بعض الريبة، خصوصا بعد الشنآن الذي ظهر في العلاقة بين الطرفين، أقدمت الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 الذي تمت مناقشته في مجلس النواب على خفض الاعتمادات المخصصة للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بحوالي 60 مليون درهم.
وانتقلت الميزانية الفرعية للهيئة برسم السنة المالية 2025 إلى 210 ملايين و178 ألف درهم كمجموع عام سنوي، بعدما وصلت إلى 269 مليون و386 ألف درهم سنة 2024، وفق ما أعلنه رئيس الهيئة، محمد بشير الراشدي، الجمعة.
وبلغت ميزانية الاستثمار 28 مليونا و828 ألف درهم ضمن اعتمادات الأداء، و21 مليون درهم ضمن اعتمادات الالتزام، في وقت كانت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تعقد آمالا كبيرة على الرفع من ميزانيتها للنهوض أكثر بالأداء والمهام التي تضطلع بها.
وجاء التقليص من الميزانية الخاصة بالهيئة الدستورية المستقلة ليؤكد، حسب بعض المتابعين، “العلاقة غير السوية بين الهيئة والسلطات الحكومية، التي عبر عدد من وزرائها عن امتعاضهم من الخرجات الإعلامية والآراء التي تعبر عنها بخصوص مكافحة الفساد بالمغرب”. فهل مثل هذا الخفض من الميزانية انتقاما حكوميا من المؤسسة التي يقودها محمد بشير الراشدي؟.
محمد يحيا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، يعتقد أن هذا الخفض “يؤكد وجود خلاف بين الحكومة والمؤسسة، على اعتبار أن تقييم الأداء يبين أن النتائج المتوصل إليها تكاد تكون منعدمة”.
وأضاف يحيا، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “المبالغ المرصودة لهذه المؤسسة من وجهة نظري لا تعكس حجم النتائج المتوصل إليها، التي تبقى بعيدة كل البعد عن الذي ينبغي أن تصل إليه”.
وسجل المتحدث ذاته أنه “بالنظر إلى مستوى أداء الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها مقارنة مع الإدارات المماثلة بعدد من الدول فإنه يبقى ضعيفا”، وزاد: “انطلاقا من ذلك أرى أن تخفيض ميزانيتها معقول ومنطقي، فالمؤسسة مدعوة إلى بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأهداف الكبرى والنتائج التي أحدثت من أجلها”.
من جهته اعتبر عبد الله أبو عوض، الأكاديمي والمحلل السياسي، أن خفض ميزانية الهيئة المذكورة “ليس مؤشرا على الخلاف، بل يرتبط بترتيب أولويات ميزانية 2025”.
وأضاف أبو عوض، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الرهان الحكومي على خلق مناصب شغل كتحد ترافعت عنه الحكومة في خطاباتها الأخيرة يقف وراء هذا الخفض”.
وزاد المحلل السياسي ذاته موضحا: “هذا الأمر لا يعني محاذاة جانب الصواب من الهيئة بنعتها بعدم التعاون، بل إنها تحتاج إلى دعم الحكومة والوقوف بجانب تقاريرها”.
كما لفت أبو عوض إلى أن “الحكومة في قرارها تدفع بتوبيخ ضمني للهيئة بالاعتماد على مؤشرات محاربة الفساد، وأنها غير متوافقة مع الاعتماد المالي المخصص لها”، مؤكدا أن “رئيس الحكومة له الحق دستوريا في تقييم وتغيير مسؤولي المؤسسات بالنظر إلى النتائج المتوخاة منها”، حسب تعبيره.
0 تعليق