عدّت فتيحة الحمامي، رئيسة المجلس الجماعي المحبس بإقليم آسا الزاك التابع بجهة كلميم واد نون والمتاخم لمنطقة تندوف الجزائرية، أن المشاريع التنموية التي يجري ضخها تباعا في المنطقة تثبت أن انتقال المغرب من مرحلة تدبير ملف قضية الوحدة الترابية إلى مرحلة التغيير يشمل تسريع دينامية التنمية بصحرائه.
وأبرزت الحمامي، التي حضرت أمس السبت إلى جانب كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية ووالي جهة كلميم واد نون ومنتخبين ومسؤولين عموميين تدشين جملة مشاريع بالمنطقة بميزانية مهمة، أن “تأهيل البنيات التحتية وتوسيع العرض من المرافق والخدمات العمومية هو ما أثمر تضاعف عدد معمري الجماعة ما يقارب خمس مرات”، مؤكدة “توافد شركات أجنبية للاستثمار بالمنطقة، خصوصا في مجال الهيدروجين الأخضر، وجهوزيتها لاستقبال أي أخرى مرتقبة للفرنسيين”.
وقالت رئيسة المجلس الجماعي للمحبس، في دردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إن “دار الخيمة التي وقعت اتفاقية إحداثها، على هامش انطلاقة فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسيرة الخضراء، سوف تساهم في تحسين الدخل الاقتصادي لفائدة نساء المنطقة المهرة في صناعة خيمة الشعر، وتثمين هذا الموروث الثقافي”.
وأضافت الحمامي أن “المشروع الحيوي الآخر، الذي جرى وضع حجره الأساس، أي فضاء للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، له حمولات ودلالات عديدة”، لافتة إلى أن “إحداث هذا الفضاء بالقرب من تندوف معقل “البوليساريو” يشكل رسالة للانفصاليين باعتزاز ساكنة المحبس بالمساهمة في النضال لأجل العودة إلى حضن الوطن المغربي، وهو عربون محبة وامتنان لمقاومي المنطقة الذين طالبوا بإنشاء هذا المركز”.
التنمية تحفز الإعمار
“مشاريع جديدة لا تقل أهمية ترتبط بالتهيئة الحضارية للمدينة من خلال تأهيل الإنارة العمومية لأحيائها، وخلق مساحات خضراء شاسعة، وإحداث ملاعب للقرب بميزانية ليست بالهينة هي 5 ملايين درهم، همّتها تدشينات أمس كذلك”، أوردت الحمامي، التي أشارت إلى “ورشين حيويين كذلك أطلقتهما بالمحبس وكالة تنمية الجنوب، أشغالهما حاليا تشارف على الانتهاء؛ هما دار الضيافة التي تضم العديد من الغرف التي ستضع نقطة النهاية لمشكل كبيرٍ كنا نواجهه في إيواء زوار المنطقة، ومركز الاستقبال يشمل مدرجا واسعا لاحتضان الندوات والمؤتمرات”.
وتابعت رئيسة المجلس الجماعي للمحبس: “هذه المشاريع وسابقاتها تؤكد أن الساكنة هنا في أرض المحبس ليس عبثا؛ بل من أجل تنميتها وإعمارها، خصوصا أننا في هذه الأرض المتاخمة للحدود الجزائرية نعيش نعم الأمن والأمان والاستقرار”.
في هذا الصدد، أضافت فتيحة الحمامي: “الحمد لله لا يخفينا أي طرف، والتدخل لي كان البارح ما هو محرك فينا ساكن؛ لأننا مقتنعين بأن دورنا أساسا هو إعمار هذه المنطقة وبنائها والترافع عنها، سواء كساكنة أو كجماعة أو كمجلس إقليمي”.
ولدى إثارة هسبريس سؤال حول ما إذا كانت هذه “التنمية” هي ما يفسر قفز عدد سكان المحبس 4208 نسمة وفق نتائج إحصاء سنة 2014 إلى 19131 وفق الإحصاء الأخير، أكدت المسؤولة الجماعية ذاتها أن “جهود الدولة بمختلف هياكلها المعينة والمنتخبة لأجل إعمار المنطقة، وبث روح التنمية فيها من خلال مجموعة من الأوراش وكذا توفير جميع ضروريات الحياة، كل ذلك كان السبب الرئيسي في جذب الآلاف من الصحراويين لتعمير المنطقة في أقل من عقد”.
الجاهزية للاستثمارات
على صعيد آخر، استحضرت رئيسة المجلس الجماعي للمحبس المكتسبات السياسية والدبلوماسية التي حققها المغرب في ملف الصحراء، مثمّنة في هذا الجانب “الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وإبداء الجمهورية الخامسة عزمها مساندة المغرب في ترافعه عن الملف على مستوى المحافل الدولية؛ وهو الموقف الذي يزيدنا جميعا فخرا و”فوق رؤوسنا” نحن منتخبو وساكنة الصحراء المغربية المجندون وراء الملك لطي هذا النزاع المفتعل”.
متفاعلة مع سؤال لهسبريس حول مدى تمتع المحبس بجاذبية استثمارية تؤهلها للحصول على نصيب من استثمارات للشركات الفرنسية المرتقب أن تتعزز بالأقاليم الجنوبية، بعد دعوة ماكرون في هذا الصدد عقب زيارته للمغرب، شدّدت الحمامي على أن “كل الظروف متوفرة للشركات الفرنسية للاستثمار في هذه المنطقة؛ فالمحبس باتت تتوفّر على بنية تحتية مهمة من ربط بالكهرباء والماء للصالح للشرب وبنية طرقية معبدّة، والمجلس الجماعي لا يدخر جهدا في تبسيط الأمور والشرح للراغبين في الاستثمار من أجل تشجيعهم على هذا القرار”.
وكشفت رئيسة المجلس الجماعي للمحبس أن “المنطقة، بالفعل، تتلمس بداية طريقها نحو احتضان الاستثمارات؛ ولكنها استثمارات مهمة وواعدة، إذ على سبيل المثال قدّمت السنة الماضية شركة دنماركية من أجل الاطلاع على إمكانية الاستثمار في الهيدروجين الأخضر في المنطقة، وهي حاليا في طور فترة تجريب مدى القدرة على الحصول على كميات مهمة من الطاقة الشمسية والريحية بالمحبس”، على اعتبار أن الكهرباء المستخدمة في التحليل الكهربائي الذي يتم بواسطته إنتاج الهيدروجين الأخضر، يشترط فيها أن تكون مولدة من أحد هذه المصادر المتجددة.
وتابعت الحمامي: “هؤلاء المستثمرون مددنا لهم يد المساعدة، ووفّرنا لهم جميع الظروف الملائمة من حراس على أمورهم الخاصة، وشروحات ووعاء عقاري”، مؤكدة أن “ما يقوم به المجلس الجماعي في هذا الصدد هو من أجل إقناع وجذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين”.
وعادت الحمامي لتختم بكون “المهرجان الوطني للمسيرة الخضراء، الذي يقام في دورته الثالثة احتفاء بذكرى حديث عزيز على قلوب جميع المغاربة من طنجة إلى الكويرة، هو من أهم الوسائل المهمة التي تبين بها الساكنة عن دفاعها عن الوحدة الترابية، وكون ثقافتها تعد جزءا لا يتجزأ من الثقافة المغربية متعددة الروافد؛ وهو ما أشرّ عليه استضافة المهرجان هذه السنة لفرق غنائية تمثل جميع الفنون الفلكلورية المغربية”.
0 تعليق