كان خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء واضحا ومباشرا حين خاطب الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها في ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وقال الملك محمد السادس في خطابه هذا: “لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته”.
وتحمل هذه الرسالة الملكية دلالات عديدة إلى المنتظم الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من أجل طي هذا النزاع، وتنزيل مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب باعتباره حلا واقعيا.
دلالات تحميل المسؤولية
بحسب الحسين كنون، محام رئيس المرصد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن ما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء، يعتبر “رسالة تاريخية وبليغة إلى الأمم المتحدة من أجل تحمل مسؤوليتها”.
وسجل كنون، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مرد هذه الرسالة الملكية إلى الأمم المتحدة إلى كون “المغرب صاحب حق ومشروعية وصاحب الواقع انطلاقا من كونه في صحرائه والصحراء في مغربها، ويتجلى ذلك من خلال رابطة البيعة، والمسيرة والخضراء، والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، قبل المسيرة الخضراء، بأن الصحراء وسكانها يدينون بالولاء لملوك المملكة المغربية”.
ومن دلالات تحميل الملك المسؤولية للأمم المتحدة، يضيف المحامي ذاته، أن “المغرب يعيش واقع الشرعية والمشروعية في الوقت الذي يعيش فيه الطرف الآخر، الذي هو الجزائر ومن يدور في فلكها، في الوهم وإيديولوجية تجاوزها الزمن إبان الحرب الباردة”.
وأكد المتحدث أن هذا يقتضي من الأمم المتحدة ومجلس الأمن “التعامل بالحزم اللازم والنجاعة الكافية من أجل المساعدة القانونية لحسم هذا النزاع، وتطبيق مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب على أرض الميدان في إطار السيادة المغربية كما اعترفت بذلك الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا”.
ووفق رئيس المرصد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن “على الأمم المتحدة الخروج من التلكؤ والانتظارية والتردد إلى مرحلة الحزم والصرامة لإنهاء هذا النزاع المفتعل”.
مسؤوليات الأمم المتحدة
من جهته، قال خالد شيات، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الأول في وجدة، إن توجيه الخطاب بشكل مباشر إلى الأطراف التي تتحمل المسؤولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، “يعزى إلى وجود أشياء مرتبطة بطبيعة النزاع فوق الأرض وأمور مرتبطة بطبيعة سياسية”.
من الناحية العملية، يوضح أستاذ التعليم العالي، فإن ما يقع فوق الأرض هو أن “هناك تلكؤا لإحصاء عدد سكان المخيمات في تندوف، وإحصاء الصحراويين، بالخصوص الذين يمكن أن يحملوا صفة اللجوء التي تضبطها اتفاقية جنيف وفق المعايير الخاصة بذلك”، مسجلا أنه “يجب أن تكون هناك دعوات في هذا الاتجاه؛ لأنه لا يمكن أن يكون الحل سياسيا إذا لم نعرف الطرف الآخر ومع من نحن في خصام”.
وعلى الأرض، يردف المتحدث نفسه، فإن “الأمم المتحدة تتعامل مع ما تسميه جبهة البوليساريو الانفصالية الكفاح المسلح والعودة إلى استعمال القوة بشكل تفضيلي في التقارير وفي القرارات الصادرة عن مجلس الأمن”، مضيفا: “فبدون إدانة، نعتقد أن هذا الأمر يجب أن تتحمل فيه الأمم المتحدة المسؤولية، بتحميل الجبهة المسؤولية في هذا العمل المسلح”.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية أن سعي الأمم المتحدة إلى إيجاد حل قانوني، “يحتاج إلى مفاوضات وتحديد الأطراف، حيث يتم ذكر اسم الجزائر بنفس العدد الذي يذكر فيه المغرب وكذا في قرارات مجلس الأمن. لكن عمليا، فالمسؤوليات التي تناط بالجزائر غير محددة، لهذا يجب أن تحدد الأطراف المعنية بالحوار”.
وأشار شيات إلى مسؤولية أخرى تتحملها الأمم المتحدة، “تتمثل في ضرورة إعادة صياغات مناسبة، ذلك أن بعثتها للصحراء صارت بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار، وكذا مسألة تقرير المصير التي تذكر كإرث قانوني والتي لا تتناسب مع سعيها (الأمم المتحدة) لإيجاد حل سياسي”.
0 تعليق