مشاريع جديدة ينتظر أن تضخ نفساً جديداً في قطاع الصناعة التقليدية بالصحراء المغربية ليواكب دينامية التنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، تم السبت، توقيعها بجماعة المحبس، الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من منطقة تندوف حيث مخيمات محتجزي البوليساريو، وسط حُضورٍ كثيف لساكنة الجماعة الفتية ومنتخبيها وأعيانها وشيوخها ونفرٍ من منتخبي وأعيان وشيوخ قبائل إقليمي آسا والزاك.
وأشرف كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لحسن السعدي، بالخيمة التي تقام فيها فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسيرة الخضراء، تخليداً للذكرى التاسعة والأربعين لهذا الحدث، على توقيع أربع اتفاقيات يُراهن عليها بقوة لتأهيل الصناعة التقليدية في آسا الزاك والمحبس على وجه التحديد، وتحقيق نقلةٍ نوعية في تكوين الصناع صونا للموروث الثقافي الحساني، فضلاً عن تحسين الوضعية الاجتماعية للمهنيين.
السعدي الذي حضر، على هامش حلوله بالإقليم المتاخم لمنطقة الانفصاليين، تدشين جُملة من المشاريع التنموية بالإقليم، وقع أربع اتفاقيات في هذا الصدد: الأولى تهم إحداث دار الخيمة بجماعة المحبس، المرتقب أن تكون بنية مؤسساتية جديدة لإنتاج الخيمة الصحراوية وتثمينها، والثانية تتعلق بإعادة بناء مجمع الصناعة التقليدية بآسا، والثالثة تخص إحداث مركز للتكوين في فنون الصناعة التقليدية بالمدينة نفسها، بينما تهم الرابعة دعم تسيير المعهد المتخصص في فنون الصناعة التقليدية بكلميم.
الاتفاقيات، التي بلغت تكلفتها الإجمالية 36 مليون درهم، تشمل كذلك بناء وتجهيز “دار الصانع” بأسا الزاك، واقتناء معدات لجمع النفايات المنزلية، وتقوية شبكة الكهرباء بجماعات الإقليم.
“انخراط في التنمية”
وقال كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني إن “توقيع هذه الاتفاقيات، اليوم، يؤشر على انخراط قطاع الصناعة التقليدية في دينامية التنمية بجماعة المحبس التي تحتضن المهرجان الوطني للمسيرة الخضراء”، مؤكداً أن “هذه الاتفاقيات التنموية ستعطي دفعة جديدة للقطاع بهذه المنطقة، التي يوليها الملك عناية خاصة شأنها شأن جميع الأقاليم الجنوبية المحافظة على تراثها ووطنيتها”.
وأكد السعدي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “هذه الاتفاقيات تضم إحداث بنيات تحتية جديدة من قبيل دار الصانع بإقليم آسا، ودار الخيمة بالمحبس، التي ستمكن نساء وشباب الإقليم من صناعة الخيمة الصحراوية، وإعادة بناء مركب الصناعة التقليدية بآسا، وإحداث مركز للتكوين المهني في فنون الصناعات التقليدية، بالإضافة إلى اتفاقية اُخرى مع غرفة الصناعة التقليدية بكلميم وادنون لتدبير وتسيير مركب الصناعة التقليدية بكلميم”.
وأضاف أن زيارته للمنطقة مثلت “فرصة مهمة للاطلاع على جملة من المشاريع التنموية لتأهيل البنية التحتية بالمنطقة، وربطها بالماء الصالح للشرب والصرف الصحي، وتشييد بنايات ومرافق حيوية مثل مركز الندوات الذي سيحتض أنشطة وفعاليات ومؤسسات دولية ستأتي إلى المحبس لتنظيم لقاءاتها”.
ولم يفوت السعدي المناسبة دون التعبير عن سعادته “بالأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما المنطقة، وبحس الوطنية العالي الذي يبين عنه هؤلاء الناس”، مؤكداً أن فريقه “سيبذل مجهودات مضاعفة من أجل مواكبة قطاع الصناعة التقليدية لدينامية التنمية الذي تشهده هذه الأقاليم”.
تطوير الصناعة التقليدية
وفي كلمته بالمهرجان الوطني للمسيرة الخضراء بالمحبس، قال السعدي: “أنا سعيد بكون هذه الزيارة هي الثانية لي لهذه الربوع العزيزة على قلوبنا جميعا، بعد تولي منصب كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية”.
وأشار إلى أن “عموم الصناع التقليديين لا يدخرون جهدا في الحفاظ على الموروث التقليدي للمغرب، وفي هذه الربوع نماذج لصناع تقليديين مهرة يساهمون في الحفاظ على الموروث التقليدي الحساني، الذي بعد جزءا لا يتجزأ من التراث الوطني”، مؤكدا أن “القطاع سوف يقف دائما إلى جانب الصناع الصحراويين، وسينخرط ويدعم جميع المبادرات التنموية الهادفة إلى النهوض بأوضاعهم الاجتماعية، وكذا الحفاظ على حرفهم المهمة والعتيقة من الانقراض”.
وأبدى كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني استعداده “لمد اليد إلى والي الجهة ومجلسها وعموم منتخبي المجالس الجماعية بالمنطقة من أجل تطوير الصناعة التقليدية”، مضيفا “هذه الزيارة ما هي إلا البداية، وستتلوها زيارات أخرى ستسرع وتيرة النهوض بالقطاع، وتحسن أوضاع الصناع والمهنيين”.
من جهته أكد فراجي فخري، رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية بكلميم واد نون، أن “إحداث دار الخيمة ستعطي دفعة قوية لصناعة الخيمة الصحراوية، التي تعد مكونا رئيسيا لثقافة المنطقة”، مبرزا أن “أهمية تأهيل الصناعة التقليدية في جماعة المحبس تكمن في الطابع والرمزية الخاصة لهذه الحدودية المغربية”.
وأضاف فخري، متحدثا لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “إحداث مركز للتكوين سيساهم في تأطير العديد من الشباب المنقطعين عن الدراسة من أجل الحفاظ على الموروث التقليدي للمجتمع الصحراوي المغربي”، مشيرا إلى أن “إحداث دار الصانع بتكلفة 30 مليون درهم من المشاريع الحيوية والمهمة التي سوف تنهض بقطاع الصناعة التقليدية، حيث ستساهم في عصرنة طرق عمل الصناع التقليديين وتنمي مهاراتهم”.
0 تعليق