تلاوة اسم الوزير المتغيب عن البرلمان .. مطالبة مشروعة أم مزايدة سياسية؟ - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة

انقسمت تعليقات أساتذة وباحثين في القانون الدستوري على دعوة الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مكتبَ مجلس النواب إلى العمل على قراءة أسماء الوزراء الذين يغيبون عن جلسات الأسئلة العامة للأسئلة الشفهية التي تتضمن محاور مرتبطة بقطاعاتهم الحكومية، بعدما قام المجلس خلال الجلسة العمومية التي عقدت الخميس الماضي، وخصصت للتصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2025، بتلاوة أسماء النواب المتغيبين عن جلستي 4 و11 نونبر الجاري.

وعد النائب عن فريق الاتحاد الاشتراكي رئيس لجنة العدل والتشريع، سعيد باعزيز، الجمعة، خلال الجلسة العمومية التي شهدت المصادقة على مشروع قانون المالية برمته، أنه “من الجميل أن نصل إلى ذكر أسماء النواب المتغيبين خلال الجلسات”، غير أنه طالب في الوقت نفسه بـ”ذكر أسماء الوزراء الذين يغيبون عن الجلسات المرتبطة بمحاورهم”.

ويدفع أساتذة في القانون الدستوري بكون هذا المطلب “مشروعا ولا ينطوي على أي مزايدة سياسية، نظرا لأن تلاوة أسماء الوزراء المتغيبين تمثل إقرارا بواقع وليست اتهاما، ولوجود سوابق عرفية دستورية تتمثل في كون المجلس درج على نشر التزامات الوزراء خلال الجلسات على موقعه الرسمي دون أن تثير المسألة أي جدل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”، غير أنهم يتمسكون بـ”ضرورة أن يتم الاقتصار على تلاوة الأسماء فقط دون كيل الاتهامات بالتقصير للوزراء المتغيبين، مع الالتزام بذكر الاعتذارات الكتابية التي تقدم من طرف بعضهم”.

في المقابل، يشدد آخرون على أن “مطالبة النواب بقراءة أسماء الوزراء المتغيبين، مطالبة محض سياسية، مادام أن من الناحية العملية يمكن للوزير المتغيب تفويض زميل له للإجابة عن أسئلة النواب في الجلسات المتعلقة بمحاورهم، في إطار مبدأ التضامن الحكومي، ما دامت مهمته الرئيسية تنفيذ السياسات العمومية”.

“مطلب قانوني”

بن يونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة، قال إن “مطالبة النواب بتلاوة أسماء الوزراء المتغيبين عن الجلسات المتعلقة بمحاورهم، معقولة ومتوافقة مع مقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب ومجموعة من السوابق العرفية والدستورية، نظرا لثلاثة أسباب رئيسية، على رأسها أن المجلس بتلاوته لأسماء هؤلاء إنما يقر بواقع مسجل بالصوت والصورة، ولا يلقي اتهاما يستوجب الرد من الوزير المعني”.

ثاني الأسباب، يضيف المرزوقي في تصريح لهسبريس، “يتعلق بكون المجلس درج على نشر التزامات الوزراء في الجلسات (تحت اسم تعهدات الحكومة) بموقعه الرسمي على الإنترنت، ولم يسبق أن قام أحد أعضاء الحكومة بتكذيب ما ينشره المجلس في هذا الصدد، أو أثارت هذه السابقة العرفية الدستورية جدلا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”.

وأورد أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة أن “السبب الثالث مرتبط أساسا بالأول، ويتمثل في إلزامية رد الوزراء على تدخلات النواب المتحدثين في نقطة خاصة أساسا، التي أقرتها الأنظمة الداخلية لمجلس النواب واعتمدت من قبل المحكمة الدستورية، ما بعد دستور 2011، لأنها تنطوي على توجيه تهمة بالتقصير أو إثارة انتباه تستوجب الرد، خلافا لما كان عليه الوضع قبل هذا التاريخ حينما كانت تسمى هذه النقطة الإحاطة علما، ولم يكن الوزراء يردون عليها غالبا”.

واستدرك بن يونس المرزوقي بأن “النظام الداخلي لمجلس النواب أعطى للوزراء امتياز الغياب عند حضور نشاط ملكي أو مؤتمر دولي خارج المغرب مع تقديم اعتذار كتابة يوضح السبب الرئيسي للغياب وتفويض وزير آخر للإجابة عن أسئلة النواب في إطار التضامن الحكومي”، مبرزا أنه “في حال تقدم الوزير الغائب بهذا الاعتذار، وتلا رئيس الجلسة اسمه كمتغيب دون استحضار هذا الاعتذار، فهنا تصبح هذه التلاوة مرفوضة وستخلق الجدل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”.

وشدد أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة على أنه “من غير المقبول أيضا أن يتم التشهير بالوزراء المتغيبين أو اتهامهم بالتقصير أو عدم احترام القانون، إذ يجب الاقتصار على تلاوة أسمائهم”، رافضا كذلك “جعل قراءة أسماء هؤلاء الوزراء بهدف التغطية على أسماء النائبات والنواب المتغيبين”.

“مزيادة سياسية”

في المقابل، عد رشيد لزرق، محلل سياسي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن “مطالبة النواب بتلاوة أسماء الوزراء المتغيبين عن الجلسات المتعلقة بمحاورهم، على غرار قراءة أسماء النواب المتغيبين، مطالبة سياسية، إذ رغم أن الدستور الحالي كرس توازن السلط بين البرلمان والحكومة، ما يقتضي تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في هذه الحالة، إلا أنه من الناحية العملية هناك مبدأ التضامن الحكومي، الذي يجعل حضور الوزراء ليس ضروريا بقدر حضور النواب”.

وأوضح لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “النواب تتمثل مهامهم الحصرية في التشريع وممارسة الرقابة، ما يعدم أي مبررات لغيابهم عن جلسات المجلس، بخلاف الوزراء الذين تبقى مهامهم من الناحية العملية متمثلة في تنفيذ السياسات العمومية، ما يجعلهم غير مطالبين بالضرورة بالتفاعل مع أسئلة النواب ومداخلاتهم من خلال الحضور الشخصي، خاصة إذا كانوا في نشاط أو مؤتمر وطني أو دولي ما”، لافتا إلى “إمكانية تفويض الوزير المتغيب لزميل له بالحكومة من أجل الإجابة والتفاعل نيابة عنه في إطار التضامن الحكومي”.

وأردف أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بأن “الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان مهمته الرئيسية والأساسية هي ضمان تفاعل الحكومة مع المؤسسة التشريعية، وعلى هذا الأساس يمكنه تعويض أي وزير غائب لم يجد زميلا آخر يمكنه الحضور نيابة عنه في الجلسات المتعلقة بمحوره”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق