أود أن أعتذر في بداية كلامي لأني كونت فكرة ورأي دون أن أسمع من كل أطراف القصة، شعرت أن الكابتن محمد رمضان المدير الرياضي للنادي الأهلي مخطئ في عدم الذهاب بالفريق للجمهور لتحيته بعد مباراة الفريق أمام شباب بلوزداد، كونت رأيي بعد سماع بعض هتافات جمهور الأهلي تعبر عن غضبها تجاه عدد من لاعبي الفريق وعلى رأسهم الكابتن محمد الشناوي وكهربا.
ما سمعته من هتافات لم يكن به إساءة أو سب ولعن وهو ما جعلني أشعر بالغضب من موقف رمضان برفض الذهاب لتحية الجمهور والتصالح معهم، لكن وبعد حديث مع الكابتن محمد رمضان تبين لي أني أخطأت التقدير تماما.
وهذا جزء من حواري مع الكابتن رمضان:
“يا كابتن أنت أخطأت، فالجمهور له كل الحق أن ينتقد ويتجاوز أحيانا بعد هزيمة مزعجة في مباراة كانت في أيدينا؟”
رمضان: حقك يا عامر تختلف لكن هل أنت سمعت كل الهتافات اللي بتشتم وتسب وتلعن؟
قلت: سمعت جزء وهتافات بها بعض التطاول لكن يمكن التسامح معها.
قال: يبقى ما سمعتش، الجمهور قعد 14 دقيقة يشتم الجميع بألفاظ بذيئة عمري ما سمعتها من جمهور الأهلي، أنا كنت بسيب زمان التدريب أحيانا في الترسانة قبل ما ألعب في الأهلي واروح الاستاد أشجع الأهلي من المدرجات، عمري ما شفت جمهور بيشتم فرقته كده وقبل ماتش مهم!.
قلت: “الناس زعلانة جدا لأن مباراة باتشوكا كان فيها أخطاء مزعجة، مدرب ولاعبين ضيعوا الماتش بسهولة”.
رمضان: “أختلف معاك ، الفريق لعب ماتش من اقوى المباريات وكنا متفوقين بشهادة الجميع ، وإضاعة الفرص أمر وارد جدا في الكورة وحتى ركلات الترجيح ، ما حدش بخل بجهد نهائي ، ولو كل حد ضيع بنالتي وفرص هنعمل معاه كده يبقى امبابي اللي عمال يضيع نبطله كورة !
قلت : بس كان لازم تستحملوا الجمهور أكثر لأنهم غضبانين وأغلبهم شباب صغير ، وبعدين ” وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ” .
رمضان : يعني يسبوا ويلعنوا بالأب والأم طوال ربع ساعة وفي ثانية نتناسى كل ده ، لأ طبعا ، احنا لو عبيد عندهم لازم نزعل ، ونحزن لما وقع ضدنا ، ولازم يبقى في موقف ، وإلا ممكن يتحولوا لعامل لخسارة الفريق كمان .
انتهى حديثي مع كابتن رمضان وأنا ما زلت عند رأيي وهو أيضا عند رأيه وموقفه.
أخذت أتفكر في حديثه وتذكرت الفقرة الرياضية التي كنت أقدمها باسم ” الرياضة أخلاق ” وسألت نفسي هل من الأخلاق قبول الإهانة والتسامح معها دون أي موقف نحاول به منع تكرار الإهانة والسب واللعن ؟.
وجدت الإجابة بوضوح ، فقلت في نفسي ” أنا غلطان ورمضان هو الصح ” .
فكيف لي وانا أرفع شعار الرياضة أخلاق ألا أساند كابتن محمد رمضان لأنه يحترم نفسه ويحترم عمله وناديه ولاعبي الفريق الذين يعاقبهم إذا تجاوز أحدهم الأخلاق ، فكيف يقبل هو السباب ولعن الآباء والأمهات ولا يكون له أي موقف تجاهه !
رمضان أراد أن يوصل رسالة للجمهور مفادها أن الشتائم والبذاءات غير مقبولة، والتجاوز مرفوض من أي طرف فلا يوجد طرف على رأسه ريشه أو مسموح له بما ليس مسموحا للطرف الآخر في المنظومة الكروية ، فالأخلاق فوق الجميع
الطريقة الرمضانية صعبة وتحتاج إلى تضافر جهود الجميع والصبر لكي تختفي البذاءات من المدرجات ومعها أيضا سوف تختفي ظاهرة اللاعبين الذين يتحدون الجماهير ويرفعون أحذيتهم في وجه الجمهور أو يشيرون بإشارت بذيئة تدخل كل بيوتنا ..وقد رأينا جميعا هذه النماذج من لاعبين يسمونهم كبار !
بهذه الطريقة وقف محمد رمضان بقوة مع لاعبي الفريق ونصَفهم وتحمل هو كل الشتائم والهجوم المستمر منذ أيام ضده ، وضد موقفه من الجمهور لكنه هكذا قال للاعبين بموقفه هذا إنه يقف معهم ضد أي تجاوز للأخلاق وهكذا لا يمكن للاعب أن يتجاوز فمديره الرياضي وقف ضد الجمهور نفسه.
على هامش القصة وبينما أحاول تكوين رأي ، أرسلت للكابتن محمد يوسف المدير الفني السابق للأهلي والمدير الفني الحالي لحرس الحدود وابن من أبناء الأهلي الكبار أصحاب الأخلاق والشخصية القيادية ، سألته ما رأيك فيما حدث من فريق الأهلي بقيادة الكابتن محمد رمضان وعدم الذهاب للجمهور ، فكانت هذه الإجابة التي هي نموذج واضح من نماذج مدرسة الأهلي ::
” صباح الفل استاذ عامر .. ما قدرش اقول رأي لاني لم أرى الواقعه وفي نفس الوقت اتعلمت في الأهلي ما قولش رأيي في مسئول في الإعلام ، ولو عايز اتكلم اروح اتكلم معاه في غرفه مغلقه ”
هكذا ينجح الأهلي دائما بأبنائه والتزامهم بمدرسته التي تسعدنا بإنجازاتها وقبل ذلك بأخلاقها التي تحمل كل مشاعر الود وروح الفريق حتى وإن لم تتواجد بين صفوف الفريق أو تعمل بالنادي كما فعل هنا كابتن يوسف .
نقطة أخرى في صف فريق الأهلي وتصرفه مع الجمهور أثناء وبعد مباراة بلوزداد ، وهي أن اللاعبين وجهازهم لم يردوا الإساءة بإساءة ، وأعود وأكرر أن هناك جمهور يسب لاعبيه فيرد اللاعبين عليهم برفع الأحذية أو بإشارات بذيئة لكن لاعبي الأهلي وجهازهم تحملوا كل ما بدر من الجمهور ورغم كثرة اهداف مباراة بلوزداد فلم يتجاوز أي لاعب في احتفاله بالهدف والذهاب للجمهور للرد بأسلوب مهين .
لاعب واحد هو الذي خرج عن النص ورد على الجمهور إمام عاشور فبعد أن سجل الهدف السادس في مباراة شباب بلوزداد “خلع الفانلة ” والقى بها في الأرض ووضع اصبعيه في أذنه ليقول للجمهور إنه لا يستمع اليهم ولا يهتم بما يقولونه، رغم أنه بذلك يؤكد أنه يستمع إليهم ويحاول الرد عليهم ، هنا ذكرني باللاعب صلاح محسن قبل سنوات قليلة سجل هدف وحيد وذهب للجمهور ليشير لهم ” هس ” وكأنه أحرز هدفا ليهدي الأهلي كأس العالم للأنديه .
لو ظل إمام عاشور هكذا سوف يصبح مصيره مثل من سبقوه بهذه الشخصية الإستعراضية المليئة بالغرور ، أتمنى أن يظل الكابتن محمد رمضان لفترة أطول مع الفريق ولا يترك منصبه لأني كما أعرفه ترك الاهتمام بكل المناصب والوظائف قبل أكثر من 20 عاما ، وكل ما يهتم به أن يفعل ما يتسق مع شخصيته وقناعاته التي اكتسبها طوال عمره وملخصها الأخلاق فوق الجميع .
اترك تعليقاً