أقوى الزلازل عام 2025 التي ضربت عدة مناطق حول العالم، مخلّفة خسائر بشرية ومادية جسيمة، أثارت تساؤلات جدية حول جاهزية الدول لمواجهة الكوارث الطبيعية، وسبل التنبؤ بها والحد من آثارها.
في هذا التقرير، نرصد أبرز الزلازل التي هزّت العالم خلال العام، مع التركيز على زلزال ميانمار المدمر، وزلزال مصر غير المعتاد، إضافة إلى الهزات الأرضية في إثيوبيا التي تزامنت مع نشاط بركاني.
زلزال ميانمار 2025: الكارثة الأسوأ في جنوب شرق آسيا
في 28 مارس 2025، ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 7.7 درجات على مقياس ريختر وسط ميانمار، تحديدًا بالقرب من مدينة ماندالاي، وهي واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان. وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS)، فقد وقع الزلزال على عمق ضحل، ما زاد من شدته وتأثيره الكارثي.
الحصيلة الأولية للضحايا تجاوزت 1600 قتيل، بينما أصيب أكثر من 3400 شخص، في حين ما يزال 139 شخصًا في عداد المفقودين. وتسبب الزلزال في تدمير ما لا يقل عن 2900 مبنى، وإلحاق أضرار بالغة بالبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور والمطارات.
وامتدت آثار الزلزال إلى تايلاند المجاورة، حيث انهارت ناطحة سحاب قيد الإنشاء في العاصمة بانكوك، مما أسفر عن 9 قتلى على الأقل، واستمرار عمليات البحث عن 47 مفقودًا، ووفقًا للتقديرات الأولية، فقد تتجاوز الخسائر الاقتصادية للكارثة قيمة الناتج المحلي الإجمالي لميانمار.
اللافت أن الحكومة العسكرية في ميانمار سمحت بدخول فرق إنقاذ أجنبية، في خطوة نادرة، حيث وصلت مساعدات من الصين والهند وروسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا، في حين أعلنت الولايات المتحدة استعدادها لتقديم دعم إنساني رغم التوتر السياسي مع النظام العسكري.
زلزال مصر 2025: هزة غير مألوفة في عمق المتوسط
في 14 مايو 2025، استيقظ سكان شمال مصر على وقع زلزال بلغت قوته 6.4 درجة على مقياس ريختر، شعر به السكان في الإسكندرية، القاهرة، ومدن الساحل الشمالي. ووفقًا لتصريحات المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، وقع الزلزال على بعد 431 كيلومترًا شمال مدينة رشيد بعمق بلغ 76 كيلومترًا في قاع البحر المتوسط.
رغم قوة الهزة، لم تُسجّل أي خسائر بشرية أو مادية، لكن الحدث أثار قلق المواطنين، لا سيما في ظل توقيته الليلي ومقارنته بزلزال مصر المدمر عام 1992. وتزايدت التساؤلات حول احتمالية وقوع هزات ارتدادية، ومدى جاهزية الدولة للتعامل مع الكوارث الزلزالية مستقبلاً.
إثيوبيا: زلزال متزامن مع نشاط بركاني يهدد السكان
وفي منتصف مايو 2025، أعلنت هيئة الاتصالات الإثيوبية عن زلزال بلغت قوته 5.8 درجة ضرب منطقة أبومسا وسط البلاد، بالقرب من منطقة أواش فنتالي، والتي شهدت في الأسابيع السابقة أكثر من 12 هزة أرضية خفيفة.
وقع الزلزال على بعد حوالي 230 كيلومترًا من العاصمة أديس أبابا، وشعر به السكان في العاصمة ما أثار حالة من الذعر الجماعي، خصوصًا مع تسجيل ثوران بركاني في جبل دوفان، مما زاد المخاوف من كارثة جيولوجية مركّبة.
وتم إجلاء السكان في 12 منطقة، وتم إرسال فرق الوقاية من الكوارث للحد من الخسائر المحتملة، رغم عدم تسجيل وفيات حتى الآن. ومع تصاعد النشاط الزلزالي والبراكين في المنطقة، تتزايد الدعوات لتحديث أنظمة الرصد والإنذار المبكر في إثيوبيا.
الحاجة إلى جاهزية عالمية
يُظهر زلازل عام 2025 بوضوح أن الكوارث الطبيعية لا تعترف بالحدود الجغرافية أو السياسية. من ميانمار إلى مصر وإثيوبيا، كشفت هذه الهزات عن فجوات في الاستعداد والاستجابة، وضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجالات الوقاية، الرصد، والإنقاذ.
كما أكدت الزلازل المتعاقبة أهمية التوعية المجتمعية، وتوفير خطط طوارئ واضحة، لا سيما في المناطق المعرضة للنشاط الزلزالي. وبينما لا يمكن منع الزلازل، يمكن تقليل خسائرها عبر التحرك الاستباقي والبنية التحتية الذكية.