في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، تذكر المصريون أحداث زلزال 1992، حيث استيقظ سكان عدة دول على هزة أرضية عنيفة بلغت قوتها 6.2 درجات على مقياس ريختر، مصدرها البحر المتوسط بالقرب من السواحل اليونانية، على بعد 28 كيلومترًا من مدينة كارياثوس.
زلزال مصر اليوم
وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن الزلزال وقعت على عمق 10 كيلومترات، وهو ما يفسر شعور عددا كبيرا من السكان به في الدول المحيطة، ومنها مصر، وقبرص، وتركيا، واليونان، وليبيا، وحتى بعض أجزاء المملكة المتحدة، وقد رُصدت الهزة في مصر في تمام الساعة 1:51 صباحًا بتوقيت القاهرة.
ورغم عدم تسجيل خسائر بشرية أو مادية جسيمة حتى الآن، إلا أن مشاعر القلق والارتباك سادت الأوساط الشعبية، خاصة في محافظات الإسكندرية، القاهرة، والساحل الشمالي، حيث أكد مواطنون شعورهم بالاهتزاز، وتبادلوا المعلومات والتحذيرات على مواقع التواصل الاجتماعي.

زلزال 1992 يعود للأذهان من جديد
رغم أن زلزال اليوم أقوى من زلزال 1992 من حيث القوة النظرية، فإن التأثير الفعلي يبدو محدودًا حتى اللحظة، ومع ذلك، لم يمنع هذا المواطنين من استرجاع ذكريات الرعب والهلع التي عاشوها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
عندما ضرب زلزال بقوة 5.8 درجات القاهرة ومحيطها يوم 12 أكتوبر 1992، متسببًا في مئات الوفيات وآلاف المصابين، فضلًا عن انهيار أكثر من 350 مبنى كليًا، وتضرر قرابة 9000 مبنى جزئيًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدتها مصر في العصر الحديث.
البنية التحتية.. دروس لم تُستوعب؟
كشف زلزال 1992 عن هشاشة البنية التحتية في مناطق كثيرة، خاصة الأحياء العشوائية ومباني الطوب الأحمر ، ورغم مرور أكثر من ثلاثين عامًا، لا تزال بعض الأحياء في القاهرة الكبرى، والجيزة، وعدد من مدن الدلتا تعاني من مبانٍ متهالكة وغير مقاومة للزلازل.
هل تغير وعي المصريين؟
في عام 1992، لم يكن لدى المصريين وعي بكيفية التصرف أثناء الزلازل، ولم تكن هناك منظومة إنذار مبكر، ولا تدريب على الإخلاء الآمن.
أما اليوم، فقد تغير المشهد جزئيًا، حيث باتت تطبيقات الهواتف مثل “MyShake” و”Android Earthquake Alerts” تنبه المستخدمين قبل وقوع الهزة بثوانٍ إلى دقائق، بحسب بُعدهم عن مركز الزلزال.
كما بدأت بعض المدارس والمؤسسات في إدراج تدريبات إخلاء ضمن أنشطتها السنوية، إلا أن هذه الممارسات لا تزال محدودة ولا تشمل جميع المناطق أو الفئات، مما يجعل السؤال حول مدى جاهزيتنا حقيقيًا ومُلحًا.
ما بين الأمس واليوم.. الذاكرة حية والقلق مشروع
زلزال اليوم، وإن لم يكن مدمّرًا، إلا أنه أعاد تسليط الضوء على مدى استعدادنا لمواجهة الكوارث الطبيعية.
وبينما يتناقل المصريون رواياتهم عن زلزال 1992، تبقى الحقيقة أن الزلازل لا تنذر أحدًا، وأن النجاة منها لا تعتمد على الحظ، بل على التخطيط والاستعداد.
إن تجربة زلزال اليوم فرصة جديدة للمراجعة والمحاسبة،هل تمتلك الحكومة خطة طوارئ شاملة؟ هل نمتلك شبكة إنذار مبكر فعّالة؟ هل توجد حملات توعية مستمرة؟ وهل يتم فحص المباني القديمة والتأكد من مطابقتها للكود الزلزالي؟
ربما لا يمكننا منع الزلازل، ولكن يمكننا الحد من خسائرها، إذا آمنا بأن الوقاية مسؤولية جماعية تبدأ من وعي الفرد وتنتهي بتخطيط الدولة. وبينما تهتز الأرض مرة، تهتز معها الأسئلة الصعبة: هل نحن مستعدون حقًا لما قد يأتي؟