وسط أضواء الكاميرات وعدسات المصورين، انطلقت فعاليات مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78، والتي تمتد حتى 24 مايو الجاري، في مشهد احتفالي يعكس بريق السينما العالمية وتاريخ المهرجان العريق الممتد منذ عام 1946.

ويُعد مهرجان كان السينمائي واحدًا من أبرز الفعاليات الفنية على مستوى العالم، حيث يشكل منصّة سنوية تحتفي بالفن السابع، وتستقبل نخبة نجوم وصُنّاع السينما من مختلف القارات.


مهرجان كان السينمائيمهرجان كان السينمائي
مهرجان كان السينمائي

قواعد جديدة على السجادة الحمراء.. أناقة محسوبة واحترام مطلوب 

استوقفت المتابعين هذا العام القرارات غير المسبوقة التي اتخذتها إدارة مهرجان كان السينمائي بشأن الأزياء المعروضة على السجادة الحمراء، إذ أعلن القائمون على المهرجان عن تطبيق سياسة صارمة تتعلق بـ”اللياقة العامة والاحتشام”، وذلك بعد موجة من الانتقادات التي واجهها المهرجان في دوراته السابقة نتيجة الإطلالات الجريئة التي وصفت بأنها “تجاوزت الذوق العام”.

في بيان رسمي، أكدت إدارة المهرجان أن الدورة الحالية تحظر ظهور الضيوف بفساتين عارية أو ذات تصاميم تكشف أجزاءً حساسة من الجسد.

كما تم منع ارتداء الفساتين ذات الذيل الطويل أو الأحجام الضخمة، لما تسببه من إرباك لحركة المرور داخل القاعات وصعوبة في الجلوس على المقاعد المخصصة.

ولم تكتفِ الإدارة بذلك، بل أوكلت فرق الاستقبال والأمن مسؤولية منع دخول أي ضيف لا يلتزم بالقواعد الجديدة.


وتشمل السياسة المستحدثة أيضًا إرشادات للسلوك العام المتوقع من النجوم والمشاركين، في خطوة وُصفت بأنها “إعادة ضبط بوصلة الأناقة بما يتناسب مع روح المهرجان”.

الافتتاح: تكريم الكبار وفرصة للوجوه الجديدة 

شهد حفل افتتاح مهرجان كان السينمائي هذا العام لحظات مميزة، كان أبرزها تكريم النجم الأمريكي المخضرم روبرت دي نيرو.

حيث منحه المهرجان “السعفة الذهبية الفخرية” تقديرًا لمسيرته الاستثنائية التي امتدت لعقود، قدّم خلالها أدوارًا خالدة جعلته من رموز الشاشة الكبيرة.

في المقابل، خطفت المخرجة الفرنسية أميلي بونان الأنظار بفيلمها الكوميدي “Leave One Day”، الذي افتُتحت به فعاليات المهرجان، وهو الحدث الذي يمثل علامة فارقة كونه المرة الأولى التي يُفتتح فيها المهرجان بفيلم من توقيع مخرجة في أولى تجاربها.


ويعد اختيار الفيلم ترجمة حقيقية لرؤية المهرجان في دعم المواهب النسائية والوجوه الجديدة في صناعة السينما.

لوران لافيت يعود لتقديم الافتتاح والختام 

عاد الممثل والمخرج الفرنسي لوران لافيت لتقديم حفلي الافتتاح والختام بعد نجاحه في هذه المهمة عام 2016.

وتأتي عودته لتضيف طابعًا خاصًا للدورة الحالية التي تجمع بين التقاليد العريقة للمهرجان والتجديد في الشكل والمحتوى، ما يعكس حرص القائمين على تقديم نسخة متوازنة ترضي عشاق السينما من مختلف الأجيال.

منافسات قوية وأسماء بارزة في المسابقة الرسمية 

كعادته، يقدم مهرجان كان السينمائي توليفة سينمائية مدهشة هذا العام، تضم أكثر من 20 فيلمًا في المسابقة الرسمية، يمثلون مدارس وأساليب سينمائية متنوعة.

من بين أبرز المشاركين، المخرج الياباني هيروكازو كوري-إيدا، الذي يعود بفيلم يحمل بصمته الإنسانية المعتادة، بالإضافة إلى مشاركة ألمانية قوية عبر فيلم جديد للمخرجة مارين آده.


وتشهد الدورة الحالية حضورًا عربيًا لافتًا، حيث يُعرض الفيلم المغربي “ظل المدينة” للمخرج نور الدين الخماري ضمن قسم “نظرة ما”، مما يعكس تنامي الحضور العربي في الفعاليات السينمائية الدولية، وتزايد الاعتراف بالمستوى الفني للسينما في المنطقة.

السينما السياسية والاجتماعية في قلب المهرجان 

لم يغب البعد السياسي والاجتماعي عن برمجة الدورة الـ78، إذ حملت أفلام هذا العام رسائل واضحة حول قضايا الهجرة، والتغير المناخي، وحقوق المرأة.

ويظهر ذلك من خلال الأفلام المختارة، مثل الفيلم البريطاني “منفى في الضباب” الذي يناقش أزمة اللاجئين في أوروبا، والفيلم الهندي “نساء من الرماد” الذي يتناول معاناة النساء في المجتمعات الريفية.

مهرجان كان السينمائي: منصة دولية تتحدى الزمن 

نجح مهرجان كان السينمائي في الحفاظ على مكانته كأهم محفل سينمائي عالمي، رغم التحديات المتزايدة التي تواجه المهرجانات في العصر الرقمي، وتحوُّل التوزيع السينمائي نحو المنصات الإلكترونية.

ومع ذلك، يظل الحضور في كان حلمًا لكل فنان ومخرج ومنتج يسعى إلى الاعتراف العالمي.

تُعد السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي أكثر من مجرد ممر للمشاهير، إنها مسرح يعكس صراعات الموضة، وتحولات الذوق العام، والرسائل الثقافية التي تصاحب كل إطلالة.

. .d5cw