في الآونة الأخيرة، تصاعد الجدل في الساحة السياسية المصرية حول مجموعة من القوانين التي تجري مناقشتها داخل البرلمان، ما أثار تساؤلات عديدة حول توقيت طرح هذه القوانين وأهدافها.

من بين هذه القوانين، يبرز قانون الإيجار القديم الذي أثار جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض، بالإضافة إلى قوانين أخرى مثل قانون الفتوى وغيرها من التشريعات التي تناقش في ذات الوقت داخل أروقة البرلمان.


هل قانون الإيجار القديم لقطة انتخابية؟

أول من تحدث عن ذلك الحقوقي نجاد البرعي، حيث كان من أبرز المنتقدين لهذه المناقشات، واعتبرها “لقطة انتخابية” تهدف إلى تلميع صورة بعض الأحزاب، وفي مقدمتها حزب مستقبل وطن، الذي يسعى – وفقًا للبرعي – للظهور بمظهر المدافع عن المواطنين البسطاء.

وفي منشور له عبر فيسبوك، اعتبر البرعي أن هذه الحملة ليست سوى محاولة لحرف الأنظار عن قضايا أكثر أهمية، معتبراً أن الوضع الراهن في الإيجارات القديمة يعود بالخسائر على الدولة، خاصة في مجالات الضرائب والعقارات.

اقرأ أيضًا: «حراك» ترفض مشروع تعديل قانون الإيجار القديم وتطلق مبادرة “توحيد الجهود” لجمع قوى المعارضة

شادي العدل: القوانين المطروحة ورقة انتخابية تفتقر للنقاش المجتمعي

وأكد شادي العدل، رئيس الحزب الليبرالي المصري، أن ما تشهده الساحة السياسية حاليًا من مناقشات مستعجلة حول تعديلات قانون الإيجار القديم وتنظيم الفتوى وقوانين أخرى قبل الانتخابات البرلمانية، يثير العديد من التساؤلات المشروعة بشأن حقيقة التوقيت والأهداف وراء هذه الخطوات.


واعتبر العدل في تصريحات خاصة لـ “الحرية” أن هذه القوانين قد تكون “ورقة انتخابية” تسعى بعض الأطراف السياسية من خلالها إلى استغلال الأجواء الانتخابية لتحقيق مكاسب دعائية، دون أن يكون هناك نقاش مجتمعي كافٍ حولها.

وأشار العدل إلى أن طرح هذه القوانين في هذا التوقيت الحساس قد يكون محاولة لتشتيت الانتباه عن القضايا الأكثر إلحاحًا، مثل الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.

وعبّر عن رفضه الشديد لاستخدام العمل التشريعي كأداة دعائية، مؤكدًا أن القوانين يجب أن تُبنى على دراسات متأنية تأخذ في اعتبارها المصلحة العامة، وليس على حسابات انتخابية ضيقة.

وتناول العدل قضية قانون الإيجار القديم، موضحًا أن هذا القانون يمس حياة ملايين المصريين، وبالتالي يجب أن يتم تعديله بشفافية وفي إطار نقاش موسع يضمن حقوق جميع الأطراف، سواء الملاك أو المستأجرين، دون إجحاف لأي طرف.


وفيما يخص قانون تنظيم الفتوى، رغم أهميته، أشار العدل إلى ضرورة أن يكون هناك توازن بين تنظيم الفتوى وحماية الحريات الدينية، محذرًا من أن أي محاولة لتقييد هذه الحريات أو هيمنة مؤسسة دينية واحدة على الخطاب الديني في مصر ستكون مرفوضة.

وطالب العدل بوقف مناقشة هذه القوانين إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، مع إتاحة فرصة كافية لدراستها من قبل الخبراء والمجتمع المدني، مؤكدصا أن الشفافية في هذه العملية هي الضمانة الوحيدة لبناء الثقة بين البرلمان والمواطن، وأن غيابها يُغذي الشكوك حول نزاهة الانتخابات.

اقرأ أيضًا: منذ الحرب العالمية الأول وحتى الآن.. رحلة 15 قانونًا شكلوا الإيجار القديم في مصر عبر قرن

حسن ترك: القرارات في هذا الوقت لن تكون مدروسة بشكل كافٍ

أكد حسن ترك، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، أن النقاش الدائر حول قانون الإيجار في هذه الفترة، خاصة مع اقتراب نهاية الدورة البرلمانية، يعكس ضغوطًا كبيرة على الأطراف السياسية المختلفة لإصدار تشريعات قد تكون متسرعة في بعض الأحيان.

وأشار حسن ترك في تصريحات خاصة لـ “الحرية” إلى أن المجلس الحالي يواجه تحديًا حقيقيًا في إيجاد حلول توازن بين حقوق المستأجرين والملاك في وقت ضاغط، خاصة مع القرار الصادر من المحكمة الإدارية بضرورة الانتهاء من قانون الإيجار قبل نهاية الدورة البرلمانية، معتبرًا أن هذا التوقيت قد يضغط على اتخاذ قرارات قد تكون غير مدروسة بشكل كافٍ، مما قد يؤدي إلى نتائج سلبية لجميع الأطراف.


وأكد رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي أن القوانين المتعلقة بالإيجارات يجب أن تُبنى على دراسة شاملة تأخذ في الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المصري، موضحصا أنه بينما يعاني بعض الملاك من تدني عوائد الإيجارات، يعاني الكثير من المستأجرين من ارتفاع تكاليف المعيشة التي تزيد من عبء دفع الإيجار. وهذا الصراع بين الطرفين يتطلب حلاً عادلاً يراعي مصلحة الجميع.

وأوضح حسن ترك أنه من المهم أن يكون هناك حوار اجتماعي مفتوح بين الحكومة والمجتمع المدني والمستأجرين والملاك، ولا ينبغي أن يكون قانون الإيجار مادة للتفاوض السريع فقط من أجل إرضاء أطراف معينة في هذا التوقيت الانتخابي، بل يجب أن يكون خطوة نحو تنظيم هذه العلاقة بطريقة تحفظ حقوق جميع الأطراف وتضمن استقرار السوق العقاري.

ودعا حسن ترك إلى ضرورة إتاحة وقت كافٍ لدراسة هذه القوانين بشكل متأنٍ، وأن تصدر المحكمة الإدارية حكمًا جديدًا يمنح مهلة إضافية للمجلس التشريعي لإصدار القانون، لضمان أن يتم التوصل إلى حلول توافقية وشاملة لا تضر بمصالح أي طرف.

معصوم مرزوق: البرلمان يجب أن يوازن بين وظائفه التشريعية والرقابية للحفاظ على مصداقيته

أكد السفير معصوم مرزوق أن من حق مجلس النواب وواجبه مناقشة مشروعات القوانين المختلفة، مشيرًا إلى أنه من الطبيعي أن يثور الجدل بين أصحاب المصلحة الذين ستؤثر عليهم أي مشروعات قوانين أو أعباء إضافية.

وأوضح مرزوق في تصريحات خاصة لـ “الحرية” أن المجلس يجب أن يمارس وظيفته الرقابية بكل الأدوات التي يمنحها الدستور والقانون، لأن عدم تحقيق التوازن بين وظائفه المختلفة يؤدي إلى فقدان تدريجي لمصداقيته بين قواعده الشعبية.

وفي حديثه عن العلاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية، أشار مرزوق إلى أن شعور بعض الفئات بأن المجلس يبدو وكأنه أحد أذرع السلطة التنفيذية يعود إلى ملاحظة هامة تتعلق بوظائفه، وخاصة الرقابية.

وأكد أن المسألة لا تتعلق بالانتخابات القادمة، لأن البرلمان لو كان يفكر في تلك الانتخابات لكان قد تجنب تمرير أي تشريعات غير شعبية في المرحلة الحالية، داعيًا مجلس النواب إلى أداء دوره الرقابي بشكل أكثر فعالية للحفاظ على ثقة المواطنين في العملية التشريعية.

هشام عناني: مناقشة القوانين أمر طبيعي

أكد هشام عناني، رئيس حزب المستقلين الجدد، أن إطلاق بعض التصريحات حول دور البرلمان غير دقيق، موضحًا أن المهمة الرئيسية للبرلمان هي التشريع والرقابة. وأضاف أن مناقشة القوانين أمر طبيعي، ولكن من الممكن توجيه الأولوية لبعض القوانين على حساب أخرى، مثل تأخير مناقشة قوانين الانتخابات والمحليات على سبيل المثال.

وفيما يخص قانون الإيجار القديم، أشار عناني في تصريحات خاصة لـ “الحرية” إلى أنه تم بناء على ضرورة دستورية استنادًا إلى أحكام المحكمة الدستورية، والتي تفرض ضرورة تنفيذه بشكل ملزم. وأكد أن التقاعس عن تنفيذ هذا القانون سيؤثر سلبًا على قطاع كبير من المواطنين.

وأوضح عناني أن معظم هذه المشاريع تأتي من الحكومة، مؤكدًا أنه لا يوجد أي مصلحة انتخابية للحكومة في تقديم هذه المشاريع. وأوضح أن الحكومة حرصت على تقديم القوانين التي تراها مهمة لتسيير عملها.

اقرأ أيضًا: هل الإيجار القديم يورث؟ تعرف على الشروط

. .r55d