في قرية الحلامشة التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، انطفأت شمعة أمل شابة وواعدة، حيث فُجعت القرية بخبر وفاة الطالبة رحيق السيد جمعة سلمان، ابنة الستة عشر عامًا، التي رحلت في حادث مأساوي وهي في طريقها إلى مدرستها صباح يوم أمس.
وفاة الطالبة رحيق السيد
رحيق السيد، الطالبة في الصف الثالث الثانوي الأزهري، كانت مثالًا للطموح والتفاني، نشأت في أسرة متوسطة الحال، حيث يعمل والدها بجد لتأمين لقمة العيش، بينما تحفظ والدتها القرآن الكريم وتساهم في تربية بناتها الثلاث، وبرغم التحديات الاقتصادية، كانت الأسرة حريصة على توفير بيئة داعمة لتعليم بناتها.
في صباح يوم الحادث، استقلت رحيق دراجة نارية خلف والدها كعادتها اليومية للوصول إلى مدرستها التي تبعد خمسة كيلومترات عن منزلها.
وفي لحظة غفلة، تعرضت الدراجة لحادث مروع حين اصطدمت بسيارة مسرعة، لتُفارق رحيق الحياة في مكان الحادث.
إنجازات مبكرة وحلم لم يكتمل
رحيق، التي حفظت القرآن الكريم في سن مبكرة، كانت نابغة بشهادة أساتذتها وشيوخ القرية، وحصلت على العديد من الشهادات في إجادة تلاوة وحفظ القرآن، وكانت معروفة بأخلاقها العالية وانضباطها.
على الرغم من صغر سنها، كانت تحمل حلمًا كبيرًا بأن تصبح مهندسة، لم تكن كأغلب بنات جيلها، فقد كرست وقتها للتعلم وحفظ القرآن، واضعةً خططًا لمستقبل مشرق.
مشهد الوداع
مشهد وداع رحيق كان مؤثرًا، حيث اجتمع أهالي القرية لتشييعها إلى مثواها الأخير، المسجد الكبير في القرية لم يسع جموع المصلين الذين توافدوا للصلاة عليها.
ووالدها، الذي حمل جسدها الصغير إلى قبرها، لم يستطع إخفاء حزنه العميق، وهو يقول: “كانت تجلس خلفي ممسكة بي، ولم أشعر بشيء إلا عندما وجدتها تحت عجلات سيارة مسرعة، لم أستطع فعل أي شيء لإنقاذها”.
أما والدتها، التي كانت ترى في رحيق مصدر فخر وسعادة، لم تستطع التوقف عن البكاء، حيث قالت: “كانت تقول لي دائمًا إنها ستُحضر لي شهادة جديدة لحفظ القرآن، كنت أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، لكن رحلت قبل أن أراه”.
اقرأ أيضًا: شيخ الأزهر يُعزّي أسرة الطالبة رحيق السيد ويمنح والديها رحلة عمرة
تعزية رسمية
ومن جانبه، تفاعل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مع القصة المؤلمة، ووجه رسالة تعزية مؤثرة إلى أسرة الطالبة، داعيًا الله أن يتغمدها بواسع رحمته، كما أرسل الأزهر وفدًا لتقديم واجب العزاء.
وفي بادرة إنسانية تعكس تقدير الأزهر الشريف لجهود والدي الطالبة في دعمها، أجرى الإمام الأكبر اتصالًا هاتفيًّا مع الأسرة، معربًا عن خالص تعازيه ومواساته، واستمع إلى والدة الطالبة التي أعربت عن شكرها لفضيلته.
وأشارت الوالدة إلى أن رحيق وعدتها بأنها ستبذل قصارى جهدها لتحقق المركز الأول في الثانوية الأزهرية، وتحقق حلمها بزيارة فضيلة الإمام الأكبر لمنزلهم.
واستجاب الإمام الأكبر لهذه الرغبة التي لم تكتمل ووجَّه بتقديم رحلة عمرة لوالدي الطالبة، تعبيرًا عن تضامنه مع الأسرة ودعمه لهم في مصابهم الأليم.