شهدت الأوساط الاقتصادية نقاشات متزايدة حول فعالية التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، وهو ما أثاره الدكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «إكسترا نيوز». أكد عنبر أن الدعم النقدي يحمل في طياته العديد من المكاسب التي يمكن أن تعود بالنفع على الاقتصاد المصري، خاصة في ظل المشكلات التي تعتري منظومة الدعم العيني مثل ارتفاع المصروفات الإدارية وصعوبة ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
مزايا الدعم النقدي مقارنة بالدعم العيني
أوضح الدكتور محمود عنبر أن الدعم النقدي يتيح للدولة تحقيق كفاءة أعلى في توجيه الموارد، حيث يمكن تقليل الهدر الناتج عن الدعم العيني، والذي يتسم بعدم الدقة أحيانًا في الوصول إلى الفئات المستحقة. وأضاف أن الدعم العيني غالبًا ما يواجه مشكلات في التوزيع، فضلًا عن التكاليف الإدارية الكبيرة التي تتحملها الحكومة لضمان إيصال السلع المدعومة للمواطنين.
وأشار إلى أن الدعم النقدي يمنح الأسر حرية أكبر في اختيار السلع التي يحتاجون إليها، وهو ما يخلق مرونة في الإنفاق تناسب الاحتياجات الفردية لكل أسرة، بعكس الدعم العيني الذي قد لا يلبي جميع الاحتياجات بشكل فعّال.
التجارب الدولية في تطبيق الدعم النقدي
لفت عنبر إلى أن التحولات الاقتصادية العالمية دفعت العديد من الدول، مثل البرازيل، إلى تبني سياسات الدعم النقدي كوسيلة فعالة لمواجهة التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة والتضخم العالمي. وأوضح أن هذه الدول اعتمدت على تطوير قواعد بيانات حديثة لضمان وصول الدعم مباشرة إلى الفئات الأكثر احتياجًا، مما عزز من شفافية العملية وأدى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
أهمية إنشاء قاعدة بيانات شاملة للفئات المستحقة
أكد عنبر أن نجاح تجربة الدعم النقدي يعتمد بشكل أساسي على بناء قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة للفئات المستحقة للدعم. وأضاف أن عدم توافر بيانات موثوقة قد يؤدي إلى إهدار الموارد أو عدم تحقيق الأهداف المرجوة من الدعم. ولذلك، شدد على ضرورة تعاون الجهات الحكومية مع مؤسسات المجتمع المدني في تحديد الفئات المستحقة، لضمان وصول الدعم إلى من هم في أشد الحاجة إليه.
الأسئلة التي تطرح حول آلية الدعم النقدي
أثار عنبر مجموعة من التساؤلات حول كيفية تحديد قيمة الدعم النقدي ومن المسؤول عن إدارته، مشيرًا إلى أهمية إيجاد آلية واضحة تضمن تكييف قيمة الدعم مع معدلات التضخم. وتساءل:
- هل ستقتصر إدارة الدعم على الحكومة وحدها؟
- هل ستشارك مؤسسات المجتمع المدني في العملية؟
- كيف سيتم تحديد المبلغ المناسب الذي يحقق العدالة الاجتماعية دون إثقال كاهل ميزانية الدولة؟
تأثير الدعم النقدي على الاستقرار المالي والاقتصادي
أشار الدكتور عنبر إلى أن تطبيق الدعم النقدي يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار المالي للدولة، حيث يساهم في ضبط النفقات الحكومية وتوجيهها بشكل أكثر كفاءة. كما يمكن أن يؤدي إلى تقليل الفساد الذي قد يحدث في بعض منظومات الدعم العيني نتيجة سوء التوزيع أو تهريب السلع المدعومة.
وأضاف أن الدعم النقدي يحد من الهدر في الموارد ويعزز من قدرة الحكومة على الاستجابة السريعة للمتغيرات الاقتصادية، مما ينعكس إيجابيًا على تحسين مستوى معيشة المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة.
الدعم النقدي وتأثيره على الفئات الأكثر احتياجًا
تطرق عنبر إلى أهمية الدعم النقدي في تحسين أوضاع الفئات الأكثر احتياجًا، حيث يمنحهم الفرصة لتوجيه الدعم نحو احتياجاتهم الفعلية. وأوضح أن الدعم النقدي يمكن أن يساهم في رفع مستوى الدخل للأسر البسيطة، مما يساعد على تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الاستهلاك المحلي.
التحول إلى الدعم النقدي كخطوة نحو التنمية الشاملة
في ختام مداخلته، أكد الدكتور محمود عنبر أن التحول إلى الدعم النقدي يعد خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أن هذا التحول يتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا مدروسًا لضمان تحقيق الأهداف المرجوة. كما دعا إلى ضرورة التعاون بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاستفادة القصوى من منظومة الدعم النقدي.