في الأيام الأخيرة، انفجرت أزمة البنزين المغشوش داخل السوق المصري، بعد تداول شهادات كثيرة لمواطنين تعرضت سياراتهم لأعطال مفاجئة بسبب وقود فاسد.
وازدادت القضية اشتعالًا بعد تصريحات النائب مصطفى بكري، الذي وصف الأمر بأنه “عصابة منظمة تعبث بأرواح الناس وأموالهم”، مطالبًا الحكومة بكشف الحقائق للرأي العام.
لكن ما طبيعة هذه الجريمة؟ وهل يقف القانون المصري عاجزًا أمامها؟
أولًا: ماهية الواقعة
الأزمة ليست مجرد مخالفة تموينية عابرة، بل تتعلق بقيام بعض محطات الوقود – بحسب ما أُشيع – ببيع بنزين مغشوش أو مخلوط بمواد ضارة تؤدي إلى إتلاف محركات السيارات
. وتحوم الشكوك حول قيام بعض الموردين أو أصحاب المحطات بخلط البنزين بمواد أرخص (مثل الكيروسين أو المذيبات الصناعية) لتحقيق ربح غير مشروع على حساب المواطن.
ثانيًا: التأصيل القانوني للجريمة
القانون المصري لم يغفل مثل هذه الممارسات، بل اعتبرها جريمة غش وتدليس واتجارًا في مواد ضارة تستوجب أشد العقوبات.
1. قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون 281 لسنة 1994
-
يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه كل من:
-
غش أو شرع في غش سلعة معدة للبيع.
-
عرض أو باع منتجًا غير مطابق للمواصفات.
-
-
تُضاعف العقوبة في حالة العود.
2. قانون التموين رقم 95 لسنة 1945:
-
يُعاقب كل من يخلط عمدًا سلعة بمواد أخرى تغير من طبيعتها أو مواصفاتها.
-
العقوبة: الحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة قد تصل إلى مليون جنيه.
3. قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018:
-
يُلزم الموردين بتوفير سلع آمنة ومطابقة للمواصفات.
-
يعاقب المخالف بالحبس والغرامة، والتعويض المدني للمتضررين.
4. المسؤولية المدنية والجنائية للمورد ومحطة الوقود:
-
المسؤولية لا تقع فقط على عاتق المورد، بل تشمل أيضًا مدير المحطة والعاملين بها إذا ثبت علمهم أو تقصيرهم.
ثالثًا: واجب الدولة والمواطن
إن هذه الجريمة تمس الأمن الاقتصادي والصناعي، وتُعرّض أرواح المواطنين وممتلكاتهم للخطر. وبالتالي، فإن الدولة – ممثلة في جهاز حماية المستهلك، والنيابة العامة، ومباحث التموين – ملزمة بالتحقيق الفوري، والتحفظ على خزانات الوقود، وتحليل عينات البنزين، ومحاسبة كل متورط.
أما المواطن، فله حق الإبلاغ وطلب التعويض المدني عن الأضرار التي لحقت بسيارته أو ممتلكاته.
وأكد المتحدث باسم وزارة البترول والثروة المعدنية أن حملات التفتيش التي نُفذت على محطات الوقود حتى الآن لم ترصد وجود مشكلات في جودة البنزين، مشيرًا إلى أن غالبية الشكاوى الواردة جاءت من منطقة جغرافية بعينها، وهو ما وصفه بـ”المؤشر المهم”.
وأوضح المتحدث أن الوزارة توجهت إلى المواطنين الذين قدموا الشكاوى، وتم سحب عينات من الوقود المستخدم لفحصها وتحليلها، مؤكدًا أن نتائج التحاليل لا تزال قيد الدراسة، وأن الجهات المعنية تتابع الموضوع بكل دقة.
في الختام نؤكد أن المساس بجودة المنتجات البترولية ليس فقط مخالفة إدارية، بل جريمة مكتملة الأركان تستوجب عقوبات رادعة، ورد اعتبار المتضررين قانونيًا ومعنويًا.