تُعتبر كرة القدم الرياضة الشعبية الأولى في العالم، حيث تجذب الملايين من المشجعين المتحمسين الذين يملأون المدرجات لتشجيع فرقهم المفضلة.
ومع ذلك، غالبًا ما يشوب هذه التجربة حوادث مؤسفة تتعلق بالتعامل السيئ من قبل قوات الأمن، سواء كانوا من رجال الشرطة أو أفراد شركات الأمن الخاصة، مثل الشركة الأفريقية التي أثارت جدلاً واسعًا حول كيفية ظهورها المفاجئ في الملاعب.
هذا التعامل القمعي يثير تساؤلات جدية حول تأثيره على الشباب والمجتمع ككل، واحتمالية تحوله إلى بؤرة توتر تهدد الاستقرار.
فيمثل الشباب الشريحة الأكبر من مشجعي كرة القدم، حيث يندفعون بحماس وطاقة عالية لتشجيع فرقهم. هذا الاندفاع، المصحوب بارتفاع مستوى الأدرينالين، يُعتبر جزءًا طبيعيًا من ثقافة التشجيع الرياضي في جميع أنحاء العالم. إلا أن التعامل الخشن والقمعي من قبل قوات الأمن يُحوّل هذا الحماس إلى غضب وإحباط، ما قد يدفع البعض إلى ردود فعل عنيفة.
ونجد أن التعامل السيئ في المدرجات لا يقتصر على مجرد مشاحنات فردية، بل قد يتطور إلى أحداث عنف جماعي. هذه الأحداث قد تستغلها بعض الأطراف لتحقيق أهداف سياسية، ما يُحمّل النظام السياسي أعباءً وتكاليف باهظة، فبدلًا من أن تكون كرة القدم متنفسًا للشباب وتعبيرًا عن انتمائهم، تتحول إلى أداة لزعزعة الاستقرار.
ومن مظاهر هذا التعامل السيئ في مدرجات ملاعبنا المصرية لجوءقوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة ضد المشجعين، حتى في حالات لا تستدعي ذلك، ما يُشعر الجماهير بالظلم والقهر، وقد يتطور الأمر إلى القبض على بعض المشجعين بشكل عشوائي دون وجود أسباب واضحة، ما يُولد لديهم شعورًا بانعدام الأمن.
كما أن الثابت في جميع المباريات ممارسة التفتيش بطريقة مهينة تُقلل من احترام المشجعين وتُشعرهم بالإهانة، كما تُفرض قيود مُبالغ فيها على دخول وخروج المشجعين، ما يُسبب ازدحامًا وتوترًا، وتجسد هذه التصرفات السلبية عدة تأثيرات على الشباب، فهي لا تؤثر فقط على تجربتهم الرياضية، بل قد تترك آثاراً نفسية واجتماعية.
تفقد الجماهير الثقة في مؤسسات الأمن، مما يعزز من مشاعر الإحباط والاغتراب، كما أن تكرار هذه التجارب يمكن أن يؤدي إلى تعميق الفجوات بين الجماهير ورجال الأمن.
إن استمرار هذا الوضع يُنذر بعواقب وخيمة، لذا، نتوجه بنداء عاجل إلى المسؤولين في الدولة بضرورة اتخاذ بعض الإجراءات اللي قد تحافظ على استقرار وهدوء مدرجات كرة القدم، فيجب وضع ضوابط واضحة لقوات الأمن تمنع استخدام القوة المفرطة والاعتقالات التعسفية، كما يجب تدريب قوات الأمن على التعامل مع المشجعين بطريقة حضارية تُراعي حقوق الإنسان، مع فتح قنوات حوار مع الجماهير لفهم مشاكلهم واقتراحاتهم، ولابد من مراجعة عقود شركات الأمن الخاصة، والتأكد من التزامها بمعايير حقوق الإنسان.
فالوضع الحالي يتطلب تدخلاً من المسؤولين، إذ ينبغي عليهم إعادة النظر في أساليب تأمين المباريات، لتحقيق التوازن بين تأمين الفعالية وحماية حقوق الجماهير، فرفع اليد القمعية عن المدرجات سيكون له أثر إيجابي على الأجواء العامة، مما يعزز من التجربة الرياضية ويقلل من احتمالية حدوث العنف.
إن رفع اليد القمعية عن مدرجات كرة القدم ليس فقط مطلبًا للجماهير، بل هو ضرورة وطنية للحفاظ على الأمن والاستقرار. فبدلًا من أن تكون كرة القدم مصدرًا للتوتر، يجب أن تعود إلى دورها الطبيعي كمتنفس للشباب المصري، فالتعامل السيء من قبل رجال الأمن في مباريات كرة القدم ليس مجرد مشكلة آنية، بل ينعكس على المجتمع بأسره.
لذا، يجب أن يعمل الجميع معاً لتغيير هذا الواقع. إن تشجيع الروح الرياضية والتفاعل الإيجابي بين الجماهير ورجال الأمن يمكن أن يساهم في خلق بيئة أفضل للجميع، مما يعزز من سلامة المجتمع بشكل عام.