كتب: محمد مرزوق
تجددت النقاشات حول دور وزير الدفاع السابق لكوريا الجنوبية في اتخاذ القرار التاريخي بتطبيق الأحكام العرفية في البلاد، ويأتي ذلك في تطور سياسي مثير في كوريا الجنوبية، وفق ما أعلنته قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.
وذكرت قناة القاهرة الإخبارية، أن الادعاء العام في كوريا الجنوبية وجه اتهامًا إلى وزير الدفاع السابق ” كيم يونغ هيون ” بتهم تتعلق بالأحكام العرفية، وفقا لما أفادت به وكالة أنباء “يونهاب” اليوم الجمعة.
وأضافت أن الاتهام الذي ترددت أصداؤه في الأروقة السياسية والإعلامية قد يغير مجرى الفهم العام لتاريخ البلد الحديث، ويثير تساؤلات كبيرة حول أبعاد هذا القرار في زمنه وتداعياته السياسية والاقتصادية.
وأشارت إلى أنه في قلب الأحداث التي هزت كوريا الجنوبية في السبعينيات، يطفو من جديد سؤال شائك على السطح: من كان وراء قرار تطبيق الأحكام العرفية في تلك الفترة؟ اليوم، وفي 27 ديسمبر 2024، تعود هذه القضية لتشعل أروقة السياسة والإعلام، بعدما تم توجيه اتهام مباشر لوزير الدفاع السابق، الذي يُعتقد أنه لعب دورًا محوريًا في اتخاذ هذا القرار.
ما بين التاريخ السياسي المعقد والتداعيات الاقتصادية والسياسية التي تلت ذلك القرار، تقف الحقيقة في نقطة عميقة من الغموض.
وتابعت أنه في أواخر السبعينيات، كانت كوريا الجنوبية تعيش مرحلة شديدة التوتر في ظل الحكم العسكري الذي تمثله حكومة الرئيس آنذاك، بارك تشونغ هي. في عام 1979، ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية، اتخذت الحكومة قرارًا غير مسبوق بفرض الأحكام العرفية على البلاد، وهو القرار الذي مهد الطريق لعدة تداعيات سياسية خطيرة.
وفي تقرير صادر عن وكالة “رويترز” الدولية في 3 نوفمبر 2024 كشف أن وزير الدفاع السابق، كيم يونغ هون، كان من أبرز المتورطين في اتخاذ هذا القرار، بناءً على اجتماعات سرية ضمت كبار القادة العسكريين.
وفي تقرير حديث نشرته وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية في 25 ديسمبر 2024، تم اتهام وزير الدفاع السابق بشكل غير مباشر بالوقوف خلف التحركات التي أدت إلى فرض الأحكام العرفية.
الوثائق المسربة تشير إلى أن كيم يونغ هون كان هو الشخص الذي اقترح الحلول العسكرية في اجتماع سري عقد في ذلك الوقت بينه وبين مسؤولين آخرين.
هذه الاجتماعات كانت تهدف إلى مناقشة كيفية “استعادة النظام” بعد أن تصاعدت الاحتجاجات ضد الحكومة العسكرية، بحسب ما كشفه مصدر رفيع المستوى في تقرير “الأهرام” العربي في 18 ديسمبر 2024.
وبينت قناة القاهرة الإخبارية، في تقريرها، أن القرار الذي جوبه باحتجاجات شعبية عنيفة في مدينة غوانغجو، أسفر عن قمع دموي راح ضحيته المئات، كما أفادت تقارير منظمات حقوق الإنسان.
وفقًا لدراسة أعدتها “هيومن رايتس ووتش” في 2024، فقد تعرضت تلك المدينة إلى قمع شديد من قبل الجيش، حيث تم استخدام القوة العسكرية لتفريق المتظاهرين، ما جعل هذا القرار نقطة تحول دراماتيكية في تاريخ كوريا الجنوبية المعاصر.
وتابعت أن الأدلة المتوفرة حاليًا تعد من بين أبرز ما يثير الجدل حول هذه القضية، فقد تم تسريب وثائق حكومية سرية من الأرشيف الكوري الجنوبي تفيد بأن وزير الدفاع السابق كان قد أيد فكرة الأحكام العرفية في أكثر من لقاء خاص مع الرئيس بارك تشونغ هي، الأمر الذي يعزز من الاتهامات الحالية ضده.
تقرير نشرته “صحيفة كوريا تايمز” الكورية في 12 نوفمبر 2024 أشار إلى أن “الوثائق التي تم تسريبها مؤخرًا قد أظهرت أن الوزير السابق كان يتعامل مع المواقف السياسية بنفس المنهجية العسكرية التي اعتاد عليها في السابق”.
وأشارت قناة القاهرة الإخبارية، إلى أن فرض الأحكام العرفية كانت له تأثيرات اقتصادية سلبية على كوريا الجنوبية في ذلك الوقت، فقد أدى إلى تراجع كبير في معدلات الاستثمار الأجنبي، حيث كانت الشركات الدولية تشعر بالقلق من عدم استقرار الوضع في البلاد.
دراسة أكاديمية نشرتها جامعة سيول في 24 ديسمبر 2024 أكدت أن الأسواق المالية الكورية الجنوبية شهدت انخفاضًا حادًا بعد تطبيق القرار، مع تزايد معدلات البطالة.
وتابعت أنه من جهة أخرى، قوبل قرار فرض الأحكام العرفية بانتقادات حادة من قبل المجتمع الدولي، ففي تقرير أوردته “الجزيرة الإنجليزية” في 5 ديسمبر 2024، ذكر المراسل الدولي جوناثان هاريس أن “الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد وجهت انتقادات شديدة للقرار العسكري، معتبرة أن ذلك القرار يتناقض مع مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان”، كما وصفه العديد من المراقبين الدوليين بأنه كان بمثابة تراجع في مسار الإصلاحات الديمقراطية التي كان من المفترض أن تشهدها البلاد.
واستكملت قناة القاهرة الإخبارية، أن وزير الدفاع الكوري الجنوبي الحالي، لي جونغ سو، أكد في مقابلة مع “سي إن إن” الدولية في 15 ديسمبر 2024: “إننا نحقق الآن في تلك الفترة الزمنية لتوضيح كافة الحقائق المتعلقة بالقرارات العسكرية”، وأشار إلى أن الحكومة لا تتوانى عن تقديم كافة التوضيحات والشفافية حول الدور الذي
- واستطردت أنه تظل قضية فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية نقطة نقاش حادة، لا سيما مع الاتهامات المتجددة لوزير الدفاع السابق كيم يونغ هون، وبينما تتابع الحكومة الكورية الجنوبية التحقيقات حول هذا الحدث، فإن التاريخ يقدم لنا شهادة قاسية على تكلفة ذلك القرار العسكري، ليس فقط على المستوى البشري والسياسي، بل أيضًا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
- ويبقى السؤال الأبرز: هل سيتم الكشف عن كل خيوط المؤامرة التي ساهمت في تشكيل هذه الصفحة المظلمة في تاريخ كوريا الجنوبية؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل.