«بأمر الوفد.. نسألك الرحيل».. الوفديون يشهرون الكارت الأحمر في وجه «يمامة» بعد أزمة فصل «البدوي»

تحقيق: محمد مرزوق

فجَّر قرار الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد، بفصل الدكتور السيد البدوي شحاتة، رئيس الحزب الأسبق، من كافة تشكيلات الحزب، عاصفة من الغضب داخل أروقة الحزب العريق، القرار الذي حمل الرقم (1) لسنة 2025، صدر يوم الأحد الموافق 5 يناير 2025، مؤكِّدًا سريانه الفوري مع إلغاء أي قرارات سابقة تتعارض معه

لكن ما إن أُعلن القرار، حتى بدأت أصوات وفدية بارزة تتعالى مطالبة برحيل يمامة نفسه عن رئاسة الحزب، واصفة قراراته بأنها “أحادية وغير لائحية” وسببًا رئيسيًا في تراجع شعبية الوفد لدى المواطنين.

في هذا التقرير نستعرض الخطوط العريضة لبعض من الوفديين داخل الحزب ومطالبات رحيل الدكتور عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد الحالي من حزب الوفد في السطور التالية.

في لحظة فارقة من تاريخ حزب الوفد، أقدم العديد من القيادات الوفدية على خطوة جريئة، مطالبين برحيل رئيس الحزب الحالي، الدكتور عبد السند يمامة، عن منصبه.

هذه الدعوات لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة تراكمات سياسية وتنظيمية ألقت بظلالها على أحد أعرق الأحزاب السياسية في مصر.

وقد أشهر العديد من الوفدين الكارت الأحمر في وجه الدكتور عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد الحالي مطالبينه بالرحيل تحت شعار “بأمر الوفد.. نسألك الرحيل ”

قرارات فردية تهز ثوابت الوفد

أبرز أسباب الغضب المتصاعد داخل البيت الوفدي كان النهج الذي يتبعه عبد السند يمامة في اتخاذ القرارات، والذي وصفه البعض بـ”الفردي والاستبدادي”.

كان قرار فصل الدكتور السيد البدوي شحاتة، الرئيس الأسبق للحزب، بمثابة الشرارة التي أشعلت هذه الأزمة. القرار، الذي صدر دون عرض على الهيئة العليا للحزب أو إجراء تحقيق رسمي، اعتُبر تجاوزًا صريحًا للائحة الحزب وأصوله التنظيمية.

هذا القرار لم يكن الأول من نوعه، بل جاء ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذها يمامة وأثارت استياء واسعًا بين أعضاء الحزب، حيث اعتبرها الكثيرون تعبيرًا عن إدارة أحادية تسعى لإقصاء الأصوات المعارضة وتهميش القيادات التاريخية.

تراجع شعبي غير مسبوق

في عهد عبد السند يمامة، شهد حزب الوفد تراجعًا ملحوظًا في شعبيته وتأثيره على الساحة السياسية المصرية.

وأشار بعض من الوفديبن، إلى أن الحزب فقد كثيرًا من زخمه التقليدي، بعدما كانت قياداته تُعد من أبرز الأصوات في المعارضة المصرية.

وأضافوا أن التراجع الشعبي يرجع إلى غياب رؤية استراتيجية واضحة للحزب، فضلاً عن القرارات المثيرة للجدل التي دفعت شرائح واسعة من قواعد الحزب إلى فقدان الثقة في قيادته الحالية، مبينين أن الحزب أصبح ضحية لرؤية سياسية تفتقر إلى التوازن والحكمة.

استنزاف الرصيد السياسي

خلال السنوات الأخيرة، اتسمت سياسات يمامة بإثارة الانقسامات الداخلية، مما أدى إلى تفكك الصفوف وظهور تيارات متعارضة داخل الحزب.

هذا الانقسام انعكس بشكل مباشر على أداء الحزب في الشارع، حيث بات عاجزًا عن تقديم خطاب سياسي متماسك يلبي تطلعات المواطن المصري.

يصف المستشار أحمد مراد، أحد أعضاء الهيئة العليا للحزب، الوضع الحالي بأنه “أزمة وجود”، موضحًا أن القرار ليس له سند لائحي، ويعبِّر عن نهج استبدادي في إدارة الحزب، والهيئة العليا لن تقف مكتوفة الأيدي وستتخذ كافة الخطوات القانونية لإلغاء القرار وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

وأضاف مراد، في تصريحات خاصة لـ”الحرية”: “قيادة الحزب الحالية لم تنجح فقط في تقليص دور الوفد على الساحة السياسية، بل أضعفت أيضًا قدرته على التواصل مع الشارع، واستمرار عبد السند يمامة يعني استمرار التراجع والانقسام”.

وتابع: “الوفد لم يُخلق ليكون حزبًا للأفراد، بل هو مؤسسة وطنية لها تاريخ يمتد لأكثر من قرن، ويجب أن نعيد تصحيح المسار قبل أن يتحول الحزب إلى مجرد اسم بلا تأثير”.

إقصاء القيادات التاريخية

من بين القضايا التي أضرت بصورة عبد السند يمامة داخل الحزب هي قرارات الفصل والإقصاء التي طالت عددًا من القيادات التاريخية، وأبرز هذه القرارات كان فصل الدكتور السيد البدوي شحاتة، الذي يُعد واحدًا من أبرز الشخصيات التي ساهمت في إعادة بناء الحزب بعد سنوات من التراجع.

وتحدثت السيدة ليلى حسن، إحدى القيادات الوفدية البارزة، عن هذا القرار، قائلة: “فصل السيد البدوي لم يكن مجرد خطأ إداري، بل كان مؤشرًا على انحراف الحزب عن قيمه. عبد السند يمامة حول الوفد إلى حزب يُدار بأوامر فردية، وهو ما يتنافى مع المبادئ الديمقراطية التي نشأ عليها”.

القيادية الوفدية البارزة، في تصريحات خاصة لموقع “الحرية”: “عبد السند يمامة يقود الحزب نحو الهاوية. منذ توليه رئاسة الحزب، وهو يتخذ قرارات فردية دون الرجوع إلى الهيئة العليا، مما أثار استياء الجميع. يجب أن يرحل فورًا حفاظًا على وحدة الحزب ومستقبله”.

وأردفت: “عبد السند يمامة فشل في الحفاظ على وحدة الحزب، فقد أضعفت قراراته مكانتنا السياسية وأفقدتنا ثقة الشارع، واستمرار قيادته يعني المزيد من الانهيار. نحن بحاجة إلى قيادة تقدر تاريخ الوفد وتعمل على استعادة دوره الريادي”.

وأكدت القيادية، أن هناك تحركات جادة بين أعضاء الهيئة العليا لعقد اجتماع طارئ، ليس فقط لإلغاء قرار فصل البدوي، ولكن أيضًا لمناقشة مستقبل القيادة الحالية للحزب.

قرار الفصل يشعل الأزمة

أكدت مصادر مطلعة داخل الحزب، أن قرار فصل الدكتور السيد البدوي شحاتة لم يُعرض على الهيئة العليا لحزب الوفد، كما تقتضي لوائح الحزب.

وأشارت إلى أن أي قرار بفصل عضو من الهيئة الوفدية يتطلب موافقة الهيئة العليا بعد تحقيق شامل، وهو ما لم يحدث.

وقال مصدر وفدي بارز، رفض الكشف عن اسمه: “هذا القرار هو سابقة خطيرة في تاريخ الوفد، حيث لم يسبق أن تم فصل أحد الرموز الوفدية الكبرى بهذه الطريقة، دون تشاور أو تحقيق”.

الأزمة الأخيرة هي انعكاس لتدهور حالة حزب الوفد

على الجانب الآخر، يرى العديد من الوفديين أن الأزمة الأخيرة هي انعكاس لتدهور حالة حزب الوفد، الذي كان يُعتبر يومًا ما أحد أعمدة الحياة السياسية في مصر، وأن القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها يمامة خلال الأشهر الأخيرة أدت إلى استنزاف رصيد الحزب السياسي والشعبي، خاصة مع تزايد الانقسامات الداخلية.

وأكدوا أن حزب الوفد يواجه تحديات وجودية غير مسبوقة، أبرزها افتقاده للتواصل مع القواعد الشعبية في الشارع المصري، إضافة إلى الخلافات الداخلية التي تعصف بقيادته.

تحركات لعقد اجتماع طارئ

في ضوء الأزمة المتصاعدة، كشفت المصادر عن اجتماع مرتقب للهيئة العليا للحزب خلال الأيام القليلة المقبلة، بهدف بحث إلغاء قرار الفصل ومراجعة القرارات الأخرى التي أصدرها عبد السند يمامة مؤخرًا.

وتأتي هذه التحركات وسط حالة من الغليان بين قيادات الحزب، التي ترى أن هذه القرارات العشوائية تسببت في إضعاف مكانة الوفد على الساحة السياسية.

وقال مصدر مطلع داخل الهيئة: “قرار الفصل ليس سوى قمة جبل الجليد. هناك قرارات كثيرة اتُخذت دون الرجوع للهيئة العليا، ما يعكس تهميشًا متعمدًا للأطر التنظيمية”.

وأضاف المصدر: “الأزمة الحالية فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب واستعادة ثقة أعضائه. الهيئة العليا ملتزمة بالعمل على تصحيح المسار وإنقاذ الحزب من أزماته المتلاحقة”.

تصعيد غير مسبوق من البدوي

من جانبه، أعلن الدكتور السيد البدوي شحاتة، الذي شغل سابقًا منصب رئيس الحزب لفترتين متتاليتين، رفضه القاطع للقرار.

وقال البدوي: “هذا القرار باطل قانونًا ولائحيًا، ولن أسمح بإهانة تاريخ الوفد أو تشويهه من قبل قيادة لا تمتلك رؤية أو احترامًا لمبادئ الحزب. أنا على استعداد لمواجهة هذه التجاوزات بكل الوسائل المتاحة”.

وتابع: “لن أجلس مع عبد السند يمامة أو أتفاوض معه ما دام في موقعه. الحزب أكبر من الأفراد، وسنستعيد مكانته رغم كل هذه العثرات”.

وأكد أن تحركاته المستقبلية ستكون موجهة نحو استعادة الحزب لقيمه وثوابته التي فقدها في عهد القيادة الحالية.

مطالبات رحيل يمامة.. تصحيح المسار أم بداية النهاية؟

المطالبات برحيل عبد السند يمامة لا تهدف فقط إلى إنهاء قيادته للحزب، بل تُعبر عن رغبة عارمة في إعادة بناء الحزب على أسس ديمقراطية تعيد إليه مكانته التاريخية.

وقال المهندس سامي الجمل، أحد القيادات الوفدية الشابة: “عبد السند يمامة قاد الحزب إلى عزلة سياسية غير مسبوقة، وقراراته الفردية ليست سوى انعكاس لغياب رؤية استراتيجية تواكب التحديات الراهنة، والشباب اليوم يشعرون بالإقصاء وعدم المشاركة، وهو ما يجعلنا نصر على المطالبة برحيله وفتح المجال أمام قيادة جديدة قادرة على إعادة الحزب لمساره الصحيح”.

وأضاف الجمل: “رحيل يمامة ليس خيارًا بل ضرورة، والحزب بحاجة إلى قيادة جديدة تمتلك رؤية شاملة وقادرة على توحيد الصفوف وإعادة بناء الثقة مع الشارع المصري”.

 “لا مستقبل مع الاستبداد”

ويرى محمد عادل، شاب وفدي بارز، أن أزمة الحزب لم تعد مقصورة على القيادات، بل امتدت إلى جيل الشباب الذي يشعر بالتهميش والخذلان.

وفي حديثه، أكد: “الحزب بحاجة إلى قيادة تستمع إلى صوت الشباب وتتيح لهم الفرصة للمشاركة. عبد السند يمامة أغلق كل الأبواب أمام التجديد، وقراراته لم تجلب سوى الانقسام والخلافات. نحن هنا لنقول بصوت عالٍ: الوفد بحاجة إلى تغيير حقيقي يبدأ من القمة”.

وأضاف: “مع تصاعد الغضب من سياسات الدكتور عبد السند يمامة، باتت المطالبات برحيله تمثل صرخة إنقاذ لحزب الوفد. فجميع القيادات والشباب على أن الوفد أمام مفترق طرق، إما أن يتبنى الإصلاح ويعيد بناء جسور الثقة مع أعضائه وقواعده الشعبية، أو يواصل الانحدار نحو مزيد من العزلة والتراجع السياسي”.

وفي نهاية حديثه طرح عادل تساؤلاً: “هل سيستجيب يمامة لهذه الدعوات المتزايدة، أم أن الأزمة ستتفاقم لتكتب فصلاً جديدًا من الانقسام داخل هذا الكيان السياسي العريق؟!”.

نهاية عهد أم بداية جديدة؟

بين قرارات الإقصاء واتهامات الاستبداد، يجد حزب الوفد نفسه أمام مفترق طرق، ومع تصاعد الضغوط والمطالبات، يبدو أن أيام عبد السند يمامة في رئاسة حزب الوفد أصبحت معدودة.

وفي النهاية هناك أسئلة تفرض نفسها هنا: هل تنجح الهيئة العليا في استعادة زمام الأمور وإعادة ترتيب البيت الداخلي، أم أن هذه الأزمة ستفتح الباب أمام مزيد من الانقسامات قد تضعف الحزب إلى حد التلاشي؟.. هل سيشهد الحزب عهدًا جديدًا يعيد له بريقه التاريخي، أم أن أزماته الداخلية ستستمر في استنزاف ما تبقى من رصيده السياسي؟

الأيام المقبلة ستحمل الإجابة، لكنها بالتأكيد ستشهد فصولًا جديدة من الصراع الذي بات يهدد تاريخ الوفد ومستقبله، ومعها يبقى الوفد أمام منعطف خطير، إما أن يختار الإصلاح والتجديد، أو يواجه خطر الانزلاق نحو هامش الساحة السياسية، ليخسر بذلك دوره كأحد أعمدة الحركة الوطنية في مصر.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.