أعلن الجيش السوداني اليوم (الثلاثاء) سيطرته الكاملة على ولاية الخرطوم، وذلك بعد معارك طاحنة أدت إلى “سحق” قوات الدعم السريع في معاقلها جنوب مدينة أم درمان أحد أجزاء العاصمة السودانية الخرطوم .
يأتي هذا الإعلان في ظل غياب أي تعليقات رسمية من قوات الدعم السريع، ويفتح الباب أمام تحديات جديدة تتعلق بسلامة العائدين إلى العاصمة التي باتت شوارعها ومبانيها مليئة بالذخائر والصواريخ غير المتفجرة.
الجيش ينهي وجود “المتمردين” في الخرطوم
جاء إعلان الجيش السوداني، على لسان الناطق الرسمي باسمه، العميد الركن نبيل عبد الله، في بيان صحافي بثه على المنصة الرسمية للجيش على “فيسبوك”.
أكد البيان “اكتمال تطهير كامل ولاية الخرطوم” ونجاحها في “تطهير” العاصمة من “دنس المتمردين”، مضيفًا أن “ولاية الخرطوم خالية تماماً من المتمردين”.
تعتبر هذه الخطوة تتويجًا لجهود الجيش السوداني التي بدأت في 28 مارس الماضي، عندما أعلن سيطرته على مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري.
جاء ذلك بعد أسبوع من استعادته القصر الرئاسي الذي كانت “قوات الدعم السريع” تسيطر عليه منذ الأيام الأولى للحرب في أبريل 2023.
وكانت “قوات الدعم السريع” قد انسحبت من الخرطوم عبر جسر خزان “جبل أولياء”، وتمركزت في مناطق جنوب وغرب أم درمان، وتحديداً في منطقة “صالحة”.
خاض الجيش معارك متفرقة هناك، واستعاد معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها الدعم السريع، وظلت “صالحة” المركز الرئيسي لـ “قوات الدعم السريع” حتى إعلان الجيش اليوم طردها منها.
أهمية استراتيجية للسيطرة على أم درمان
كانت مناطق غرب وجنوب أم درمان بمثابة خط دفاع متقدم لـ “قوات الدعم السريع” على مناطق سيطرتها في ولاية شمال كردفان، ومدن الولاية الشمالية الشرقية، وعلى رأسها مدينة “بارا”.
وبعد طرد الدعم السريع منها، ينفتح الطريق أمام الجيش لاستعادة السيطرة على الطريق البري الرابط بين أم درمان والأبيض (عاصمة ولاية شمال كردفان).
وفي سياق متصل، لا تزال المعارك تدور في ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان بين الجيش و”قوات الدعم السريع”، حول مدن “الخوي” والنهود، وذلك بعد انفتاح الجيش من مدينة الأبيض، الذي أعقب سيطرة “الدعم السريع” على مدينة “النهود” الاستراتيجية.
الخطر الجديد: الذخائر غير المنفجرة تهدد العائدين
مع إعلان الجيش سيطرته على الخرطوم، يواجه المدنيون العائدون إلى العاصمة خطرًا جديدًا يتمثل في انتشار الذخائر والصواريخ والألغام في الشوارع والمنازل والمدارس والمتاجر. لكن مع ذلك تستمر رحلات العودة الطوعية للسودانين من مصر للخرطوم .
أفادت تقارير أن هذه المتفجرات تشكل تهديدًا كبيرًا للعائلات التي بدأت بالعودة إلى المباني التي كانت “قوات الدعم السريع” تسيطر عليها.
تعمل فرق تطهير سودانية، بالتعاون مع فرق تابعة للأمم المتحدة، على تفقد الأوضاع وتأمين الأماكن، لكنهم يواجهون تحديات كبيرة تتمثل في نقص الموظفين والتمويل، خاصة بعد خفض المساعدات الأمريكية.
ففي حي العمارات بالخرطوم، أشار شهود عيان لوكالة “رويترز” إلى وجود قذائف على الطرق الترابية وصواريخ في مركبات محطمة. كما ذكر حارس مبنى أنه تم العثور على ذخائر وطائرات مسيرة في قبو أحد المباني وإزالتها
لكن في نفس الوقت نقلت رويترز عن نفس شاهد العيان قوله أن الصواريخ المضادة للدبابات لا تزال موجودة، معربًا عن خشيته من أن يؤدي انفجار واحد إلى تدمير المكان بأكمله.
تحديات هائلة أمام جهود إزالة الألغام
تتفاقم الأزمة مع عودة أكثر من 100 ألف شخص إلى الخرطوم ومعظم مناطق وسط السودان منذ استعادة الجيش السيطرة، بعد الصراع الذي اندلع بسبب خطط دمج “قوات الدعم السريع” في القوات المسلحة.
من جهته، أعلن المركز القومي لمكافحة الألغام في السودان تدمير أكثر من 12 ألف جسم متفجر منذ بدء الحرب. وقال مدير المركز، اللواء الركن خالد حمدان، إنه تم اكتشاف 5 آلاف جسم آخر منذ توسيع نطاق العمليات لتشمل الأراضي التي استعيدت مؤخرًا.
ورغم الجهود المبذولة، فإن التقارير تشير إلى مقتل 16 مدنيًا على الأقل وإصابة العشرات جراء انفجارات لذخائر خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع مخاوف من أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك.